• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الصلاة وقاية طبية وحصانة جسدية

الصلاة وقاية طبية وحصانة جسدية
◄المسلم الحق يشعر بالراحة والطمأنينة، حينما يؤدي فرائض الله عزّ وجلّ برضا وإنقياد وتسليم، ويلمس الراحة النفسية التي تعايش فؤاده، والوضاءة التي تعلو بشرته، والنور الذي يكسو محياه، فيمنحه الهيبة والوقار، والنشاط والحيوية في ممارسة حياته، ويزداد فرحاً وسروراً، حينما يعلم أنّ هذه الصلاة التي افترضها الله عزّ وجلّ عليه في اليوم والليلة تكسبه قوة وصحة، وحصناً منيعاً ضد كثير من الآلام والأمراض الشائعة التي يصاب بها من إستسلم للراحة والخمول، وإبتعد عن أداء الصلاة بالكلية، أو ابتعد عن أدائها بالشكل الصحيح. قبل أن يدخل المسلم في الصلاة، يمر بفرائض الوضوء وسننه، التي يخرج منها بفوائد عظيمة، تتمثل فيما يلي: 1- في الوضوء حركات لجميع الأطراف تقريباً، فحركة الجسم أثناء المشي والجلوس لقضاء الحاجة، مروراً بحركات الذراعين في غسل الوجه، ومسح الرأس والأذنين، وإنتهاءً بغسل القدمين، وما يتخلله من حركة، وذلك بمد القدم اليمنى، والإستناد على اليسرى ثمّ مد اليسرى، والإستناد على اليمنى. 2- المضمضة وإدخال الماء إلى الفم، يزيل ما يمكن أن يكون قد علا الأسنان من سكريات، وتزداد الأسنان نظافة والفم طهارة باستخدام السواك. 3- الإستنشاق والإستنثار يدخل رطوبة إلى الأنف الذي يُصاب عادة بجفاف بسبب بعض المؤثرات الخارجية. 4- غسلُ الوجه (ثلاث مرات) ينعشه، ويزيل عن بشرته ما تجمع من دهون خفيفة، وهو بمثابة "مساج لطيف"، يذهب التعب والإرهاق عن الوجه، ويزيده إشراقاً ووضاءة، وقد قيل إن غسل الوجه خمس عشرة مرة بالماء، يكسب بشرة الوجه نضارة وجمالاً، وهذا لا يتوافر إلا لمن حافظ على الصلوات الخمس في اليوم والليلة فيتوضأ لكل صلاة. 5- غسل القدمين اللتين كانتا محبوستين، ومحرومتين من الهواء، له آثاره المفيدة صحياً أيضاً. 6- التوجه إلى الوضوء، وحركات الوضوء نفسها، والعودة منه، هذه جميعها تنشط الدورة الدموية في الجسم، وتجدد حيويته، وتنقذه من الآثار الضارة للجلوس الطويل المتواصل في المكاتب خاصة للذين يعملون في وظائف مكتبية لساعات طويلة.   -        الصلاة.. صحة: فوائد جمّة، وآثار صحية يخرج بها المسلم، حينما يكرر هذا المشهد، خمس مرات في اليوم والليلة.. قال عليه الصلاة والسلام: "لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" (رواه مالك في الموطأ وابن أبي شيبة في المصنف)، وقال أيضاً: "الطُّهور شطْرُ الإيمان.." (رواه الإمام أحمد في المسند). ثمّ تأتي فريضة الصلاة، بحركاتها التي تكاد تشمل كل أعضاء الجسم، لتكمل ما وفره الوضوء من تنشيط للجسم، وتجديد لحيويته: -        فابتداء من مجموعة عضلات الرقبة، وسلاميات الأصابع إلى بقية أجهزة الجسم، إلى الحركة المتمثلة في العظام والمفاصل، وبتنفيذ من العضلات المشاركة، إلى جانب الجهاز الدموي المتمثل في شبكة الشرايين والشعيرات الدموية الدقيقة، والأنسجة العضلية الدموية، مروراً بالجهاز العصبي الممتد والمتشعب من الرأس حتى أخمص القدمين، وصولاً إلى الجهاز الهضمي المتمثل بجميع أجهزته وأعضائه الداخلية، التي تكون بحاجة إلى دعم من الدورة الدموية، بواسطة مجهود حركي لتعمل بهمة ونشاط. -        فإذا أخذنا الجهاز الحركي مثلاً، نرى أنّ الصلاة تعاملت معه عن طريق تحريك مفاصل الكتفين والمنكبين مع جميع مجموعاتها العضلية المشاركة أثناء التكبير في بدء الصلاة، مروراً بالركوع ثمّ السجود والعودة منه عودة متكررة، تبلغ الأربع في كل ركعة، ويحصل عدد من الفوائد لعدد من المفاصل الأخرى بالوقت نفسه، فإذا أضفنا إلى عدد ركعات الفرض، بعض السنن المستحب تأديتها، لا شك أنّ الفائدة – لهذه المجموعات المفصلية، والعضلية – ستزداد.. وهكذا نستطيع أن نشبه من يصلي الفرائض والسنن، بالرياضي المحترف الذي ما إن ينتهي من أداء مجهود رياضي معيّن حتى يضيف بعض الحركات أو التدريبات التي تفيده وتزيد من لياقته، وإستعداده الجسماني، فيصبح رياضياً مميزاً، وهذا تشبيه للمسلم المحترف أيضاً، المميز عن غيره، عندما يُكثِر من أداء السنن والنوافل بعد الفرائض. إنّ هذا ما يحصل في الصلاة في شهر رمضان المبارك، إذ تمتلئ المعدة بالمأكولات، خاصة الحلوى العسيرة الهضم، وتأتي الصلاة كخير معيّن في دفع عجلة الدورة الدموية بانتظام، وبحركات منظمة، تراعي عمل عضلات البطن، وتنشط عمل الكلى، إلى جانب تحريكها فقرات الظهر القطنية، بالانتصاب والثني، عند الإعتدال من الركوع والعودة من السجود. فالصلاة فيها تعبّد وتقرّب لله عزّ وجلّ، وكذلك فيها وقاية صحية وحصانة جسدية، يتمتع بها المسلم المحافظ على هذه النافلة في كل ليلة من ليالي الشهر الكريم، فكيف بمن يحافظ عليها طوال حياته؟ إنّ كراهة إنحاء الركبتين عند الركوع، وإستحباب ميل الجذع للأمام، وإستقامته مع الرقبة، بحيث يصبح الظهر والرقبة، كخشبة واحدة لو صُب الماء عليه لما سقط، يعطي برهاناً أكيداً على أنّ الصلاة بحركاتها ليست موضوعة دون حكمة أو دراية بأمور الجسد الصحية، وشروطه الفسيولوجية، إنّ النظريات البدنية الحديثة والإرشادات الطبية، للمجهود الرياضي لآلام الظهر، تشدد على عدم ثني الركبتين أثناء ميل الجذع للأمام، من أجل إفساح المجال أمام عضلات الفخذين الخلفيتين مع عصبي عرق النسا المشهورين بألامهما، بالتمدد إلى أقصى درجة، لإكسابهما الليونة الزائدة مع سرعة في التكيف عند التمدد والتقلص، والهدف والفائدة نفسهما بالنسبة لمجموعة عضلات الظهر، وخاصة القَطَنية في أسفله، وكلنا يعرف أن أكثر نسبة الآلام والأمراض – اليوم – هي ما شاع من عِرْق النسا، وآلام الظهر، والدسك والتشنج في عضلات الأطراف السفلى، لما يحصل فيها من ضعف الأنسجة العضلية، وإنسداد أو ضيق في أنسجة الشرايين، وهو ما يُعرف "بالفارين" الظاهر والمخفي، نتيجة إطالة الوقوف دون حاجة، مما يعيق الدورة الدموية في الأطراف السفلى.   -        السجود والتسليم: أما وصول المصلي إلى حركة السجود، وإستحباب إطالته فإنّه يعني فائدة للدماغ، لأن معظم إصابات تصلب شرايين الدماغ، أو ما يُقال له – نشافها – يحصل نسبياً عند الذين إبتعدوا كثيراً عن المجهود الحركي، وإذ بالصلاة تركز على هذه الناحية، للفائدة المرجوة من ملامسة الجبهة للأرض، مع رفع الحوض لأعلى قليلاً، لدفع الدورة الدموية إلى الدماغ. كما أن وصول الدم إلى بشرة الرأس، يقوي بصيلات الشعر الأمامية، وهذه فائدة طبية عظيمة، تقابلها فائدة شرعية لمن أطال السجود، هي قوله – عليه الصلاة والسلام –: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء فيه" (رواه مسلم وأبو داود). أمّا بالنسبة للرقبة، فالتفاتة المسلم بوجهه عند نهاية الصلاة يمنة ويسرة تحرك المجموعات العضلية للرقبة، فهناك تسليمتان لكل صلاة، وعشر تسليمات للصلوات الخمس، يُضاف إليها تسليمات السنن والنوافل، قلّت أو كثُرَت. هذه التسليمات كفيلة بأن تبقي الرقبة مع تكويناتها التشريحية، وفقراتها العظمية السبعة بحالة جيِّدة، بعيدة عن الآلام المعروفة الشائعة عند من تتطلب أعمالهم الجلوس لفترات طويلة على وضعية معيّنة، أو الذين يقودون السيارات لمسافات طويلة، أو الطلاب الذين يستذكرون دروسهم بوضعية معيّنة. هذه الآلام كثيراً ما سببت لأصحابها تشنجاً في عمل عضلات الرقبة، لقلة الحركة فيها، قد تصل – أحياناً بالفقرات إلى حالة التكلس الشديد. فما أعظمَ الصلاة.. التي فُرضَتْ على المسلمين، وجُعلت قرة عين النبي (ص) فيها، وانظر: كيف يرحمك الله بهذه الصلاة، وكيف تنعم – بالمحافظة عليها – براحة الجسد، وسلامته من الآفات، علاوة على ما تشعر به من إنشراح الصدر، وطمأنينة القلب؟ سُئل عليه الصلاة والسلام عن: "أيُّ الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها.." (رواه النسائي)، وقال أيضاً: "الصلاة نور" (رواه الطبراني في الكبير).►

ارسال التعليق

Top