ليس الإسلام دين شعارات وأقوال ولم يكتنف الله تبارك وتعالى بأن يأمر عباده بالتقوى والطاعة دون أن يهيء لهم السبل العملية لذلك ويرغبهم فيها، فالإسلام مدرسة القول والفعل. ومن منن الله ولطفه على عباده أن جعل لهم من تلك السبل والطرق لتحصيل التقوى شهر رمضان "الحمد لله الذي حبانا بدينه واختصنا بملته، وسبَّلنا في سبيل إحسانه لنسلكها بمنه إلى رضوانه حمداً يتقبله منا ويرضى به عنا والحمد لله الذي جعل من تلك السبل شهره شهر رمضان شهر الصيام وشهر الإسلام...".
وهذه أيام شهر شعبان قد إنقضت ليعود شهر الخير والعطاء.. ليظل علينا بالربيع، نعم ربيع القرآن، فيكسي الكون بفيوض الرحمة الإلهية، ولتدب الحياة، ولتعود المعاني الى الكلمات الخاوية، وتذوب فيه ركام الذنوب كما يذوب الجليد بحرارة الشمس الدافئة، ولينتهي الفراق والهجران، فتعود المودة والألفة بين المؤمنين من خلال الليالي الرمضانية، وتتعطر المجالس بأشذاء الدعاء ولتطرق المسامع أنغام تلاوة القرآن في كلّ مكان. لقد عاد رمضان من جديد ليؤلف القلوب على طاعة الله، وليدخل المؤمنين في حصن التقوى فشهر رمضان كما وصفه الأمام زين العابدين (ع) "شهر الإسلام وشهر الصيام وشهر التمحيص وشهر الطهور..." وكلمة طهور في اللغة العربية تعني المطهِّر وما يطهِّر به.
فمن أجل أن نعيش ليالي رمضان وأيامه.. ومن أجل أن نسمو بأرواحنا عليين إلى حيث الطهر والنقاء، علينا مراعاة النقاط التالية:-
1- الإستعداد وتهيئة النفس الإنسانية لإستقبال شهر رمضان وتلبية دعوة الله للضيافة، فكما أن الأرض التي يراد بها أن تثمر يُعنى بها قبل وضع البذور، فكذلك النفس يجب تهيئتها وتلقينها قبل الشهر المبارك، وقد أوجب بعض العلماء الإستهلال لشهر رمضان لما فيه من أثر روحي في إستقبال هذا الشهر الكريم.
2- التضرع والدعاء من الله بالتوفيق لصيام هذا الشهر المبارك وإداء الطاعات فيه ويقرأ عند الليلة الاولى من رمضان هذا الدعاء :"اللهم قد حضر شهر رمضان وقد إفترضت علينا صيامه وأنزلت فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، اللهم اعنَّا على صيامه وتقبله منَّا وتسلَّمه منّا وسلمّنا له في يسر منك وعافية إنك على كلّ شيء قدير"، "اللهم أعنا على صيامه ووفقنا لقيامه ونشطنا فيه للصلاة ولاتحجبنا من القراءة وسهل لنا فيه ايتاء الزكاة، اللهم لا تسلك علينا وصباً ولا تعباً ولا سقماً ولا عطباً".
3- محاولة التقليل من بعض الأعمال الإدارية والروتينية للتوجه الى العبادة أكثر من أي وقت آخر، فكل فرض في هذا الشهر يعادل سبعين فريضة في غيره ومن تطوع فيه بصلاة كتب الله البراءة من النار ومن تلا آية من القرآن كان مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور. فليغتنم المؤمنون هذه الفرصة.
4- تقوية باعث الدين عند الإنسان وترسيخ العزم والإصرار على تحصيل التقوى من خلال التلقين الواعي للنفس.
5- مراجعة الحسابات القديمة والذنوب والعلاقات مع ذوي الأرحام والجيران ووضع جدول عملي لتعويض مافات ومقارنة حالة النفس مع صفات المتقين من خلال خطبة الامام علي (ع) أو من خلال خطبة الرسول (ص) في شهر رمضان.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق