الأمانة صفة تدعو صاحبها إلى حفظ كلّ ما يُؤتمن عليه في جميع الأشياء المادية والمعنوية بالسر والعلن.
وإذا كانت تعاليم الإسلام تهدف عامة إلى غرس خلق الأمانة في نفس المؤمن، فإنّ الصيام يُعدُّ من أقوى العبادات في تربية هذا الخلق، وذلك إذا أقبل عليه المؤمن في صدق وإخلاص ومراقبة.
والصيام في حقيقته سر بين المؤمن وخالقه عزّ وجلّ.. لا يطّلع عليه أحد حتى يلقى الله سبحانه جلّ شأنه فيجزيه الجزاء الأوفى، ولعل هذا هو بعض ما يفهم من قول الحق سبحانه وتعالى في الحديث القدسي "كلّ عمل إبن آدم له إلا الصوم فإنّه لي وأنا أجزي به".
ومتى توافر للإنسان في العمل السر المستور، وقهر الشهوات، فقد صار أميناً.
ومن شأن الصائم الصدق أن يحفظ الأمانة في كل شيء.
- يحفظها في معدته، فلا يتناول مفطراً وهو صائم، ولا يدخل إليه حراماً حين يفطر أو يتسحر.
- يحفظها في بصره، فلا ينظر إلى محرم، بل يستخدم بصره في كلّ ما هو نافع، ومفيد.
- يحفظها في سمعه فلا يصغي به إلى أحاديث اللهو والفجور أو الغناء والخناء.
- يحفظها في عقله فيقويه، وينميه بالعلم، والمعرفة.
- يحفظها في مشاعره، وأفكاره فيحيي في قلبه مشاعر الخير، وعواطف البر، وأفكار الإصلاح.
إنّ الصيام يعلم المؤمن الوقاية الإختيارية، والحصانة الذاتية، والأمانة المنبعثة من الأعماق، التي تجعل صاحبها يحاسب نفسه قبل أن يحاسبها غيره، وأن يحكمها من الداخل قبل أن يأتيها الحكم من الخارج.
فلنحفظ هذه الأمانة، ولنؤدها إلى صاحبها دون نقصان أو خيانة حتى نوفي أجرها بغير حساب.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق