• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

كيف نعيش فرحة العيد؟

كيف نعيش فرحة العيد؟

◄يشكّل العيد مناسبةً للفرح، وموعداً للسرور، وخصوصاً عيد الفطر السعيد، الذي يعتبر بمثابة موسم الحصاد للصائمين، حيث يتلقّون فيه الجوائز الإلهيّة على ما أدّوه من طاعات، وما قاموا به من فرائض طوال هذا الشهر المبارك.

وبالنسبة إلى الكثير من الناس، فإنّ العيد قد يشكِّل محطَّةً سلبيةً، من خلال العودة إلى ما اعتادوه من أجواء قبل شهر الصيام، فإذا كانوا يقومون ببعض الأُمور التي تخالف الشَّرع، والتي يحجمون عن فعلها خلال هذا الشهر، فإنّهم يرجعون إليها، ويعودون إلى سيرتهم الأُولى، ويغرقون في المعاصي من جديد، وكأنّ شهر رمضان هو مساحة معزولة من الزمن، يقومون فيها ببعض العبادات، ثمّ يتوقّفون عن ذلك مع نهاية الشهر، فهؤلاء يكونون قد خرجوا خاسرين من هذا الموسم، لأنّهم يكونون من الذين ليس لهم من صيامهم إلّا الجوع والعطش.

أمّا الفائزون فعلاً، فهم الذين يستطيعون أن يجعلوا من شهر رمضان زاداً روحياً طوال السنة، ويجعلوا منه فرصةً لتغيير أنفُسهم، والتقرّب من الله أكثر، والتخلّق بأخلاق المؤمنين، والقيام بما يحبّه الله ويرضاه على المستوى الروحي وعلى المستوى الاجتماعي، بحيث لا يقتصر الأثر الإيجابي للعبادة في دائرة ذواتهم، بل يتعدَّاه إلى المجتمع من حولهم، عندما يقومون بدورهم في مساعدة الآخرين، وخصوصاً من يحتاجون إلى المساعدة، مثل الفئات الفقيرة والمحرومة في المجتمع، الذين أوصى الله تعالى برعايتهم والإحسان إليهم.

هكذا، يعيش الإنسان فرح الطاعة في العيد، لكونه قد نال رضا الله، وجعل من نفسه إنساناً أفضل، من خلال أدائه لهذه الفريضة، كما أنّ عليه أن يكون مصدراً للفرح للآخرين، سواء أهله وعياله، أو الفقراء والمساكين، ومن أجل ذلك، كانت زكاة الفطرة التي تجعله يفكِّر في منح الفرح لمن لا يستطيعون إليه سبيلاً، فكما أنّه شارك في صوم الفقراء وشعر بالجوع معهم، حتى يشعر بمعاناتهم، فإنّ ذلك يدفعه لأن يدفع من أمواله إليهم، كما قال تعالى: (وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ) (النور/ 33).

وهكذا يكون الإنسان المؤمن عنصر فرحٍ وسرورٍ للمؤمنين، ولا سيّما الأقربين منه، فيكون المؤمن عنصر فرح وسرور لزوجته وأولاده، والزوجة تكون عنصر فرح لزوجها وأولادها، وهكذا بالنسبة إلى المؤمنين، بحيث ندرس ونعمل على تلبية الحاجة التي تفرّح الإنسان وتسرّه وتكون في طاعة الله، حتى نصنع في مجتمعنا الفرح، وذلك هو الذي يؤدِّي بالإنسان إلى فرح الآخر.

وإنّ من أكثر موارد الأجر والثواب للمؤمن، هو إدخال الفرح على الأيتام الذين فقدوا معيلهم، وقد ورد عن رسول الله (ص): «إنّ في الجنّة داراً يُقال لها دار الفرح، فلا يدخلها إلّا مَن فرَّح يتامى المؤمنين»، وفرح يتامى المؤمنين هو بكفالتهم ورعايتهم، حتى لا يشعروا بالإهمال والنقص والأسى، فهذه هي الأوقات المباركة، فكم يبعث على السرور والراحة لدى الإنسان، أن يساهم في نشر الفرح على وجوه هؤلاء الذين أوصى بهم الله تعالى!

وفي المقابل، فإنّ مَن يدخل الحزن والأسى في قلوب المؤمنين، يكون ممّن يعصي الله معصيةً كبيرة، وقد تحدَّث الله تعالى عن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات، بأنّهم يحتملون بُهتاناً وإثماً مبيناً، وهو ما يدلُّ على العقاب الذي سيتعرَّض له أُولئك الذين يُدخلون الألم في قلوب الناس، من خلال إثارة العصبيات التي تؤذي المؤمنين وتسيء إلى ساحتهم أو تضرّ بهم.

في أجواء عيد الفطر المبارك، علينا أن نكون كما أرادنا الله، مصدر فرحٍ وسعادةٍ وسرورٍ لأهلنا وأرحامنا ومجتمعنا، حتى ننال الفرح والسرور عند الله تعالى، فنكون بذلك من الفائزين.►

ارسال التعليق

Top