يزخر التاريخ الإسلامي بقصص وأحداث تاريخية هامة يمتزج فيها الواقع بالخيال، فللعرب فضل عظيم على الحضارة الحديثة، لا يمكن نجاهله أو اغضاء النظر عنه، وقد أدى اتصال المسلمين العرب بالغرب إلى انعكاس حضارتهم على أوروبا، مما كان له أبعد الأثر في تطور الفكر العالمي، ويرجع اتصال العرب المسلمين بأوروبا إلى فتح الأندلس في العصر الأموي، حين فتحوا اسبانيا من ناحية أفريقيا، وشنوا غاراتهم على الشواطئ الاسبانية في عهد الامبراطور القوطي (فمبا) سنة (672-680م)، وكان ذلك عندما تمكن (موسى بن نصير) من فتح بلاد المغرب، ففكر في غزو اسبانيا، وقد شجعه على هذا العمل الكونت (جوليان) الذي تحالف مع حزب (آخيلا) لنزع (رودريك) آخر أباطرة الدولة القوطية في اسبانيا، فطلب (موسى بن نصير) من (الوليد بن عبدالملك) أن يأذن له في القيام بحملة على اسبانيا، فأذن له الوليد مع شيء من التحفظ، ونصحه بأن يتأكد من صدق نية (جوليان) مخافة أن تصاب جيوش المسلمين بكارثة في هذه البقاع الفسيحة في أوروبا.
أرسل (موسى بن نصير) (طريف بن مالك) على رأس جيش مكوّن من (500 محارب) عام (710م - 91هـ) لارتياد هذه المناطق، فغزا الجيش الثغور الجنوبية لبلاد الأندلس، وعاد بكثير من الغنائم والأسلاب، وقد ناصر (جوليان) جيش (طريف بن مالك) في معاركه، وأمده بما حقق له النصر، فشجع هذا (موسى بن نصير) على متابعة الغزو مرة أخرى، فجند جيشاً قوامهُ (7000 مقاتل)، وولى القيادة للقائد المشهور (طارق بن زياد) الذي كان حاكماً لمدينة (طنجة). عبر طارق البحر عام (92هـ - 711م) في سفن (جوليان) وألقى مراسيه في اقليم البحيرة بجنوب اسبانيا واستعد لمناجزة عدوه في عقر داره، وكان الامبراطور (رودريك) في هذه الآونة مشغولاً بقمع الثورة الداخلية التي شبت في أرجاء البلاد ابتغاء خلعه عن العرش، بيد أنّه عندما أدرك الخطر المحدق به من جانب المسلمين العرب، سارع إلى تجهيز جيش كبير بلغ زهاء (100 ألف مقاتل) ونزل به إلى ساحة المعركة. سار (طارق بن زياد) شمالاً من جبل طارق في (ريو بارباتي) جنوبي (قادس) والتقى الفاتحون بقوات ملك اسبانيا القوطي (رودريك)، هناك قال (طارق بن زياد) قولته المشهورة مخاطباً جيشه: (العدو من أمامكم، والبحر من خلفكم)، واستل سيفه المعقوف قائلاً: (ليس أمامنا غير خيار واحد، هو أن ننتصر) وكانت معركة (بارباتي) بمثابة الجرح المميت بالنسبة لحكم القوطيين الذي كان مختلاً، فقتل الملك (رودريك) وبدأ زحف الفتح الإسلامي لاسبانيا حتى وصلت فتوحات (طارق بن زياد) شمالاً، والمدن الاسبانية تسقط أمامه الواحدة بعد الأخرى. - نشأة الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس: دخل الإسلام إلى الأندلس سنة (92هـ إلى 95هـ - 711 إلى 714م) وانتقلت معه العادات والتقاليد الإسلامية، فصارت الأندلس منارة للعلوم والآداب والفنون، بينما كانت أوروبا يومئذ غارقة في ظلمات الجهل والتخلف والخرافة، ولعل من أبرز إيجابيات استعراض الانجازات الحضارية الإسلامية والتذكير بها هو الأمل في أن نستلهم تلك الروح التي تحل بها أولئك الرجال، مما جعلهم يفرضون وجودهم في كل ميدان من ميادين الحياة، ويقيمون حضارة يشهد لها الجميع بالعظمة. - على مستوى اللغة: امتلأت المساجد بالكتابات والزخارف الجميلة لآيات القرآن الكريم، وكانت اللغة العربية هي اللغة الحضارية العلمية، ومما يبرهن على الدور الحضاري الذي لعبه المسلمون العرب من خلال لغتهم العربية أنّه حتى بعد أن استعاد (ألفونسو السادس) طليطلة عام 1085م، ظلت المدينة تحتوي على أقوام متعددي اللغات، لكن ظلت اللغة العربية نبراساً ووسيلة للعلم والتراث، ولقد رعى (ألفونسو العاشر) مدرسة ترجمة مرموقة للتراث العربي إلى اللغات اللاتينية، تعاون فيها مسيحيون ومسلمون ويهود، ومن الأعمال الرائعة التي ترجمت من العربية إلى اللغات الأجنبية شرح ابن رشد لفلسفة أرسطو، وأيضاً أعمال في الحساب والجبر للخوارزمي، الذي ينسب إليه علم (اللوغاريتمات)، وكتاب القانون لابن سينا والذي بقي المرجع الطبي المعوّل عليه في أوروبا لمدة خمسة قرون. كما كان للشعر دور بارز في حياة المسلمين في بلاد الأندلس، وكان قلما يخلو مجلس من مجالس الخلفاء والأمراء من القاء لفنون الشعر الجميلة، ومما لا شك فيه فإنّه كان لطبيعة الأندلس وسحرها تأثيرها كبير على إقبال العرب هناك على الشعر، خاصة وأنهم لم يعطوا اهتماماً مماثلاً للرسم والنحت، إضافة إلى غنى اللغة العربية وملاءمتها للشعر، فاشتهر بعض الخلفاء والأمراء بأداء الشعر، مثل عبدالرحمن الداخل الأول والمعتمد بن عباد، وقد تفرد الشعر هناك بما عرف بالموشحات. ويذكر التاريخ أنّ المدن الثلاث قرطبة وأشبيلية وغرناطة كانت مراكز للمدينة والعلم، وإلى جانبها اشتهرت مدن أخرى مثل طليطلة والمرية وقاديس وملقا وقشتالة، واشتهرت كل مدينة من هذه المدن في مجال من مجالات العلوم أو الفنون أو الصناعة والأدب، مثلاً استأثرت طليطلة بنشاط حركة الترجمة من العربية إلى اللاتينية وفيها بدأت الدراسات الشرقية، بينما كانت قرطبة مركزاً للعلم والدرس، فيما ذاع صيت المرية مثلاً في صناعة منسوجات الحرير وأنواع البسط وراجت في ملقا صناعة الأواني الفخارية المطلية. ولعل خير شاهد على مدى ازدهار الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس ما تبقى من آثار هذه الحضارة في المدن المختلفة، ولكن لا يكاد يختلف اثنان على أن قصر الحمراء في غرناطة وحدائق (جنة العريف) هي أبرز دليل على مدى رقي هذه الحضارة وتقدمها العمراني، ومخطوطات الآيات القرآنية والشعر جلها مكتوبة بالخط الكوفي، وفي غالب الأحيان تبدو فيها الحروف بشكل منتظم من الجهتين مما يجعل الكتابة تقرأ من اليمن إلى الشمال وبالعكس، أما الأبيات الشعرية فإنها مكتوبة بالخط المغربي وحروفها متشابكة في شكل تلافيف متتابعة، ومعظم هذه الأشعار من نظم الشاعر أبي عبدالله محمد بن زمرك الذي كان يقطن بلاط ملوك غرناطة، إذ كان وزيراً للملك محمد الخامس الذي حكم (من 1352 إلى 1391م) الموافق (733-794هـ)، عدا الأبيات الشعرية التي توجد على جدران قاعة السفراء مكررة فإنها من نظم الشاعر (أحمد بن محمد القلبي)، ومن أكثر كتابات القصر شيوعاً والتي تطالعك في جميع أرجائه (لا غالب إلا الله). - أهم مدن الأندلس التي يذكرها التاريخ: قرطبة: تلك المدينة عروس الأندلس، ومهد الابداع والفلاسفة، فهي مدينة رومانية قديمة قائمة على ضفاف نهر (كواد اكويفر) الحالم، وما يزال الجسر الروماني قائماً متين البنيان، ويربط ضفتي النهر، ويعتبر المسجد الجامع الكبير أهم أثر إسلامي ما يزال قائماً، وكان عبدالرحمن الأوّل قد أرسى دعائمه، وبعد ذلك تمت توسعته ليصبح حتى اليوم من أهم فنون العمارة الإسلامية. وتوجد فيه نوافير الماء الجاري التي كان يتوضأ منها المصلون، وفي صحن المسجد الذي تبلغ مساحته (600×450 قدماً) تمتد غابة من اليشب والمرمر في شكل (850 عموداً) من الحجر الصلد المتضمن بلورات حمراء وبيضاء، وترتفع فوق هذه الأعمدة تيجان مزينة بزخارف دقيقة ومتنوعة، تعلوها أقواس مزدوجة على النمط العربي، كذلك كان للمسجد (19 مدخلاً) للأبواب، في حين أنّ الأعمدة كانت تمتد إلى صفوف من أشجار البرتقال توجد في الفناء، وفي المحراب، وبين الأقواس المرمرية المتخذة شكل المروحة المتعرجة، تبدو في الخلف فسيفساء رائعة صنعها عمال من القسطنطينية. مدينة الزهراء: يعد قصر الزهراء في قرطبة أهم قصر في العالم عرفه القرن العاشر، بدأ بناءَة (عبدالرحمن الثالث) على مساحة (112 هكتاراً) ومدينة الزهراء تقع غربي قرطبة، وقد اشتغل بالقصر أكثر من عشرة آلاف عامل على مدى سنين ليأخذ (4300 عمود) أماكنهم، وكثير من هذه الأعمدة جلب من منطقة حوض البحر المتوسط، وفي هذا الجو المرهف حضنت الأندلس رواد العلم والأدب والفن. طليطلة: ظلت ميدينة (طليطلة) لـ(400 سنة) موقعاً حصيناً للعرب المسلمين، حيث أحكمت شبكات طرقها المتحدرة، وميادينها الضيقة. ويبقى مسجد طليطلة، نموذجاً ومثالاً رائعاً للعمارة العربية الإسلامية، فمساحته وحجمه يوازيان مساحة الحرم المكي، ويمكن للزائر اليوم لمدرسة طليطلة العسكرية الضخمة الواقعة على منحدر تَذكُر دور طليطلة كقلعة حدودية مهمة للعرب والمسلمين في تلك الأيام. مدينة أشبيلية: سقطت أشبيلية في أيدي المسلمين بعد حصار دام عدة شهور لحصانة أسوارها، واختارها موسى بن نصير حاضرة للأندلس، لوقوعها على البحر، وارتباطها بيسر بسائر المدن الأندلسية الأخرى، ولسهولة اتصالها ببلاد المغرب، وقاعدة للجيوش الإسلامية في حالة قيام الأندلس بالثورات، وقد أقام الأمير عبدالرحمن الأوسط في أشبيلية مسجداً جامعاً سنة 829م، فلما أغار النورمانديون على أشبيلية سنة (844م) ودخلوها، أحرقوا أسقَف مسجدها، وعاثوا في قصورها، لذلك قام الأمير ببناء سور لمدينة أشبيلية لحمايتها، وأمر عبدالرحمن بإقامة دار صناعة بأشبيلية لانشاء السفن الحربية، لأندلس لم يكن لها أسطول في ذلك الوقت يستطيع أن يرد غارات النورمانديين. مدينة غرناطة: هي مدينة إسلامية الإنشاء، ولم تكن وقت الفتح الإسلامي سنة (712م) سوى قرية صغيرة افتتحها الميمون، وبغرناطة آثار هامة، منها قصر الحمراء الشهير، وقصر جنة العريف ومنها القيسارية والمدرسة، وفندق الفحم، أحد فنادق مدينة غرناطة بواجهته البديعة التي تزخر بالزخارف والنقوش، ومنها مسجد البيازين ومئذنة جامع التوابين، وأسوار البيازين، والحمام المعروف بحمام اليهود، وقصر عائشة الحرة. ويشهد قصر الحمراء بغرناطة على الأحداث التي مرت به، وتروي قاعاته وأبراجه قصة هذا الصراع الأليم الذي انتهى بضياع الأندلس، وتعد حمراء غرناطة متحف الحضارة الأندلسية، ففيها وضع رجال الفن من مسلمي الأندلس خلاصة فنهم وعصارة ما وصلت إليه عبقرريتهم، ويطل قصر الحمراء على المدينة بكل روعة وبهاء، ويدخل في رحاب التاريخ فهو لا يخضع لمقاييس الزمن، أهميته لا تعود إلى قدمه، بل إلى الجمال الخاص الكامن فيه. - الأندلس.. وخمسة قرون على سقوطها: حين سقطت الخلافة الأموية، وانقسمت الأندلس بين ما أسماه المؤرخون بملوك الطوائف برغم الوهن السياسي الذي أصاب الدولة سياسياً، فإنّ الأمر قد آل إلى ملك بني الأحمر بعد أن نجح محمد بن يوسف بن نصر ملك (أرجونة) سنة (653هـ - 1237م) في ضم المدن الأخرى إلى مملكته، مثل مدينة بسطة ووادي آش وشريش ومالقة وجيان، وفي سنة (636هـ - 1238م) استولى على غرناطة وجعلها حاضرة لدولته، وكان محمد بن يوسف معقد آمال أهل الأندلس في انقاذ ما بقي من دولة الإسلام من الخطر الذي كان محدقاً بها، وكانت الأحوال السياسية وقتئذ تحتم تأليف جبهة قوية أمام الخطر المسيحي الجاثم، فما كاد ابن يوسف يستولي على غرناطة حتى عمد إلى توسيع رقعة مملكته، فاستولى على (المرية). وقامت مملكة غرناطة بين مظاهر الاضطراب التي كانت تجتاح ما بقي من ملك المسلمين في شبه جزيرة (أيبيريا) ومع ذلك فقد قدر لها أن تدوم نحو قرنين من الزمان، بالرغم من الصراع غير المتكافىء بين أوروبا. والإسلام، وبالرغم مما عانته مملكة غرناطة من حروب داخلية، ويرجع الفضل في بقاء غرناطة، رغم الأنواء والعواصف، إلى أنه احتشد فيها خلاصة العرب الموتورين، ممن تشردوا من بلادهم والتجأوا إلى ما بقي من مدن الإسلام في الأندلس، وكان توسل بني الأحمر بسلاطين بني مرين في الجانب الآخر من الزقاق (شمال أفريقيا) حيناً، ثمّ عقدهم المحالفات السياسية مع ملوك قشتالة حيناً آخر، عاملاً قوياً في اطالة أمد هذا الصراع، وترك محمد بن يوسف عام 1272م ملكاً قوياً يستطيع الثبات أمام الاعداء، في الوقت الذي نشأت بين المسلمين الأندلسيين الفتن والانقسامات الداخلية، وكان تقلص الإسلام في شبه الجزيرة قد أدى إلى تركز أهل الفنون والعلوم والآداب في غرناطة، وخلف محمد الثاني سنة (1272-1302م) أباه، وكان سياسياً بارعاً، استطاع أن يوطد سلطانه في البلاد، وكان لا يترد في الاستنجاد ببني مرين كلما أحس بشبح الاسترداد يهم بمملكته، وقد نصره سلطان بني مرين عام 1274م، حين استنجد به ضد ملك قشتالة، وقدم هذا السلطان بنفسه إلى الأندلس، وتوغل في أراضي الأعداء مدمراً كل ما قابله في طريقه، وأغار على المدن الإسلامية التي استولى عليها القشتاليون، وحاصر مدينة المدور، وقاتل (دون نونيو دي لارا) في استجة وهزمه، ومنذ ذلك الحين توثقت عرى الصداقة بين غرناطة وفاس، وفي سنة 1276م، عادت جيوش المغرب تنثر الدمار حول أشبيلية وقرطبة. ولما مات محمد الثاني خلفه محمد الثالث، وكان عالماً مولعاً بالفنون والآداب، رغم كونه ضريراً، فبنى قصراً بالحمراء، وبنى المسجد الجامع بالقصر، ثمّ عزل محمد الثالث عام 1309م، وخلفه أخوه نصر بن محمد، الذي تنازل عن الحكم عام (1313م) لأبي الوليد اسماعيل بن فرج بن نصر، وكان عهد اسماعيل عهد سلم واستقرار، واستطاع أن ينتصر على جيوش قشتالة قرب البيرة، واستولى على بياسة سنة (1324م) ولكنه قتل في يونيو عام (1325م) في أثناء عودته من إحدى حملاته، وتولى الأمر من بعده ابنه محمد الرابع الذي نجح رغم حداثته، في استرداد جبل طارق سنة (1333م) بفضل معونة بني مرين، ولكنه قتل في أثناء عودته إلى غرناطة منتصراً، بالقرب من الجزيرة الخضراء سنة (1333م) وتولى أخوه أبو الحجاج يوسف الأوّل السلطنة، وكان يوسف هذا حامياً للآداب والفنون، فأقام نواة لقصر الحمراء بما فيه برج فمارش والحمام الملكي وباب الشريعة ومصلى البرطل، وظل يوسف الأول يحكم سنين كلها رخاء، وفي عهده تملك الأعداء قلعة يحصب والجزيرة الخضراء، وقتل سنة (1354م) وهو يؤدي صلاة العيد في جامع الحمراء وخلفه ابنه محمد الخامس الغني بالله، الذي أكمل في قصر الحمراء ما كان أبوه قد بدأه فيه، ودام عهده حتى عام (1391م) ثمّ تولى بعده عدة سلاطين ضعاف وتوالت الأحداث في العهد الأخير الذي سبق مباشرة سقوط غرناطة آخر معقل للإسلام في الأندلس، في أيدي النصارى، وانبعثت الفتن بين أفراد الأسرة المالكة وقامت الثورات تأييداً لأحدهم على الآخر، وكان آخر حلقة في سلسلة هذه الفتن الصراع الرهيب بين أبي عبدالله محمد بن سعد، المعروف بالزغل، وابن أخيه السلطان أبي عبدالله محمد بن أبي الحسن، ذلك الصراع الذي أدى إلى تسليم مدينة غرناطة في 2 يناير عام (1492م) ودخلت جيوش قشتالة ظافرة قصر الحمراء، بعد أن خرج منها السلطان المقهور، وقدّم الفرناندو الرابع الكاثوليكي مفاتيح الحمراء، وسار أبو عبدالله في شعب تل البذور، حين ألقى نظرة أخيرة على قصره الذي كتب عليه الخروج منه بسوء اختياره، وترقرقت الدموع في عينيه، وما لبثت أن انهمرت على خديه في صمت، فصاحت به أمه عائشة الحرة: (أجل، فلتبك كالنساء ملكاً لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال) وأطلق الأسبان على هذا الموضوع اسم (زفرة العربي الأخيرة). وهكذا انطوى بسقوط غرناطة آخر صفحة من تاريخ الإسلام في الأندلس في يوم شتاء بارد من شهر (ربيع الثاني سنة 817هـ - الموافق يناير 1492م) ومن المصادفات التي لا يمكن تجاهلها، أنّه بعد سقوط الأندلس بخمسة أشهر خرجت من ميناء (سان لوكر) بالقرب من مدينة أشبيلية السفن الثلاث التي أقلت (كريستوف كولمبس) لتكتشف العام الجديد، الممثل في قارتي أميركا والجزر المحيطة بهما، ولا شك أن دور المعرفة والحضارة العربية الإسلامية كان له أثر واضح في نجاح رحلة كولمبس. - المصادر والمراجع: 1- كتاب (قرطبة في التاريخ الإسلامي) الدكتور جودة هلال/ الدكتور محمد محمود صبح – الناشر المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر – القاهرة. 2- كتاب (الصحوة الإسلامية في الأندلس اليوم.. جذورها ومسارها) تأليف الدكتور علي المنتصر الكتاني – كتاب الأمة رقم (31) رجب 1412هـ - يناير 1992م – سلسلة فصلية تصدر عن مركز البحوث والمعلومات برئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية في دولة قطر. 3- كتاب (أندلسيات) تأليف محمد عبدالله عنان – كتاب العربي رقم (20) 15 يوليو 1988، سلسلة فصلية تصدرها مجلة العربي – الناشر مطبعة حكومة الكويت. 4- كتاب (الأندلس) كتاب الشعب رقم (61) الناشر مطابع الشعب – القاهرة. 5- كتاب (العمارة المدنية بالأندلس) كتاب الشعب رقم (64) الناشر مطابع الشعب – القاهرة. 6- National Geographic July 1988. المصدر: مجلة نور الإسلام/ العددان 39 و40 لسنة 1993مقالات ذات صلة
ارسال التعليق