• ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٤ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الهداية والضلالة

الهداية والضلالة

◄قال تعالى: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القصص/ 56).

(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ)، كلامٌ موجّه إلى النبيّ محمّد (ص)، ومنه إلينا جميعاً. كلُّ فردٍ منا يحب أشخاصاً يُعايشهم، سواء أكانوا أولاده، أو والديه، أو أقاربه، أو أصدقاءه، فإذا ما هداه الله تعالى فإنّه يحب لهم الهداية، لما يترتب عليها من نتائج حسنة في الدنيا والآخرة. ولكن لا يكفي حبُّ الهداية لهم لتحقيقها، فالحبّ تعبيرٌ عاطفي تجاه الآخرين، ولكنّ الهداية مسؤوليتهم ليختاروا طريقها. أحبّ النبي نوح (ع) ولده، وعندما قرر الله تعالى أن يُغرق قومه إلّا مَن ركب في السفينة وهو مؤمن بالله تعالى، نادى نوح ربه من أجل إنقاذ ولده: (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ...) (هود/ 45-46)، فعلى الرغم من وجود الحب والمودة من نوح (ع) لولده، لكنّ الطرف المحبوب وهو الولد بقي متمرداً على الهداية، فغرق مع الكافرين.

 

1- الهداية لجميع البشر:

جعل الله تعالى الهداية لجميع البشر وهي الهداية العامة، فأعطاهم عندما خلقهم ما يُساعدهم على تحقيقها، وأرشدهم إلى الطريق التي تُصلِح شأنهم، وبنى فطرتهم وفق مقوماتٍ تمكِّنهم من الوصول إلى الهدى، قال الله تعالى: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) (طه/ 50)، هدى الله المخلوقات إلى طريق حياتها، وهدانا كبشر إلى طريق حياتنا، فزرع الفطرة، لنتقبّل الخير ونتقبّل الشر، فإذا ما أردنا اختيار الهداية فبإرادتنا، وإذا ما أردنا اختيار طريق الضلال فبإرادتنا، (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) (الإنسان/ 3)، وهذه أوّل الطريق، وفّرها الله تعالى لنا في إطار الهداية العام.

أرسل الله تعالى إلينا الأنبياء والرسل ليرشدونا إلى الطريق المستقيم، ويأخذوا بأيدينا ويربّونا على ذلك، وهيّأ لنا في هذه الدنيا عقلاً مرشداً إلى الهداية، ومقومات تؤدي إلى الخير والصلاح، فشجعنا عليها، ورغبنا بها، (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) (الأعلى/ 3)، الذي قدّر مقادير الأشياء وحدودها وضوابطها، وقدّر لها طاقة محدودة وعمراً مؤقتاً ورزقاً مكتوباً، فنحن نهتدي في ظلِّ هذه المقادير والقوانين الإلهية، ووضع محفزاتٍ تجعل الإنسان يُقبل على الخير كالجنة والعطاءات الإلهية الكثيرة، وحذر من العقاب ليكون رادعاً للإنسان عند الانحراف.

تطيعُ الملائكة ربّ العالمين مهتديةً إلى ذلك من دون خيار، وتُصبِّح الحيوانات وسائر المخلوقات بحمد الله تعالى وتُتابع حياتها في إطار الهداية إلى شؤونها المحدّدة، أما الإنسان فيتميّز بعقله، فيختار الهداية، ويطوِّر حياته، ويبني الحضارة، أو يضيِّع نعمةَ الله تعالى عليه بالضلالة والخسران. ولكن لا هداية وفوز إلّا باتِّباع طريق الله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام/ 153).

 

2- مسؤولية الهداية أو الضلال:

بعد أن رسم الله تعالى الهداية العامة للإنسان، وخيّره بين الإيمان والكفر، وحمّله مسؤولية النتيجة: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) (يونس/ 108)، من دون أن يكون محتاجاً إليه، (إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (العنكبوت/ 6). دعاه إلى الهداية لمصلحته، لتكون حياته اليومية سعيدة، وعلاقاته الاجتماعية سليمة، وحقوقه متوازنة مع واجباته في العلاقة مع الآخرين، ومساره على طريق التوازن والعدل وحسن الخلق، وآخرته في الجنة.

فإذا ما اختار الإنسان الضلالة، فسيدفع الثمن في الدنيا قبل الآخرة، لأنّ الضلالة سيئةٌ بآثارها على الفرد والجماعة، ففيها ظلمٌ، وسلبٌ لحقوق الآخرين، وانحرافٌ، وشقاءٌ، ومنكرات، وفي نهاية المطاف حسابٌ عسير عند الله تعالى في يوم القيامة، فهو يتحمل مسؤولية الهداية الخاصّة أو الضلالة.

قال النبيّ (ص): "بُعثتُ داعياً ومبلِّغاً وليس إليَّ من الهدى شيء، وخُلِق إبليس مزيناً وليس إليه من الضلالة شيء"، فالرسول (ص) يدعو الناس ويبلّغهم، ولكنّه ليس مسؤولاً عن هدايتهم، فالأمر يتعلق بالناس وهم الذين يتحمّلون المسؤولية، وإبليس يُزيِّن الكفر والانحراف والشهوات، ويُزين الشرّ بأن يرغِّب الناس به، ولكنّه ليس مسؤولاً عن اختيارهم للكفر والضلال والانحراف.

الزينةُ حالةٌ مرغوبة، والشهوة جذابة، لكنها لذّةٌ مؤقتة، ومتاعٌ زائل تُسألُ عنه يوم الحساب، الزينة حالةٌ جمالية مؤقتة سُرعان ما تنتهي وتبقى آثارها وتبعاتها، (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران/ 14). إنّ طريق إبليس وأعوانه خاطئة ومضرّة، وفي النهاية لا يحمي أحدٌ أحداً، ولا يدفعُ أحدٌ عن أحد، بل يتحمل كلُّ إنسانٍ مسؤولية عمله، يعبِّر عنها المشهد الحواري في يوم القيامة: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ * وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (إبراهيم/ 21-22)، حيث يتخلى الشيطان عن جماعته، فحجته دامغة ضد الضالين، إذ قدّم لهم الفساد فانجذبوا إليه، ورغّبهم بالمنكرات فاستطيبوها، ودعاهم إلى طريق الانحراف مغرياً لهم بمكتسباتٍ دنيوية فأقبلوا عليها، فليتحمَّلوا مسؤوليتهم.

يقول أمير المؤمنين (ع): "مَن اهتدى بهُدى الله أرشَدَه، ومن اهتدى بغير هُدى الله سبحانه ضَلَّ"، فعندما تختار طريق الله تعالى يفتح أمامك سبيل الهداية، أمّا سبيل الشيطان فنتيجته الضلالة، (أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) (البقرة/ 16)، فأنت الذي تختار وتهتدي الهداية الخاصّة، وأنت الذي تضلّ، حيث لا تنفعك كلُّ مقومات الهداية إذا لم تسلك طريقها.

 

3- قوانين الهداية ومسارها:

وضع الله تعالى قوانين الهداية والضلالة، فمن سار في طريق الهدى ازداد هدىً، إذ إنّ طبيعة هذه الطريق تحمل النموّ والكمال والنور والرُّقي، ومع تراكم الإيمان والعمل الصالح تنفتح الطريق لتزداد تقىً وصلاحاً وطمأنينة. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (يونس/ 9). لاحظ معي (يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ)، فبداية الطريق من الإنسان، واختيار الهداية يفتح الطريق، وهو ما رسمه الله تعالى في ازدياد الهدى. وقال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت/ 69)، فعندما تُجاهدون في الله تعالى فالله تعالى يهديكم ويدلُّكم ويرشدكم ويفتح أمامكم طريق الهداية، (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) (محمّد/ 17).

فكما للهداية قوانينها ومسارها، كذلك الضلالة لها قوانينها ومسارها أيضاً، فمن اختار طريق الضلالة جرت عليه مستلزماتها، ولا يكون اختياره لها من باب تحدي الخالق، فالله تعالى وهو الذي جعل طريق الضلالة كما جعل طريق الهداية، ومَن سار في طريق الضلالة سيضلّ ويزداد ضلالاً كلما أوغل فيها، بسبب القانون الذي وضعه الله تعالى، ولذا عندما يُنسب الإضلال إلى الله تعالى، إنما يُنسب إلى مترتبات القانون الذي وضعه الله تعالى. فالمؤمنون والكافرون كالموجودين في ملعب لا يتجاوزونه، الرابحون والخاسرون في داخله، فالرابحون في جهة اليمين والخاسرون في جهة الشمال. وكذلك الهدى والضلالة ضمن القوانين الإلهية، فالذين اهتدوا اهتدوا بالقانون الذي وضعه الله تعالى، والذين ضلّوا ضلّوا بالقانون الذي وضعه الله سبحانه، فلا الذي اهتدى خرج عن قدرة الله، ولا الذي ضلّ خرج عن قدرة الله تعالى، لأنّ الله تعالى هو الذي قرّر هذه القوانين.

يترتب الضلال على الإعراض عن آيات الله: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا) (الكهف/ 57)، فالظالم لا يكترث، وهو الذي صمّ أذنيه، وقام بأعمال سيئة، حالت دون رقة القلب وطُهره، هذا القسم من الناس لا يهتدي أبداً، لأنّه سد الطريق على نفسه، ودخل في مفاعيل قانون الضلالة فازداد ضلالاً.

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (البقرة/ 258). عندما حدّث إبراهيم (ع) النمرود عن ربّه الذي يُحيي ويُميت، جاء النمرود برجلٍ محكوم بالإعدام فأفرج عنه بزعم إحيائه! وبآخر لم يكن مذنباً فقتلهُ بزعمِ أنّه يميت! عندها اختار إبراهيم (ع) دليلاً آخر لا يستطيع النمرود التحايل به على الحقائق، (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (البقرة/ 258).

مَن اختار طريق الضلال أعمى بصيرته، وعطّل عقله، وسار في طريقٍ مظلمة، هؤلاء لم يعودوا أهلاً للاستغفار، لأنّهم خرجوا من الهداية نهائياً، قال تعالى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (التوبة/ 80). اختاروا طريق الضلال، وسيزدادون ضلالاً، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلا) (النساء/ 137)، هؤلاء سُدّت أمامهم الطرق، فهم الذين سدُّوها.

ينتقل المهتدي من داخل النفق إلى خارجه، وكلما مشى خطوات انكشف أمامه النور، وعندما يخرج من النفق يرى النور كاملاً، فهذه طريق الهداية. أما طريق الضلال فبالعكس، يكون في النور ثمّ يدخل في النفق، الذي يُظلِم شيئاً فشيئاً، ثم يصبح الظلام دامساً.

تحصّل لدينا وجودُ هدايةٍ عامة أعطاها الله تعالى لجميع البشر، وزرع فينا العقل من دون أن يطلبه أحد، وأعطانا إمكاناتٍ وقدرات وفتحَ لنا باب الخيرات من دون أن نسأله، وأرسل إلينا الأنبياء منحةً منه وتسهيلاً للهداية.

 

4- طريقان متضادان:

قال تعالى: (إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) (النحل/ 37)، فالذي يسير في طريق الضلالة لا يمكن أن يهتدي، لأنّه يسير بعكس طريق الهداية، قال أمير المؤمنين عليّ (ع) في نهج البلاغة: "ومَن لا يَستَقيمُ به الهُدَى، يَجُرُّ به الضلالُ إلى الرَّدَى"، فمن لم يستقم به الهدى ولم يرشده ويدله إلى الطريق المستقيم، فسيكون خياره الآخر هو الضلال والسقوط والخسران.

(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، فالله يهدي مَن يشاء بحسب القوانين التي وضعها، فإذا اهتدى الإنسان بهدي الله تعالى فلاختياره هذه الطريق. وإذا اختار طريق الضلال، فالله تعالى لن يهديه بسبب خيارِه، فيضِلُّ بحسب القانون الذي وضعه الله تعالى للضلال. إذاً الهدايةُ الخاصّة مسؤولية الإنسان وبحسب القوانين التي وضعها الله تعالى، وهي تختلف عن الهداية العامة التي منحها الله تعالى للجميع.►

 

المصدر: كتاب مفاتيح السعادة

ارسال التعليق

Top