في دراسة أجريت على ثمانية عشر طفلاً عاشوا في إهمال أسري، ثمّ ثلاث سنوات في تبني أسري، تبيّن الآتي:
1- أظهروا سلوكاً غريباً ربطه العلماء بسنوات الطفولة المبكرة من قلة الرعاية والحب مع الإهمال.
2- قاسوا الهرمونات عن طريق تحليل البول قبل أن يلتقوا بأُمّهاتهم مع مجموعة أخرى لم يلتقوا بأُمّهاتهم، فتبيّن أنّ نسبة الهرمونات زادت مع الذين التقوا مع أُمّهاتهم، وبقيت ثابتة مع الذين لم يلتقوا بأُمّهاتهم.
فكيف نعالج الحرمان العاطفي؟
أوّلاً: الاحتضان ولمس الكتف:
كشفت الدراسات النفسية مؤخراً إنّ احتضان الوالدين لصغيرهما واللمس على كتفه يزيد من ذكائه ونموه الطبيعي؛ إذ إنّه يساعد على إفراز مادة لاندروفين في الجسم وهي موصل عصبي يساعد على تخفيف العصبية والقلق النفسي والإحساس بالألم وبالتالي فإنّ الحضن يجعله أكثر ثباتاً ويزيد من ذكائه؛ لأنّه يساعده على التفكير الإيجابي دون ضغوط أو مشكلات..
وبالتالي فإنّ الاحتضان يكون له تأثير فوري سواء على الحاضن أو على من يتلقى الحضن – فهذا الاحتضان يخلق رابطة بين الاثنين حيث إنّ الجلد أيضاً عضو من أعضاء الإحساس يحتاج للإشباع، الحضن ببساطة هو تعبير طبيعي لإظهار الحب والاهتمام، ولا يوجد سن معيّن يجب أن يتوقف فيه الآباء والأُمّهات عن احتضان أبنائهم بحجة أنّهم كبروا على الاحتضان ويجب أن يتم تشجيع أبنائنا حتى في سن المراهقة على التعبير عن حنانهم، فسريعاً ستكون لهم أسرهم حيث سيمارسون معها هذا الحنان الذي تعلّموه في بيوت آبائهم.
وهناك بعض الإرشادات المهمة إلى جانب الاحتضان لكلّ أمٍّ وهي:
- عند التحدث إلى طفلك كوني دائماً قريبة منه وامسحِ على رأسه ليشعر بحبك وحنانك.
- امدحي مميزاته وناقشيه في عيوبه.
- أخبريه بأنّك تحبيه واظهري مشاعرك له دائماً.
- عندما تجديه دائماً بجوارك ولا يستطيع الابتعاد عنك فبادليه الشعور وقتها، ولكن اجعليه بعيداً عنك في بعض الأحيان عن طريق إعطائه أنشطة ليمارسها ليتعود على ذلك.
- لا تجبريه على فعل شيء بتخويفه حتى لا يصبح جباناً وإنّما تعاملي مع الموقف بالمناقشة ولكن يجب أن يعلم أنّ هناك ثواباً وعقاباً على أفعاله.
ثانياً: احتضان الطفل عند البكاء يساعد على نموه بشكل سليم:
أفادت دراسة حديثة بأنّ احتضان الطفل عند البكاء يساعد على نموه عصبياً وعاطفياً، وأشارت الباحثة كارين ثورب من جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا في استراليا:
إلى أنّ الكثير من الآباء لا يعرفون كيف يهدئون أطفالهم الرضع عند البكاء في الأسابيع الأولى من ولادتهم، وأوضحت الدراسة أنّ الأطفال في هذا العمر يحتاجون إلى التجاوب الكبير من آبائهم عند البكاء؛ وذلك نظراً إلى أهمية ذلك على نموهم العصبي والعاطفي، بحسب جريدة الراية القطرية.
وفي السياق ذاته أكّد فريق بحث أمريكي نرويجي، أنّ الأطفال الرضع الذين يبكون باستمرار دون مبرر أكثر عرضة للإصابة بمشكلات ذهنية وسلوكية في سنوات الطفولة اللاحقة.
وأشار الباحثون إلى أنّه يجب على الآباء ألا يستهينوا أبداً ببكاء الطفل الرضيع، فلابدّ من تنبيه الطبيب المختص لذلك فوراً، مشيرين إلى أنّ المغص قد يكون سبباً لبكاء الأطفال، ولكنه لا يستمر إلى ما بعد 12 أسبوعاً من عمر المولود.
ثالثاً: احتضانه ثماني مرات يومياً يجعله مبدعاً:
كشفت أحدث الدراسات العلمية أنّ احتضان الطفل أربع مرات يساعد على تكوين شخصيته كطفل سوى أما احتضانه ثماني مرات فيعني تطويره لطفل مبدع، وإذا زاد العدد فهذا يعني أنّه سيكون طفلاً قوياً مقاوماً للصدمات.. كما أضافت دراسة أعدها (مركز دراسات الطفولة) بجامعة عين شمس: أنّ الجفاف العاطفي في الأسرة وانقطاع لغة الحوار يؤثر سلبياً على الطفل في الكبر.. لذا على كلّ أُمّ أن تتفهم ابنها منذ الطفولة، وعدم توجيه النقد اللاذع أو اللوم على أخطائه أثناء الحوار، مع التحلي بالصبر وطول النفس معه.
رابعاً: طرق التعبير عن الحب للطفل:
الأطفال كالكبار يحتاجون إلى الشعور بالحب والدفء والأمان كي يعيشون حياة مستقرة، فإنّ لدى الأطفال أحاسيس مثل الكبار يودون إشباعها مع اختلاف طريقتهم في إشباع هذه الأحاسيس فالقليل يرضي الأطفال ويدخل السرور على نفوسهم وقد يكون التعبير عن الحب للأطفال أساس لحياتهم المستقرة فيما بعد، فالكثير من الأطفال يسلك سلوكاً خاطئاً لافتقاده معنى الحب والأمان في حياته.
1- اقضِ بعض الوقت مع الأطفال:
كلّ منهم على حدّاً سواء أن تتناول مع الأطفال وجبة الغذاء خارج البيت أو تمارس رياضة المشي مع آخر، أو مجرد الخروج مع الأطفال كلّ على حدا، المهم أن تشعر الأطفال بأنّك تقدر كلّ طفل فيهم.
2- ابنِ داخل الأطفال ثقة بأنفسهم:
بتشجيعك لهم وتقديرك لمجهوداتهم التي يبذلونها وليس فقط تقدير النتائج كما يفعل معظمنا.
3- احتفل بإنجازات طفلك.. اليوم:
فمثلاً أقم مأدبة غذاء خاصة لأنّ الطفل فقد أحد أسنانه اليوم، أو لأنّ طفلاً آخر اشترك في فريق كرة القدم بالمدرسة، أو لأنّ الطفل الثالث حصل على درجة جيدة في الامتحان، وذلك حتى يشعر كلّ منهم أنّك مهتم به وبأحداث حياته.
4- علِّم الأطفال التفكير الإيجابي:
بأن تكون إيجابياً، فمثلاً بدلاً من أن تعاتب الطفل لأنّه رجع من مدرسته وجلس على مائدة الغذاء وهو متسخ وغير مهندم قل له: يبدو أنّك قضيت وقتاً ممتعاً في المدرسة اليوم.
5- احكي للأطفال قصصاً:
عن فترة الطفولة التي لا يتذكرونها.
6- ذكر الأطفال:
بشيء قد تعلمته منهم.
7- قل للأطفال:
كيف أنّك تشعر أنّه شيء رائع أنّك أحد أطفالهم وكيف أنّك تحب الطريقة التي يشبّون بها.
8- اجعل الأطفال يختارون:
بأنفسهم ما يلبسونه فأنت بذلك تريهم كيف أنّك تحترم قراراتهم.
9- اندمج مع الأطفال في اللعب:
مثلاً كأن تتسخ يديك مثلهم من ألوان الماء أو الصلصال وما إلى ذلك.
10- اعرف جدول الأطفال:
ومدرسيهم وأصدقائهم حتى لا تسأل الأطفال عندما يعودون من الدراسة بشكل عام "ماذا فعلتم اليوم"، ولكن تسأل ماذا فعل فلان وماذا فعلت المدرسة فلانة فيشعر الطفل أنّك متابع لتفاصيل حياته وأنّك تهتم بها.
11- عندما يطلب منك الطفل أن يتحدث معك:
لا تكلمه وأنت مشغول في شيء آخر؛ كالأُمّ عندما تتحدّث إلى الطفل وهي تطبخ أو وهي تنظر إلى التلفزيون أو ما إلى ذلك، ولكن أعطِ تركيزك كلّه للطفل وانظر في عينيه وهو يحدثك.
12- شارك الأطفال في وجبة الغذاء:
ولو مرة واحدة في الأسبوع، وعندئذ تبادل أنت والأطفال التحدث عن أحداث الأسبوع، ولا تسمعهم فقط بل احكي لهم أيضاً ما حدث لك.
13- اكتب للأطفال في ورقة صغيرة:
كلمة حب أو تشجيع أو نكتة وضعها جانبهم في السرير إذا كنت ستخرج وهم نائمون أو في حقيبة مدرستهم حتى يشعروا أنّك تفكر فيهم حتى وأنت غير موجود معهم.
14- اسمع الطفل:
بشكل غير مباشر وهو غير موجود (كأن ترفع نبرة صوتك وهو في حجرته) حبك له وإعجابك بشخصيته.
15- عندما يرسم الأطفال:
رسومات صغيرة ضعها لهم في مكان خاص في البيت وأشعر الأطفال أنّك تفتخر بها.
16- لا تتصرف مع الأطفال:
بالطريقة التي كان يتصرف بها والدك معك دون تفكير فإنّ ذلك قد يوقعك في أخطاء مدمرة لنفسية الطفل.
17- بدلاً من أن تقول:
للطفل أنت فعلت ذلك بطريقة خطأ، قل له: لما لا تفعل ذلك بالطريقة الآتية وعلِّم الطفل الصواب.
18- اخترع:
كلمة سر أو علامة تبرز حبك للطفل ولا يعلمها أحد غيركم.
19- حاول أن تبدأ يوماً جديداً:
كلما طلعت الشمس تنسى فيه كلّ أخطاء الماضي فكلّ يوم جديد يحمل معه فرصة جديدة يمكن أن توقعك في حبّ الطفل أكثر من ذي قبل وتساعدك على اكتشاف مواهب الطفل.
20- احضن الأطفال وقبلهم:
وقل لهم أنّك تحبهم كلّ يوم، فمهما كثر ذلك فالأطفال في احتياج له دون اعتبار لسنهم صغاراً كانوا أو بالغين أو حتى متزوجين ولديك منهم أحفاد.
إظهار عاطفة الحب للطفل أمر مهم للغاية في تربية الطفل، فحب الطفل وتوجيه عاطفة الحب نحوهم، تتسبب في شعور الطفل بالطمأنينة والسكينة، وكذلك الاستقرار والدفء الأسري الذي يشجع الطفل على الانطلاق في دراسته، ومن ثمّ حياته المستقبلية.
خامساً: خطوات عملية لإظهار الحب للطفل:
1- نداء الطفل بأحب الأسماء إليه تخصيص اسم محبب للطفل يتم استخدامه للنداء عليه ويفضل أن يكون أحب الأسماء إليه، فهذه الطريقة تعتبر طريقة محببة للغاية في التعبير عن عاطفة الحب للطفل.
2- جواب حب أن يكتب الوالدان جواب حب للطفل؛ وذلك بكتابة كلمة حب على ورقة صغيرة، وتوضع بجوار السريع فحينما يستيقظ من النوم يجدها بجواره، فهذا الأمر يشعر الطفل بمدى حب الوالدين واهتمامهما به.
3- كلمة أحبك: لابدّ من وقت لآخر يقول الوالدان للطفل "أني أحبك" فهذا من شأنه أن يعزز ثقة الطفل بنفسه.
4- حضن الطفل: يحتاج الطفل دوماً لحضن دافئ به عاطفة حب وحنان ودفء من جانب الآباء والأُمّهات، فما أكثر احتياج الأطفال لهذا الحضن للتعبير عن الحب.
5- وقت ممتع: لابدّ من قضاء وقت ممتع مع الأطفال، سواء بتناول وجبة الغذاء خارج البيت أو ممارسة رياضة أو هواية معاً، أو بمجرد الخروج مع الأطفال في نزهة خارجية في الشارع وقضاء وقت ممتع بالضحك والحوار والدعابة.
6- التفكير الإيجابي: تعليم الطفل بأن يفكر بطريقة إيجابية، من خلال استبدال أسلوب العتاب عند الرجوع من المدرسة بملابس متسخة بأسلوب هادئ كأن تقول له الأُم، يبدو أنّك قضيت يوماً ممتعاً اليوم.
7- القصص والحكايات: طريقة سرد القصص والحكايات تعتبر من الطرق الممتعة في التعبير عن الحب للطفل، حيث يشعر الطفل بالاهتمام وبأنّ الوالدين يرغبان في أن يخبراه بقصة ممتعة تشعره بالسعادة والمرح.
8- اللعب مع الطفل: إنّ الاندماج ومشاركة ألعاب الأطفال وسيلة مهمة للغاية، تخبر الطفل بأنّه محبوب وأن هناك عاطفة حب قوية من جانب الوالدين تجاهه.
9- تقدير رسومات الطفل: إنّ الاهتمامات برسومات الأطفال وتخصيص مكان مميّز لها في البيت، دليل على حب الطفل حباً جماً وأنّ الوالدين يحبان أن يخبراه أنّهما يحبانه.
10- نسيان الخطأ: إنّ فتح صفحة جديدة للطفل ونسيان الأخطاء التي ارتكبها اليوم الماضي بمثابة دليل قوي من الآباء والأُمّهات على عاطفة الحب تجاه الطفل.
الكاتب: د. جمال ماضي
المصدر: كتاب دليل الآباء والأُمّهات في تربية الأبناء
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق