• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

فريق أُسري وهدف تربوي

فريق أُسري وهدف تربوي

أيها الوالد الكريم، أيتها الأُم الحنون، إنّنا بحاجة إلى مزيد من الترابط والتقارب مع أبنائنا حتى تتماسك بيوتنا وتقوى – بعون الله – أُسرنا، وهذا بدوره سيقي أبناءنا شر الوقوع في الكثير من الأخطاء، ويتحقق الترابط الأسري بأن نمارس بعض أنشطتنا اليومية مع أبنائنا بشكل جماعي، فلا يليق ببيت مسلم أن يلتقي أفراده في المناسبات فقط، ومن الأنشطة اليومية التي توحد أفراد البيت وتجمعهم في جو من الحب والمودة (تناول الطعام)، قال رسول الله (ص): "كلوا جميعاً ولا تفرقوا، فإنّ البركة مع الجماعة".

في دراسة متخصصة قامت بها الـ(Gssw) المدرسة المتخصصة للدراسات الاجتماعية في الولايات المتحدة على حوالي 400 طفل، بداية من كونهم في سن رياض الأطفال وحتى وصولهم سن 24، وعلى لقاءات مختلفة في سن 5، 9، 15، 18، 21 سنة، واشتملت على حوار مع مربيهم من مدرسين وآباء؛ لتجميع كلّ ما يلزم عن ظروف النشأة والضغوط والمشاكل واكتمال وظائف هؤلاء الأطفال وتفاعلهم مع الجو المحيط. وكانت نتيجة الدراسة أنّ المراهقين في الأسرة المتماسكة ذات الروابط القوية التي يحظى أفرادها بالترابط واتخاذ القرارات المصيرية في مجالس عائلية محببة يشارك فيها الجميع، ويهتم جميع أفرادها بشؤون بعضهم البعض، هم الأقل (من بين الذين تمت عليهم الدراسة) ضغوطاً والأكثر إيجابية في النظرة للحياة وشؤونها ومشاكلها في حين كان الآخرون أكثر عرضة للاكتئاب والضغوط النفسية، إذن فعمل الآباء مع الأبناء في فريق واحد لتحقيق هدف مشترك هو خير طريق لتخطي مرحلة التكوين بكلّ نجاح وإيجابية، فتحمل الآباء جدال أبنائهم ومناقشاتهم المزعجة وحواراتهم ليس من قبيل إهدار الوقت أو العبء الزائد، الذي لا ينبغي إضافته على أعبائهم، بل هو الأساس لبناء ثقة متبادلة بين أطراف الفريق، وإشباعه بخبرات والديه اللذين هما خير ناصحيه في تلك الفترة.

ومن هنا علينا – كآباء وأُمّهات أن نتفق مع أبنائنا على موعد ثابت كلّ أسبوع نجتمع فيه معاً لنناقش شؤون أسرتنا ونطمئن على بعضنا، واللقاء الأسري الأسبوعي يساهم بصورة مباشرة في علاج الكثير من أخطاء وعيوب أبنائنا حيث يساعد الآباء على اكتشاف تلك العيوب كما يساعدهم على علاجها بطرق متنوعة، والحقيقة أنّ الآباء الذين طبقوا هذه الفكرة وجدوا لها الكثير من النتائج الإيجابية، مما جعلهم يبدعون ويضيفون إلى هذا الملتقى الأسري العديد من الفقرات الجذابة والأفكار الرائعة.

ما أجمل أن ننتهز فرصة اجتماعنا الأسري الأسبوعي مع أبنائنا وبناتنا، ونرشدهم إلى عيوبهم بأسلوب تربوي لطيف، ولا ننسى أنّهم ربما يعرفون من عيوبنا ما يخفى علينا، ويتم تهادي العيوب بيننا وبين أبنائنا بأن نجمعهم ونعرّفهم أهمية تبادل العيوب، ثم نعطي لكلّ واحد من الحضور (فوق السبع سنوات) قلماً ومجموعة من الأوراق بعدد أفراد الأسرة، ونطلب من كلّ واحد أن يخصص ورقة واحدة لكلّ فرد من البيت، ويكتب فيها اسمه وما فيه من عيوب، وذلك دون أن يكتب اسمه عليها لكي لا يعرف أحد من ذكر عيوبه، ولكي نشجع الأبناء أكثر على تطبيق هذه الفكرة، يمكننا أن نطلب منهم قبل لقاء الأسرة بيوم أن يكتبوا عيوب الجميع على الكمبيوتر حتى لا يتعرف أحد على خط الآخر، وفي الاجتماع الأسري يتم تهادي العيوب بين أفراد الأسرة في جو من الحب والمودة، وعلى الآباء ألا يهملوا كلمات أطفالهم، ففي أغلب الأحيان تكون صادقة وواقعية.

لابدّ من إيجاد فقرة في الجلسة الأسرية الأسبوعية تحت عنوان (تنمية الذات) أو (حسِّن نفسك)، وفيها يقول كلّ فرد عيباً يشعر به في نفسه ويريد تحسينه، ويعرض مقترحاته لذلك ويطلب من والديه وإخوته أن يساعدوه ببعض الأفكار والمقترحات التي تساعده على إصلاح عيبه وحل مشكلته، وبعد سماعه لمقترحاتهم يستقر على خطوات عملية تدوّن في ورقة يعلقها على باب حجرته أو دولابه، والهدف من ذلك أن تكون الرغبة في التغيير نابعة من داخل كلّ فرد فيجتهد في تحقيقها، وعلى الآباء أن يبدؤوا بأنفسهم، فيقول الأب أو الأُم خطأ يقعون فيه كعدم صلاة الفجر أو التأخير عن المواعيد أن الانفعال الدائم وكثرة ضرب الأبناء وغيرها، ويطلب من الأبناء المشاركة ببعض الحلول والمقترحات، ولنحرص كآباء على الصدق والموضوعية خلال الحوار والنقاش، فالمواقف المفتعلة والكلمات غير الصادقة يشعر بها أبناؤنا.

 

الكاتب: عبدالله محمد عبد المعطي

المصدر: كتاب كيف نُعالج أخطاء أبنائنا؟

ارسال التعليق

Top