◄هي السيدة فاطمة الزهراء كريمة الرسول (ص) أصغر بناته وأحبهنّ إليه، وانقطع نسل الرسول (ص) إلا من فاطمة، وبذلك قد يكون الله قد آثرها بالنعمة الكبرى فحصر في ولدها ذرية الرسول (ص) وحفظ بها أشرف سلالة عرفتها العرب منذ كانت – فهي وحدها الوعاء الطاهر للسلالة الطاهرة والمنبت الطيب لدوحة الأشراف من آل البيت – وأمها السيدة خديجة "أم المؤمنين" (رض) وهي قريشية أباً وأماً، والذي قال في شأنها الحبيب المصطفى (ص) "أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمَّد ومريم ابنة عمران، وآسية بنت مزاحم".
وزجها الإمام علي المرتضى الذي أخذه الأمين (ص) ورباه في بيته ليصير أباً الأئمة وبدر سماء السيادة في الأُمّة.
وللسيدة فاطمة الزهراء تسعة أسماء: "فاطمة لأنّ الله عزّ وجلّ فطمها ومحبيها عن النار" والصديقة والمباركة، والطاهرة، والزكية، والراضية، والمرضية، والمحدثة، والزهراء، وكان يطلق عليها أمّ النبي وذلك لأنها كانت أصغر بنات الرسول (ص)، فهي التي كانت في البيت وحدها بعد انتقال السيدة خديجة (رض)، وهي التي اجتباها الله بالأنس بالرسول والسهر عليه لتحظى من الله بالقبول.
ولقبت بالبتول لأنها لم تر حُمرة قط أي لم تخض، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، وقبل ولادة السيدة فاطمة (ع) قال الرسول (ص) للسيدة أم المؤمنين خديجة (رض): "يا خديجة هذا جبريل يبشرني أنها أنثى، وأنها النسمة الطاهرة الميمونة، وأنّ الله تعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمة في الأُمّة، ويجعلهم خلفاء في أرضه".
ولقد كانت السيدة فاطمة أشد الناس شبهاً برسول الله (ص)، فعن عائشة (رض) أنّها قالت: ما رأيت أحداً من خلق الله، أشبه حديثاً وكلاماً برسول الله من فاطمة، وكانت إذا دخلت عليه أخذ بيدها فقبلها ورحب بها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه، ورحبت به، وأخذت بيده فقبلتها".
ولقد خصت السيدة الزهراء من أبيها (ص) بأحاديث تدل على أنّ الرسول (ص) كان يختصها بمحبته ويصطفيها بمودته. وأنّ لها موضعاً من نفسه، ومكاناً من قلبه، فقد روى البخاري في صحيحه وبسنده أنّ رسول الله (ص) قال: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني.
وروى مسلم في صحيحه أنّ رسول الله (ص) قال: "إنما فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها".
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن ابن عمر (رض) قال: إنّ النبي (ص) إذا سافر كان آخر الناس عهداً به فاطمة، وإذا قدم من سفر كان أوّل الناس به عهدا فاطمة عليها السلام.
وعن ابن عباس (رض) قال: أنّ رسول الله (ص) كان جالساً ذات يوم وعنده عليّ وفاطمة والحسن والحسين فقال (ص):
"اللّهمّ إنّك تعلم أنّ هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس عليَّ فأحب من يحبهم، وأبغض من يبغضهم ووال من والاهم وعاد من عاداهم وأعن من أعانهم، واجعلهم مطهرين من كلِّ رجس، معصومين من كلِّ ذنب وأيدهم بروح القدس منك".
وقد أخذت السيدة الزهراء عن أبيها الكثير من الأحاديث بما تسمعه منه أو ما كان يأمر بكتابته لها – وقد أخذ عنها إبناها الحسن والحسين وأبوهما عليّ وحفيدتها فاطمة بنت الحسين مرسلا وعائشة وأم سلمة وأنس بن مالك وسلمى أم رافع رضي الله عنهم، ومن ذلك ما روى عن سيدنا الحسين (ع) عن أمّه فاطمة سلام الله عليها: قالت: قال لي رسول الله (ص).
"إياك والبخل فإنّه عاهة لا تكون في كريم، إياك والبخل فإنّه شجرة من النار وأغصانها في الدنيا فمن تعلق بغصن من أغصانها أدخله النار، وعليك بالسخاء فإنّ السخاء شجرة من شجر الجنة، أغصانها متدلية إلى الأرض فمن أخذ منها غصناً قاده الغصن إلى الجنة".
وبما أنّه قد من الله علينا بأن ساقنا إلى رحاب أم الآل والكرم وطوفنا في روضات جناتها فكان من حقنا عليها أن تفيض علينا من نفحاتها وتغمرنا من بركاتها ومن ذلك قول أبيها المعلم الأوّل والمكمل الأكمل والرسول الأفضل سيدنا محمّد (ص): يا فاطمة ألا أدلك على شيء يسير وأجره كبير ما من مؤمن ولا مؤمنة يسجد "عقب صلاة الوتر سجدتين ويقول في كل سجدة: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) خمس مرات لا يرفع رأسه حتى يغفر الله ذنوبه كلها واستجاب الله دعاءه، ومن ذلك قول السيدة الزهراء لسلمان، إن أردت أن تلقى الله عزّ وجلّ وهو عليك غير غضبان فواظب على هذا الدعاء هو:
بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله النور، بسم الله الذي يقول للشيء كن فيكون، بسم الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، بسم الله الذي خلق النور من النور، بسم الله الذي هو بالمعروف مذكور، بسم الله الذي أنزل النور على السطور بقدر مقدور في كتاب مسطور على نبي محبور" ومن دعاء علمته لولدها الإمام الحسن (ع) "الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، ولا يخيب من دعاه ولا يقطع رجاء من رجاه، ثمّ تسأل الله عزّ وجل ما تريد.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمَّد والآل صلاة تكتبنا بها من أهل الوصال.
المصدر: مجلة الزهراء/ العدد الثاني السنة الأولى
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق