• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مراحل استخدام الوسائل الإلكترونية في الصحافة

د. عبدالأمير الفيصل

مراحل استخدام الوسائل الإلكترونية في الصحافة

◄لقد مرت الصحافة الحديثة بمراحل عدة في استخدامها للوسائل التكنولوجية الجديدة حيث بدأت الصحف منذ الستينيات في استخدام أنظمة الجمع الإلكتروني، لتمثل بذلك بداية تحول الصحف إلى استخدام الأنظمة الرقمية، وفي هذا الوقت ومنذ حوالي 30 عاماً تقريباً دعا (فيليب ماير) إلى استخدام الكمبيوتر في جمع الأخبار فيما عرف بصحافة التدقيق (Precision Journalism) كوسيلة تساعد في تطبيق أساليب العلوم الاجتماعية والنفسية في التغطية الصحفية، وحتى منتصف الثمانينيات لم يطبق الصحفيون هذه الرؤية بشكل متكامل في معالجة قصصهم الصحفية، لأنّها كانت تقتضي استخدام أنظمة حاسبات كبيرة ومعقدة، ولكن وبالتدريج بدأت تقنيات معالجة المعلومات القائمة على استخدام الحاسبات الإلكترونية تدخل إلى مجال معالجة الأخبار في الصحافة، حتى قال البعض إنّه لا يوجد اختلاف كبير بين عمل التدوين الصحفي وعمل العلماء الاجتماعيين فكلاهما يدرس السلوك البشري ويجمع المعلومات ويحللها وينشرها.

ومع بداية التسعينيات من القرن الماضي بدأت تدخل أجهزة الحاسبات الإلكترونية بشكل مكثف إلى غرف الأخبار في الصحف الأمريكية والكندية، وفي بلدان أخرى عديدة حيث بدأ استخدامها في الكتابة والتحرير والصحف والجمع الإلكتروني وبدأت بعض الصحف تتحول إلى الآلية الكاملة في عملية الإنتاج من خلال إدخال الحاسبات الإلكترونية، ووسائل الاتصال السلكية واللاسلكية في معظم مراحل الإنتاج كما بدأت هذه الصحف تحوّل ملفاتها من القصاصات الورقية إلى ملفات إلكترونية وزادت عمليات التفاعل الإلكتروني ما بين قواعد البيانات والمعلومات المتاحة أمام الصحف، وتم ربط بنوك المعلومات الصحفية ببنوك المعلومات المحلية والدولية كما تصاعد حجم قواعد المعلومات التجارية وتنوعت خدمتها المعلوماتية والصحفية.

وفي التسعينيات أيضاً ومع تطور وسائل الاتصال وتقنيتها وانخفاض تكلفة أجهزة الحاسبات الإلكترونية وتنوع أحجامها، أصبح المندوبون قادرين على الاتصال بالنشرات الإلكترونية المحلية والإنترنت، وبفضل التقدم في الاتصالات السلكية والأقمار الاصطناعية فإنّ النصوص والصور والمخططات يمكن أن تنتقل بالفاكسميل من قارة إلى أخرى، كما تمكن الصحف من الطباعة في أكثر من مكان في الوقت نفسه وظهر هذا التطور في زيادة القدرة على التخزين الرقمي للصور، والاتجاه الحالي نحو الرقمنة الكاملة لكلّ مراحل الصورة من الكاميرا إلى المسح الضوئي إلىى الإنتاج إلى معالجة الصور، حتى يتم عرضها على الشاشة لإضافة اللمسات إليها وإخراجها، كما تزود وكالات الأنباء الكبرىى مشتركيها بوسائل استقبال الصور الرقمية فضلاً عن إمكانية كتابة وطباعة مقالاتهم وإدخالها مباشرة إلى الحاسبات الإلكترونية، فالتطورات الحديثة لم تجعل الصحفيين مضطرين للبقاء بصفة دائمة في الصحيفة نفسها، وساعدتهم على القيام بأعمال لم يكن بمقدورهم القيام بها من قبل.

كما أدت إلى تنوّع طرق جمع القصص الصحفية، وتحسنت طرق اتصالهم المباشر بالمصادر، وتوافرت أمامهم عدة أدوات متخصصة تيسر لهم أداء مهامهم.

وبدأ استخدام الحاسبة الإلكترونية كأداة للجمع والتقصي عن المعلومات وللوصول إلى الوثائق والسجلات وتحليل قواعد البيانات، وإن لم تتحول هذه الطريقة الجديدة إلى أسلوب شائع في كلّ الصحف نظراً لتباين مجتمعاتها وإمكانياتها وإن ظهرت بعض البراج التي تدعم تواجدها مثل البرنامج الذي اخترعه الصحفي (جبسون) الفائز بجائزة بوليترز وهو برنامج (Nine Trak Express) لمساعدة الصحفيين على تحليل الوثائق العامّة باستخدام أجهزتهم الشخصية، وكذلك زيادة عدد المعاهد والكليات والمراكز المتخصصة في علوم هذا الفن الجديد الذي أصبح يعد من بين العلامات الفارقة في تاريخ جمع الأخبار الصحفية وواحداً من أبرز التحولات التكنولوجية في مجال التغطية الصحفية.►

 

المصدر: كتاب دراسات في الإعلام الإلكتروني

ارسال التعليق

Top