• ١٧ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٨ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الزهراء (عليها السلام).. النموذج الأمثل للمرأة المسلمة

عمار كاظم

الزهراء (عليها السلام).. النموذج الأمثل للمرأة المسلمة

كانت فاطمة الزهراء (عليها السلام) الإنسانة التي ارتفعت بروحانيتها إلى الله تعالى، فعاشت معه في ابتهالاتها ودعواتها وصلواتها، وتحدّثت إليه في كلّ آلامها وأحزانها وحاجاتها في الحياة. إنّها الإنسانة التي امتلأت علماً، وهي التي نهلت فكر الإسلام وثقافة القرآن، من الينبوع الصافي الطاهر للإسلام؛ من عقل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقلبه وفكره وتجربته. وكيف لا يكون ذلك، وهي التي عاشت معه وتربّت على يديه، حيث كان الوحي ينـزل عليه وهي في بيته، كما أنّها تعلّمت وعليّ (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعاشا كلّ معانيه الروحية والفكرية.

العلاقة بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين ابنته الزهراء (عليها السلام) كانت علاقةً من أعمق العلاقات، فكانت هناك حياة أشبه بالحياة الاندماجية؛ كان عقلها من عقله، وكانت روحها من روحه، وكان قلبها من قلبه، وكان يرى فيها كلّ المعاني الروحية في رسالته.

لقد حملت الزهراء (عليها السلام) كلّ أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكانت الرؤوفة العطوفة والرحيمة بالآخرين، وكانت الصابرة على كلّ تعقيدات الحياة ومشاكلها الخاصّة والعامّة. وكانت (عليها السلام) الابنة كأفضل ما تكون البنات لآبائهن، والزوجة كأفضل ما تكون الزوجات لأزواجهن، والأُم كأفضل ما تكون الأُمّهات لأبنائهن، والمسلمة كأفضل ما تكون المسلمات لمجتمعهن، كما أنّها لم تدع فرصة إلّا واستفادت منها، فكانت المعلّمة لنساء عصرها، والمحدّثة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث رُوي عنها - من الرجال والنساء - أحاديث كثيرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وكانت (عليها السلام) الصادعة بالحقّ، فوقفت أوّل امرأة مسلمة بين الرجال، لتخطب خطبة فيها الكثير من علم الإسلام وفقهه واحتجاجاته.

أمّا بالنسبة إلى عبادتها (عليها السلام)، فقد ورد عن الإمام الحسن (عليه السلام): «رأيت أُمّي فاطمة قامت في محرابها ليلة جمعتها، فلم تزل راكعةً ساجدةً حتى اتّضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين وتسمّيهم وتكثر لهم من الدُّعاء ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أُماه، لمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني، الجار ثمّ الدار».

كانت السيدة الزهراء (علیها السلام) تعيش النشاط الرسالي، وكانت تعلّم نساء المهاجرين والأنصار، وكانت المجاهدة التي تقف وتخطب في المسلمين دفاعاً عن الحقّ. وورد عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في رواية أنّها: «سيدة نساء أهل الجنّة»، وفي رواية أنّها «سيدة نساء العالمين»، وفي رواية ثالثة أنّها «سيدة نساء المؤمنين».

أراد لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن نعظّم الزهراء (عليها السلام).. كرمز للمرأة المسلمة، ونرفع من شأن المرأة في كلّ منطلقاتها - أن ننمي طاقات المرأة، فقد عمل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على تنمية طاقات الزهراء (عليها السلام)، وعمل عليّ على تنمية طاقات زينب (عليها السلام)، وهذا ما يوجب علينا جميعاً - رجالاً ونساءً - أن نعمل في سبيل أن يتكامل الرجل مع المرأة علماً، ليكون للمرأة طاقة العلم كما للرجل، وحركةً في المواقع التي يرضاها الله، ليكون للمرأة التحرّك إلى جانب تحرّك الرجل. كانت فاطمة الزهراء (عليها السلام) النموذج الأكمل للمرأة المسلمة، وتلميذة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ورفيقة عليّ (عليه السلام)، فملأت المدينة ـ في زمن رسول الله وبعده أيضاً - علماً وروحاً وأخلاقاً وتوجيهاً.

ارسال التعليق

Top