• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

تمنِّيات إبن.. تمنِّيات أب

أسرة البلاغ

تمنِّيات إبن.. تمنِّيات أب
 تمنِّياتُ إبن:

-       أتمنّى لا لا يتدخّل أبي في كلِّ صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة في حياتي.. أريدهُ أن يمنحني شيئاً من الحرية والاستقلال.

-       أتمنّى أن يحاورني في بعض الأُمور المهمّة، لا أن يُطالبني بتنفيذها بالعُنف والإكراه.. أن لا يرغمني على فعل شيء بشكلٍ سلطوي.. بل بطريقة أبوية رحيمة.

-       أتمنّى أن يتذكّر شبابه، وهو يحاسبني أو يعاقبني أو يراقبني أو يُضيِّق الخناق عليّ.

-       أتمنّى أن يحترمني أمام أصدقائي وزملائي، كما أحترمه أمام أهلي وأصدقائه وأقربائنا.

-       أتمنّى أن يعرف أنّ لي ظروفي ومزاجي وقدراتي، كما أنّه له ظروفه ومزاجه وقدراته، فيعذرني في بعض أخطائي غير المتعمّدة.

-       أتمنّى أن يُدرك أنّني مخلوق لزمان غير زمانه، وأن لا يجعلني نسخة منه في كلِّ شيء.

-       أتمنّى أن يعدل بيني وبين إخواني الآخرين.

-       أتمنّى أن يرعاني ولكن بغير تدخّل سافر في شؤوني الخاصّة، ويكون حازماً معي بغير قسوة.. أن يكون مُستشاري بغير إملاءات وضغوط.. وأن لا ينظر إلى إنجازاتي بعين صغيرة.

 

تمنِّياتُ أب:

-       أتمنّى أن يكون ولدي أفضل منِّي وليس امتدادي فقط.

-       أتمنّى أن يحقِّق ولدي ما لم أوفّق لتحقيقه في حياتي، وأن تكون طموحاته أوسع مع طموحاتي.

-       أتمنّى أن يستفيد من تجاربي، ولا يقع في بعض الأخطاء التي وقعتُ فيها، وأن يقبل نصيحتي.

-       أتمنّى أن يعتبرني صديقه المخلص، فيبوح لي ببعض أسراره وهمومه ومشكلاته.. أتمنّى أن أكون صريحاً معه، وأن يكون صريحاً معي.

-       أتمنّى أن يدرك أنّ غضبي عليه – إذا أخطأ أو قصّر – هو حبّ وليس انتقاماً أو تنفيساً عن عقدة تسلّط.

-       أتمنّى أن يعرف أنّ أولادي متساوون عندي، وأنا أحبّهم جميعاً، ولكنّني قد أكره بعض الصفات لدى بعضهم، وأحبّ بعض الصفات لدى البعض الآخر.

-       أتمنّى أن أكسب ثقة أبنائي وبناتي، ليفتحوا لي قلوبهم على مصراعيها، ويشكو آلامهم.. ويبوحوا بدخائلهم.. ويتّبعوا إرشاداتي لأنّها ناظرةٌ إلى مصلحتهم.

هذي الأماني مشروعة من الطرفين، وهي تعبِّر عن رغبة صادقة في التفاهم والتصالح والتصافي، وعقد علاقة أوثق بين أبناء يحبّون آباءهم ويحترمونهم، وبين آباء يحبّون أبناءهم ويريدون لهم الخير كما يعبِّرون عن ذلك دائماً.

ولابدّ لكلّ طرف أن يدرس أمنيات ورغبات الطرف الثاني، بغية الوصول إلى علاقة أسريّة أطيب ممّا هو قائم فعلاً.. مع أنّ هذه الأُمنيات لا تمثِّل جميع ما يتمنّاه الأبناء، ولا كلّ ما يرغب الآباء به، إلّا أنها تمثِّل عيِّنات لاُمنيات لو أخذها الأبناء والآباء بعين الاعتبار، لانتهت علاقتهما إلى الشكل الأفضل الذي يسعد ويرضي كلّاً منهما.

ولكن السؤال: لماذا تبقى مثل هذه الملاحظات التقييمية لكلِّ طرف مجرّد أمنيات؟! لماذا لا يُبادر الآباء لردم الهوّة؟ لماذا لا يُساعد الأبناء آباءهم على بناء الجسر؟ أو .. لماذا لا يفتح الطرفان باب الحوار المباشر ليكشفا من خلاله عن كلّ ما يتمنّى الطرف الآخر؟ وعن الأسباب التي تحول دون تلبية تلك الأُمنيات التي لو تعامل معها كلّ طرف باهتمام وجدِّية لأنقذ الموقف الذي كثيراً ما ينهار ويتصدّع تحت تأثير الجهل أو التجاهل لتلك الأُمنيات التي هي ليست معجزات ولا بالأُمور المستحيلة.

ما يحتاجه إذاً كلّ طرف، أن يتفهّم حقيقة وطبيعة مشاعر الطرف الآخر، ورغباته والاُمور التي تزعجه.

ارسال التعليق

Top