• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مطار رامون.. بوابة إسرائيل للسيطرة على البحر الأحمر

د. أماني القرم

مطار رامون.. بوابة إسرائيل للسيطرة على البحر الأحمر

قالوا: «سيتمكن أسطول إسرائيل الجوي بالكامل من الإقلاع والهبوط في حالات الطوارئ إلى كلّ موقع في العالم  دون أدنى معوقات»!! الحديث هنا عن مطار «رامون» الذي افتتحه بنيامين نتنياهو أمس الأوّل واستغرق بناؤه 7 سنوات بتكلفة تقارب النصف مليار دولار. وقد حظي افتتاحه بدعاية وتفاخر ودموع وعواطف جياشة غير مسبوقة كعادة بني إسرائيل دوماً في العرض.

 المطار المذكور هو الأوّل الذي يُبنى من الألف إلى الياء بأيدي إسرائيلية حسب ادّعائهم منذ انشاء دولتهم، على اعتبار أنّ مطار «اللد/ بن غوريون» تم انشاؤه في عهد الانتداب البريطاني كنقطة ربط بين أوروبا وأفريقيا من جهة وآسيا من جهة أُخرى إبان الحرب العالمية الثانية. وسُمِّي المطار الجديد باسم «رامون» نسبة إلى إيلان وايساف رامون: الأب ايلان الطيار الحربي الذي قُتل في انفجار المكوك الفضائي كولومبيا عام 2003، والابن ايساف الذي قُتل في تحطم طائرته الحربية 2009.

وبغض النظر عن جملة المميزات وضخامة الانشاءات والطاقات التشغيلية الفائقة للمطار المعد لاستقبال 2 مليون سائح سنوياً، ومراعاة صداقته البريئة للبيئة وخدماته الجليلة للسياحة في المنطقة ككلّ حيث اعتبر بوابة المثلث السياحي: إسرائيل/ مصر/ الأردن! فإنّ الخطير والمريب في مسألته بعدان أساسيان:

الأوّل: قدراته الدفاعية والراصدة اللافتة. فالمطار مُحاط بسياج دفاعي عالي المستوى تم تطويره عدّة مرّات وتحديداً بعد تعرّض محيط مطار بن غوريون لسقوط صاروخ من قطاع غزة أدّى إلى إرباك وتوقف في حركة الطائرات أثناء الحرب على غزة 2014. والسياج بمثابة حاجز إستيراتيجي مزود بمعدات رصد وتجسس فريدة، فضلاً عن منظومة دفاعية معقدة تكنولوجياً تشمل مضادات صواريخ  هي الأولى من نوعها ورادارارت دقيقة تحسباً لأية طوارئ أو هجوم!! الأمر الذي يثير التساؤلات حول سبب هذه الترسانة الاستخباراتية في بقعة تُعدّ آمنة نوعاً ما بالنسبة لإسرائيل..

الثاني وهو الأهم: موقع المطار الإستيراتيجي الذي يتموضع بين مدينتي طابا المصرية والعقبة الأردنية على بعد 19 كيلومتر فقط من مدينة أم الرشراش «ايلات» المحتلة. وهذا الموقع بالغ الخطورة ينذر بتهديد مستقبلي حتمي ليس لحركة السياحة في البلدين كما تقول الأردن فحسب، بل للبٍعد السيادي والعمق الأمني لكليهما بسبب الرؤية الإسرائيلية لهذه المنطقة الحساسة. مدينة ايلات توازي في أهميّتها - بلا مبالغة - القدس بالنسبة للأطماع الإسرائيلية في التمدد والهيمنة. حيث تقع المدينة على رأس خليج العقبة من الشمال وصحراء النقب من الجنوب، وهي الميناء الوحيد المطل على البحر الأحمر الذي يُعدّ هدفاً حيوياً إسرائيلياً بامتياز لاعتبارات اقتصادية وأمنية وجيوسياسية تمثّل مرتكزات نظرية الأمن الإسرائيلي. وعليه فتحويل المدينة إلى ركيزة رصد ودفاع هو ضرورة إستيراتيجية كما تحدث عنها بن غوريون. واللافت أنّ هذا الأمر يأتي بالتزامن مع بسط شبكة ممتدة من العلاقات السياسية والاقتصادية مع دول أفريقيا!

ساذج مَن ينظر لإنشاء المطار وتشغيله بمعزل عن التحركات الجيوسياسية الإسرائيلية في دول حوض النيل ووسط أفريقيا وآخرها تشاد!

ارسال التعليق

Top