• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

عظمته سبحانه وعلو قدره عز وجل

د. عائض القريض

عظمته سبحانه وعلو قدره عز وجل
 ◄من أعظم أسمائه سبحانه: العظيم، ومن أعظم صفاته العظمة، فهو عظيم في ذاته، عظيم في أسمائه وصفاته، عظيم في أفعاله، وهذه أحاديث عن عظمته سبحانه كلها صحيحة.

يقول عليه الصلاة والسلام: "إذ قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله، كأنّه سلسلة على صفوانٍ – قال: عليٌ وقال غيره، صفوان ينفذهم ذلك" – (إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (سبأ/ 23).

وقال: "أرأيتم ما أنفق الله عزّ وجلّ منذ خلق السموات والأرض فإنّه لم ينقص ما في يمينه، وعرشه على الماء، وبيده الأخرى الميزان، يرفع ويخفض".

وقال: "قدر الله عزّ وجلّ المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة".

وقال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له".

وجاء حبر من الأحبار إلى رسول الله (ص) فقال: "يا محمد إنا نجد أنّ الله يجعل السماوات على إصبع والأراضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك فضحك النبي (ص) حتى بدت نواجذه، تصديقاً لقول الحبر. ثمّ قرأ رسول الله (ص): (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الزمر/ 67).

وقال: "لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول: قط قط، وعزتك ويزوي بعضها إلى بعض".

وقال: "كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء ثمّ خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء".

وقال: "إنّ الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل؛ حتى تطلع الشمس من مغربها".

وقال: "إنّ الله تعالى زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ مُلكها ما زُوي لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض".

وقال: "قال الله تعالى: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أوّل الخلق بأهون عليَّ من إعادته. وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولداً، وأنا الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفواً أحداً".

عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: حدثني رجال من الأنصار أنهم بينما هم جلوس ليلة مع رسول الله (ص) رُمي بنجم فاستنار فقال لهم رسول الله (ص): "ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، كنا نقول: ولد الليلة رجل عظيم، ومات رجل عظيم. فقال رسول الله (ص): فإنها لا يُرمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا تبارك وتعالى اسمه إذا قضى أمراً سبح حملة العرش، ثمّ سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح هذه السماء الدنيا، ثمّ قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ماذا قال، قال: فيستخبر بعض أهل السماوات بعضاً حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا، فتخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائهم ويرمون به فما جاؤوا به على وجهه فهو حق، ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون".

وقال: "إنّ لله عزّ وجلّ تسعة وتسعون اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة".

وقال: "يأخذ الجبار سماواته وأرضه بيده فيقول: أنا الملك أين الجبارون وأين المتكبرون".

وقال: "إنّ الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل".

وقال: "يطوي الله السماوات يوم القيامة ثمّ يأخذهن بيده اليمنى، ثمّ يقول أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثمّ يطوي الأرضين السبع، ثمّ يأخذهن بشماله، ثمّ يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟".

وقال: "مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غدٍ إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطرُ أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله".

عن مسروق عن عائشة (رض) قالت: "من حدثك أن محمداً (ص) رأى ربه فقد كذب، وهو يقول: (لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ) (الأنعام/ 103)، ومن حدثك أنّه يعلم الغيب فقد كذب وهو يقول: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ) (النمل/ 65).

وقال: "يد الله ملآى لا يغيضها نفقة، سحَّاء الليل والنهار. وقال: أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنّه لم يغض ما في يده".

وقال: "وكان عرشه على الماء وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع".

عن جرير – رضي الله عنه – قال: كنّا جلوساً عند النبي (ص) إذ نظر إلى القمر ليلة البدر، قال: "إنّكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها فافعلوا".

فسبحان من سجد لعظمته العظماء؛ ووجل من خشيته الأقوياء، وقامت بقدرته الأرض والسماء. لو أذن للجبال أن تنطق بالمكنون، وتبيح بالسر المدفون لصاحت: لا إله إلا الله.

لو فهمنا نطق الكائنات، ولو سمعنا خطاب المخلوقات، ولو علمنا منطق الطير في السماء، ولغة السمكة في الماء، لعجبنا من لهج الجميع بلا إله إلا الله.

لو تحدّث الشجر، وتكلم الحجر، ولو صاحت الجداول، وأنشدت الخمائل لما سمعنا فيها غير: الله الله.

زمجر الرعد ليقول هذه بشارة رحمته فكيف نذير عذابه، لمع البرق ليقول هذه بسمة فرجه بنزول الغيث على عباده.

شمخت الجبال كأصابع المسبحين، وصمتت كأنها الشيوخ الخاشعين ولسان الحال والمقال، ينادي: تبارك الله أحسن الخالقين.

إذا رأيت الروض البهيج، وشممت الأريج، ونظرت إلى الألوان الزاهية، والأشكال الباهية، ولمحت الحسن المتناهي، والجمال الفائق، والمنظر الخلاب، والسحر الجذّاب، والتركيب البديع، الغمام ينقّط، والحمام يلقط، والورق يسقط والشعاع يسري، والكون في مهرجان حافل يمدح الملك القدوس بقصائد العظيم ولسان الحال يهتف تبارك (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (السجدة/ 7).►

 

المصدر: كتاب (العَظَمَة)

ارسال التعليق

Top