• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإدارة الفاعلة والقرار المناسب

الإدارة الفاعلة والقرار المناسب

◄في مثل هذه الحقبة التاريخية، التي يحدث فيها كلّ هذا التسارع في اتّساع الأعمال الإدارية وهذا الكم الهائل من التنوع الوظيفي، وضرورة اتخاذ القرارات، سيتطلب كلُّ ذلك المتابعة المستمرة وبشكل استثنائي ونستطيع القول "أنّ القرار هو ردّ الفعل المناسب للإنسان الواعي تجاه الحالة التي تتطلب العمل".

لاحظ أنّنا قلنا "ردّ الفعل المناسب" أو لنقل "الاستجابة المناسبة" أنّ الإدارة الفاعلة الناجحة، في الوقت الحاضر هي التي تقوم بالعمل المناسب في الوقت المناسب، واضعة كلّ العناصر التي تتعلق باستراتيجيّة عملها، لتحقق النتائج الضرورية المطلوبة.

وهذه النوعية من الإدارة ذات الاستراتيجيّة التي تتطلب عادة تقييم ووزن كلّ الخيارات الممكنة، وتتمتع بحرّية اختيار أنسب قرار أو مجموعة قرارات في ضوء الواقع.. لتحقيق أفضل النتائج، لا يعني أنّها غير معرّضة للمتاعب.. بل قد تجابهها بالفعل ولكن الهدف لابدّ أن يتحقق، وتتحقق أفضل النتائج الممكنة. لأنّها تملك الاستراتيجيّة الواضحة.. وتتخذ القرار المناسب..

ولابدّ أن نفرِّق هنا بين: القرار الصحيح، والقرار الجيد! فالقرار الصحيح سيخبرنا أنّ واحد مضاف لواحد قد يكون أحياناً ثلاث! وهذا مثال يمكن استيعابه إذا عرفنا وتمثّلنا الفرق بين الروح والجسد أو بين العمل الروتيني مهما كان صحيحاً وبين الإبداع الذي يقود إلى الجودة وتحسن النوعية. إنّ القرار الجيد موجود دائماً.. ولكنه لا يبحث عنا أبداً.. نحن من نفتش عنه في كلّ المجالات.. وهو بالقطع أرقى من القرار الصحيح وبرغم الجهد والمتاعب، فإنّ القرار الجيد يستحق أن نبحث عنه دليل ومثال على الإدارة ذات الاستراتيجية الجيدة!

ويقال: أنّ المؤسسة تُعرَفْ بما تخْلِقُهُ من منافسات! لقد حدثت تغيّرات واسعة وجذرية أحياناً في وجهات النظر والمواقف ومفاهيم الناس وكذلك البيئة، فأصبحت عناصر الدبلوماسية ومفاهيم النفعية والدهاء والمناورات سائدة في عالم متغيّرة يسعى للربح.

إنّك الآن تجد حتى الطبيب الذي يعرف كلّ شيء عن مريضه يخفي عنه حالته ولا يخبره بأنّه على سرير الموت. وكذلك لا تجد الأستاذ يخبر تلميذه بفشله في الاختبار قبل أن يعرِّفُهُ من خلال ورقته بعد توزيعها على جميع زملائه.

إنّ كلّ أوجُه الإدارة، سواء في الشؤون العامة، الإدارة القانونية، الإدارة الصناعية أو الزراعية، التقنية، الشؤون الخارجية، في الحرب أو في السلام، وحتى في مجالات الأمن والمخابرات والترتيبات والإجراءات المتعلقة برئيس الدولة، تُبْنَى على التخطيط الاستراتيجي.

نقول كلّ نشاط إداري مرموق لابدّ له من استراتيجية.. تخطيط واضح.. قصير وطويل المدى ويجري الآن تطبيق ذلك من قبل المؤسسات والحكومات العصرية.

وبالطبع فإنّ التأكيد على القيم الروحية وحدها في استراتيجية العمل الإداري ربما لا تأتي بالنتائج الموخّاة، فإنّ هذه الخطوة لابدّ أن تقترن بإدخال التكنولوجيا الحديثة، ليكون هذا تزاوج بين القيم والمبادئ من جهة وبين التقنية المعاصرة وسيلة للتقدم والنجاح والفائدة المادية من جهة أخرى.

وهكذا فإنّ استخدام النظرية المجرّبة والتطبيق المبني على الحسابات الاستراتيجية المدروسة.. يُشكل بناء مُنسّقاً هارمونياً (متناغماً) للوصول إلى قمة النجاح العملي، وتحقيق النتائج الصحيحة المتوخّاة، لأنّه يمثل تزاوجاً ناجحاً بين الفكرة والفعل، بين الكم والنوع وهل يمكن أن نتوقع الفشل لقيادة تتمتع بالعقل الخلّاق والتخطيط الفعّال ولها جنود مخلصون مدربون يسيرون على خططها المنسقة المدروسة؟

وهناك أفكار واستراتيجيات تمّ إطلاقها والدعاية لها.. والتبشير بنجاحها وسط هالة كبيرة من التصفيق والإعجاب.. ولكن الكثير منها هوت وتساقطت مثل بالونات ألعاب الأطفال أو في أحسن الأحوال كالمناطيد التي تعالت في السماء بألوانها الزاهية وسط عدسات المصورين وإعجاب الحشود ثم ما لبثت أن تهاوت بعد مسافة قصيرة.. إذ لا يتطابق حساب الحقل مع حساب البيدر دائماً.. والخلل هنا ليس بسبب الدفة أو الأحوال الجوية فقط وإنما بسبب سوء الحسابات وفقر التخطيط.. وأحياناً وهذا مهم جدّاً.. بسبب سوء الإدارة في التطبيق..

 

المصدر: كتاب المدير الناجح والتخطيط الإداري الفعّال

ارسال التعليق

Top