• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

قواعد التحدث أمام الآخرين وإلقاء الخطابات

قواعد التحدث أمام الآخرين وإلقاء الخطابات

        كثيرة هي المواقف التي تستدعي أحياناً التحدث أمام مجموعة من الناس، كما أنّه في عصرنا الحالي المتميز بالانفتاح والتحرر والتطور، فإن فن التحدث أمام الآخرين بات أمراً ضرورياً في حياتنا الشخصية كما المهنية. فهل تملك المهارات في إيصال الخطاب وإتقان فن الإتصال مع الآخرين؟

    يقضي أغلبية الناس وقتهم في التكلم، إلا أنّ الكثيرين يشعرون بالارتباك والرهبة عند التحدث أمام مجموعة من الناس، سواء أكان ذلك في اجتماع عمل أم خلال لقاء لأهالي الطلاب أم حتى في الأعراس والمناسبات الاجتماعية الخاصة. فإذا كنت تنتمي إلى هذه الفئة من الأشخاص، الذين يهابون إلقاء الخطابات أو يشعرون بالخجل لدى عرضهم موضوعاً ما على الآخرين، يستحسن لك معرفة قواعد إتقان فن التحدث أمام الآخرين، لكي تحقق الأهداف التي ترجوها.

    يمكن لأي شخص أن يتقن فن إلقاء الخطاب أو التحدث أمام مجموعة من الناس، في حال اتبع الخطوات التالي:

    1- اختيار الموضوع المناسب ومعرفة جوانبه كاملاً: أفضل ما يمكنك القيام به وهو معرفة الكثير عن الموضوع الذي ستتحدث عنه. أغلبية المخاوف التي قد تنتابك أثناء إلقاء الخطاب، تنبع من قلقك مما إذا كنت سترتكب هفوة أو خطأ ما في الكلام، أو ما إذا كان المستمعون يعرفون عن الموضوع أكثر منك. لكن، متى كنت واثقاً بامتلاكك المعلومات كافة، فإنّك لن تجد صعوبة في التحدث. لذا، حدد موضوعك بدقة واجمع معلومات عنه لتكون قادراً على تغطية كل جوانبه.

    2- تحديد الغرض من الخطاب أو الحديث: بتحديدك الهدف من وراء إلقاء الخطاب، سيسهل عليك إعداده بالشكل المطلوب. مثلاً، إذا كان الهدف هو إخبار أو إعلام الجمهور بأمر ما، عليك التركيز على تقديم الحقائق والمعلومات بطريقة مباشرة. أمّا إذا كان الهدف من وراء حديثك هو إقناع جمهورك بموضوع ما أو فعل ما أو تبني فكرة معيّنة، يستحسن عندها، إلى جانب عرض الوقائع، التركيز على مخاطبة عواطف الجمهور. أما إذا كان الهدف من الخطاب هو إمتاع الجمهور وتسليته، فإنّ الأمر يتطلب منك الاسترخاء والتمتع بروح وإخبار قصص مسلية تشعر المستمعين بالسرور والبهجة.

    3- تنظيم محتوى موضوعك: عادة ما يتميز الحديث الناجح بدقة تنظيمه، تماماً كأي موضوع مكتوب. ابدأ حديثك دوماً بجملة تشد انتباه الجمهور، إن كان من خلال إضحاكه أو إثارة دهشة، ثمّ اسرد تفاصيل موضوع والوقائع والمعلومات التي تريد أن تنقلها إلى الآخرين، واختم خطابك دوماً باختيار عبارات أو جمل تترك انطباعاً عميقاً في الجمهور.

    4- معرفة نوعية الجمهور المستمع: من المهم جدّاً أن تكون لديك فكرة عامة عن صفات الجمهور المستمع، مثل متوسط أعمار الحضور ومستواهم التعليمي وتوجهاتهم العامة، إضافة إلى عددهم أو حجمهم. استناداً إلى تلك المعطيات، يمكنك اختيار مفرداتك وتراكيب جملك وطريقة عرضك للوقائع. فالتحدث أمام مجموعة من تلاميذ المدارس، يختلف عن التوجه إلى مجموعة من مديري الشركات أو مجموعة من الأُمّهات. كما أنّ التحدث أمام أعداد كبيرة، يتطلب اعتماد خطاب أكثر رسمية، وقد يكون من على منبر أو منصة. أما التحدث أمام مجموعة صغيرة، فيمكن أن تتم وأنت جالس على مقعدك وسطهم.

    5- الاستعداد للدقائق الخمس الأولى: نادراً ما يشعر الشخص بالخوف طيلة فترة إلقائه المحاضرة، إذ غالباً ما يرتبك في الدقائق الأولى من الحديث، وبعدها يبدأ بالارتياح. أليس كذلك؟ إذن، حاول دوماً أن تتغلب على أي ارتباك خلال تلك الدقائق الأولى، وسترى كيفية انسياب الكلام بسهولة بعد ذلك.

    6- التنفس جيِّداً: اعلم أنّ الخوف هو أحد ردود الفعل الجسدية التي يمكنك التغلب عليها. عندما ينتابك الخوف، فإن وتيرة تنفسك تتغير، إذ تصبح سريعة وقصيرة، لذا، خذ نفساً عميقاً أثناء تقديمك للجمهور، أو قبل أن تبدأ حديثك.

    7- قل لنفسك انّ العالم لن ينهار إذا ارتكبت خطأ ما أثناء إلقاء الخطاب: من الطبيعي جدّاً أن يخطئ الإنسان أثناء الحديث، لكن عليك التمتع بسرعة البديهة لتصحيح خطئك واستدراك الأمور فوراً. يمكنك تحويل الخطأ إلى طرفة ومن ثمّ متابعة الكلام وكأن شيئاً لم يكن.

    8- اعلم أنّك قد تكون أسوأ ناقد لذاتك: غالباً ما يقول الإنسان بعد انتهائه من إلقاء الخطاب أو تقديم العرض، إنّه كان سيئاً جدّاً وإنّه أخفق في تحقيق هدفه، أو إنّه لم يوفق في عرضه، على الرغم من أنّ الجمهور قد يكون رأيه مغايراً. أغلبية الناس التي تأتي للاستماع لمحاضرة أو خطاب ما، لا تأتي بهدف أنتقاد المقدم أو المتحدث ووضعه تحت المجهر طيلة الوقت. لذا، فكر دوماً في أن أي شخص آخر سيشعر بالارتباك أيضاً، في حال طلب منه التحدث أمام الجمهور، وهذا يعني أنك لست الوحيد الذي يعاني هذه المشكلة. متى أدركت ذلك، ستتمكن من إلقاء خطابك بكل ثقة، وهو ما ينعكس إيجاباً على أسلوبك في الحديث. بالتالي، ضمان استقبال الجمهور لما تقوله بشكل إيجابي أيضاً.

    9- التركيز على طريقة إلقاء الحديث: عليك اختيار طريقة إلقاء خطابك أو محاضرتك. وهذا يعتمد على نوعية الجمهور الذي أمامك. إذا اخترت مثلاً قراءة خطابك، فاحرص على عدم قراءته بوتيرة تثير الملل لدى المستمعين. حاول دوماً متابعة رد فعل الجمهور لمعرفة ما إذا كان كلامك يثير اهتمامه. من هنا، وجب عليك كتابة موضوعك بعناية ودقة مع تضمينه بضع طرائف أو أخبار مثيرة للضحك. في حال فضلت حفظ خطابك من دون الاستعانة بأي أوراق، وجب عليك حفظه جيِّداً جدّاً لكي لا تواجه خطر نسيان أي نقاط مهمة. واحرص على أن تحفظه بطريقة تمكنك من إحداث أي تعديل فيه تماشياً مع رد فعل الجمهور. أما إذا اخترت أن ترتجل حديثك، فيتوجب عليك تنظيم أفكارك قبل البدء بالكلام، وتدوين النقاط الرئيسية على ورقة صغيرة أو إعداد خارطة بأفكارك والمعلومات التي تنوي التطرق إليها، حتى لا تقع في فخ الإطالة أو التكرار، ما يفقد خطابك قيمته.

    10- استخدام المؤثرات البصرية أو السمعية: كالصور أو الخرائط أو التسجيلات الصوتية أو الأغاني أو مقاطع الفيديو. هذه الوسائل البصرية والسمعية، تضفي حياة على حديثك وتثير انتباه الجمهور وتساعده على تذكر المعلومات. من المهم جدّاً أن تتدرب على كيفية استخدامها بشكل جيِّد، وأن تنتقي الوقت المناسب عرضها على الجمهور. تأكد دوماً قبل إلقاء محاضرتك أو خطابك، من أنّ الوسيلة التي اخترتها جاهزة للتشغيل أو العرض، وأن كل المستلزمات التي تحتاج إليها تلك الوسيلة موجودة في مكانها.

    11- الانتباه إلى لغة الجسد والمظهر: للمظهر ولغة الجسد دور مهم جدّاً في التأثير في الجمهور. لضمان نجاح خطابك كاملاً، احرص على اختيار الملابس المناسبة، إذ لا يجوز مثلاً أن ترتدي الجينز وحذاء رياضياً أثناء إلقائك محاضرة أمام مجموعة من رجال الأعمال أو رؤساء شركات ومديرين تنفيذيين، لأن كلامك لن يؤخذ على محمل الجد. كما لا يجوز للمرأة أن تغالي في ارتداء ملابسها وتضع ماكياجاً قوياً وترتدي كل اكسسواراتها أو مجوهراتها، لدى إلقائها خطاباً في اجتماع عمل نهاري، حتى لا تشتت انتباه الحضور من جهة، ومن جهة أخرى حتى لا يقال عنها إنها إنسانة تهتم بالقشور ومظاهر الأمور وليس في عمق الأشياء. في الوقت الذي يعد استخدام حركات اليدين أمراً ضرورياً لتأكيد ما تقوله، أو إعطاء شرح إضافي، فإنّ الإسراف في استخدامها من الممكن أن يشتت انتباه الجمهور عما تقوله. طريقة وقوفك على المنبر أو المسرح لها تأثير أيضاً في الجمهور. لذا، احرص على أن تقف بشكل مستقيم يدل على ثقتك بنفسك، ما يجعل الجمهور يصدق المعلومات التي تنقلها إليه ويقتنع بها. من المهم جدّاً أن توجه كلامك إلى الجمهور عن طريق توجيه نظرك إليه واستخدام عبارات التخاطب معه، حتى يشعر بأنّه معني بحديثك وبأنّه محور اهتمامك، فيبادلك بالمثل.

ارسال التعليق

Top