أسرة
القصة الثالثة والعشرون
"مقابلةُ الإساءة بالإحسانِ!!"
وقعَ بين شخصٍ وآخر كلام، أي تساباً، أو احتدّت الكلمات بينهما فخرجت عن طور الأدب، فأغلَط الثاني للأوّل (أي بالغَ في الإساءةِ إليه)، فسكتَ هذا حتى ندم الثاني.
بعد فورة الغضب وسكوته، قال الثاني وقد تبيّن له خطأه: والله ما انسبطتُ حتى بسطتني (أخريتَ لي الحبل)، ولا قطعتُ (حبل مسبّتي) حتى قطعتني (أي حتى سكتّ وتركتني أمضي في خصومتي)، فاغفر لي.
قال الأوّل: قد فعلت.
قال الثاني: أحبٌّ أن أستوثقَ! (أي أريد دليلاً على أنّكَ غفرتَ لي).
قال الأوّل: سبحانَ الله، لقد كنتَ تُسيءُ فأحْسِنُ، أفحينَ أحسنتَ أُسيءُ؟!!
- الدروس المُستخلَصة:
1- تركُ الشّاتمُ يفرغُ ما في جعبته وكنانته من سهام الشتم، يجعله يتوقّف عندما تنفد سهامه، أمّا إذا بادلته الشتيمة بالشتيمة، فإنّه يحاول أن يملأ الجعبةَ من جديد، والكنانةَ بالمزيد.
2- الشخصُ الشاتمُ والمُبالغُ في الإساءة في القصّة يُحلِّلُ لنا شخصيّته وموقفه بالقول: (ما انبسطتُ حتى بسطتني)، فلمّا رأيتكَ تأخذ وتعطي في السِّباب، جرّأني ذلك على الإسترسال في مسبّتك، وحينما كففتَ، أسقطتَ ما في يدي.
القصة الرابعة والعشرون
"... وعنكَ أُعْرِض!!"
أسمع رجلٌ رجلاً آخر كلاماً جارحاً، فأعرض عنه ولم يُجيبه بشيءٍ.
فقال الشاتمُ وهو يريدُ أن يستفزّ المشتوم ويُحرِّك فيه نزعة الردّ: إيّاكَ أعني!!
فقام المشتوم، وكأنّه لم يسمع الشتيمة: وعنكَ أُعْرِض!!
- الدروس المُستخلَصة:
قد يحاول المُسيء أو الشاتم أو السبّاب أن يستدرج خصمَه إلى حلبة المُصارعة الكلامية، أو حلبة المُلاكمة اللِّسانية، بأن يقول للمشتوم الحليم: هذا كلامي، فأين ردّك، أو كأنّه يقول له أو يوحي إليه: سكوتكَ يعني أنِّي على حقّ! ولو لم يكن كذلك لسمعتُ منكَ ردّاً. فلا يقع المشتوم في مصيدة الشاتم، فيُجاريه، فيكون مثله.
2- (عنكَ أُعرِض)، تُساوي بلغة القرآن: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا) (الفرقان/ 63). فماذا تعني هذه العبارة؟
- أنا من طرازٍ وأنتَ من طراز.
- أنا من مدرسةٍ وأنتَ من مدرسة.
- أنا من أدبٍ وأنتَ من أدبٍ آخر.
ولأنّنا مختلفان فلا نلتقي.. إذهب في شتائمك إلى حيث تشاء، فلن أذهبَ معك! أو أنساق مع استفزازك! هيهات هيهات.
ارسال التعليق