• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

دليل المُحرّمات في القرآن/ ج(1)

أسرة

دليل المُحرّمات في القرآن/ ج(1)
 1- حرمة القتل العمد (الدِّماء): قال تعالى: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) (المائدة/ 32). التطبيق الحياتي: لا حرِّية لك في أن تعتدي على حياة الناس بلا سبب موجب – كالقصاص مثلاً – فالقتل العمد من الكبائر التي يُخلّد مرتكبها في النار، والإعتداء على الفرد هو اعتداء على النوع، كما أنّه إنقاذ أي إنسان من الموت يُعدّ بمثابة إنقاذ الإنسانيّة كلّها من الفناء. في الحديث – كما في الصِّحاح: "لئن تُهدم الكعبةُ حجراً حجراً أهونُ على اللهِ من أن يُراق دمُ امرءٍ مسلم"! وكما لا يجوز لكَ أن تقتل إنساناً إلّا بالحقِّ، لا يجوز لكَ أن تقتل نفسك بالإنتحار. يقول النبي (ص): "لا يزالُ العبدُ في فسحةٍ من دينه ما لم يصب دماً حراماً"[1].   2- حرمة الزِّنا: قال تعالى: (وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) (الفرقان/ 68-70). التطبيق الحياتي: حُرِّم الزِّنا لما فيه من الفساد في قتل الأنفس (الإجهاض)، وذهاب الأنساب، وترك التربية للأطفال، وفساد المواريث، وتهديهم بناء الأسرة الذي ما بُنيَ في الإسلام مثله بناء، وشيوع حالة الإنحلال والتفسّخ الأخلاقي، وضياع الحشمة والعفاف والحياة، وتدهور الحالة النفسية للزاني والمزني بها، وانعدم الاستقرار، وعدم الشعور باللّذة الحقيقية، ولانحسار فرص الزواج الشرعي أمام الزّناة، أي أنّ مجتمع الزّناة معزول اجتماعياً.   3- حرمة القذف (الطّعن بالشّرف): قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور/ 4). رمي المرأة المحصنة (المتزوِّجة) أو (العفيفة) بالزِّنا كذباً من الكبائر، ويجب فيه على القاذف الحدّ بشروطه، أمّا إذا اتّهمها زوجها بذلك فإنّه يُلاعنها، وفي ذلك تبيان لمدى اهتمام التشريع الإسلامي بأعراض الناس، وصون كرامتهم، ومراعاة سمعتهم، وترتيباً على ذلك فإنّ عدالة القاذف تسقط فلا تُقبل له شهادة. قال تعالى: (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا)؛ لأنّ عملهم هذا وضعهم في خانة الفاسقين وأسقط عدالتهم تماماً.   4- حرمة الزواج بالمُحرّمات أو (المحارم): قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأخِ وَبَنَاتُ الأخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) (النساء/ 23). التطبيق الحياتي: المحرّمات من (النّسب) هنّ: 1- الأُمّهات، 2. البنات، 3- الأخوات، 4- العمّات، 5- الخالات، 6- بنات الأخ، 7- بنات الأخت، 8- البنات من ذرِّيّة الإنسان من أبنائه وبناته. والمحرّمات بسبب (المصاهرة)، هنّ: 1- اُمّ الزوجة وإن علت (جدّتها)، 2- وإبنة الزوجة التي دخل بها، 3- وزوجة الإبن، 4- وزوجة الأب. والمحرّمات بسبب (الرِّضاع)، هنّ: كالمحرّمات بالنّسب، حيث يُحرِّمُ الرِّضاع ما يُحرِّمُ بالنسب. أمّا المحرّمات مؤقّتاً، فهنّ: 1- الجمع بين المحرمين: فيحرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمّتها، وبين المرأة وخالتها، 2- زوجة الغير ومعتدّته (حتى تنتهي عدّتها)، 3- المطلّقة ثلاثاً، فلا تحلّ لزوجها الأوّل حتى تنكح زوجاً غيره. أمّا لماذا؟ فلأنّ العلاقات الإنسانية بين الرجال وبين المحارم يُراد لها أن تتحرّك في أجواء المشاعر الطاهرة الخالية من الأحاسيس الجنسية، فالتحريم هنا يُشكِّل حاجزاً نفسيّاً ضدّ تلك الأحاسيس، ويُركِّز المناعة الأخلاقية في العلاقات القريبة الحميمة.   5- حرمة التبنِّي: قال تعالى: (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) (الأحزاب/ 4-5). التطبيق الحياتي: حُرِّم التبني وعدّهُ البعض من الكبائر التي توجِب السخط واللّعنة؛ لأنّه يُنشئُ نسباً، أي اتِّخاذ الإبن غير الصُّلبي إبناً وادِّعاء بنوّته، فهو اختلاق النسب وادِّعاؤه، ويحصل بأخذ طفل من أبوين فقيرين أو مجهولين وإلحاقه بأبوَين وهميّين يعيش بينهما، وهو عادة جاهليّة، وكانوا يجرون على المتبنّى أحكام الإرث، وفي الآية الكريمة تحريم صريح للتبنِّي. وقد استُعيضَ عن التبنِّي كانتماء بـ(التبنِّي التربوي) من قِبَل المحرومين من الأولاد الذين يتكفّلون بعض الأيتام أو اللّقطاء أو الفقراء، ليغدقوا عليهم مشاعر العطف والرعاية والحنان من دون التلاعب في حقيقة أو أصل انتمائهم.   6- حرمة عقوق الوالدين: قال تعالى: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا) (الإسراء/ 23). التطبيق الحياتي: (أُفّ) تعبير مختصر عن أيّ ضيق أو انزعاج من تصرّفات الوالدين. يقول الإمام جعفر الصادق (ع): "لو علمَ اللهُ لفظةً أوجز في ترك عقوق الوالدين من (أُفّ) لأتى بها". إنّ الذي ربّاك في الصِّغر وتحمّل ما تحمّل في سبيل أن تكون، حقٌّ عليك أن ترعاهُ في كبره.  
[1]- كنز العمل، 7/399.

ارسال التعليق

Top