• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الكعبة الشريفة.. رمز العزّة

الكعبة الشريفة.. رمز العزّة
◄العزّة أصل مهم من أصول الدين، لأنها تساوي "الحياة" وكل الدين يتلخص في الدعوة إلى الحياة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) (الأنفال/ 24). الإنسان العزيز حيٌّ، وإذا ذلّ ماتَ، وأصبح يقبل كل هوان. من يهن يسهل الهوان عليه *** مالجرح بميّت إيلام لذلك حرصت الشريعة الإسلامية بكل تفاصيلها أن تحافظ على عزّة الإنسان المسلم، فالمسلم قد فوّضت إليه أموره كلها إلّا أن يكون ذليلاً، كما جاء في النصوص الدينيّة. حتى نجد في تفاصيل أحكام الحج ما يبعد الإنسان عن كل ما يسيء إلى عزّته. على سبيل المثال، لابدّ أن يسبغ الوضوء قبل الطواف، فإذا لم يجد الماء (وكان الماء في الماضي شحيحاً في مكة) فليطلبه، ويتوضأ، إلا إذا كان طلبه فيه وهنٌ، فلا يجوز أن يطلب الماء حينئذ، ويكفيه أن يتيمّم ويطوف!!! إلى هذا الحدّ بلغت دقّة الأحكام في المحافظة على عزّة الإنسان المسلم، وإلى هذه الدرجة اتجهت تفاصيل الشريعة لتحافظ على مقصد الإسلام الكبير، وهو العزّة. والعلاقة بين العزّة والحضارة واضح. فالعزّة كما ذكرنا هي "الحياة"، وليس المقصود الحياة البيولوجية الحيوانية، بل الحياة التي يتكامل فيها الإنسان، ويحقّق مهمّة "الاستخلاف" في الأرض، ويقيم الحياة الطيبة التي هي في الواقع الحياة الحضارية بالمعنى الإنساني للحضارة. الكعبة تضخّ في جسد العالم الإسلامي روح العزّة بقوّة لأنها: -        تربُط الإنسان بالعزيز المطلق سبحانه، فالله سبحانه مصدر العزّة: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) (فاطر/ 10)، والإنسان الصغير يشعر بعظمةٍ ما بعدها عظمة حين يرى نفسه ضيفاً لربّ السماوات والأرض، وحين يرى أنّه يطوف حول بيت ربّ العزّة والجلالة. -        تُذكّر الإنسان المؤمن بارتباطه بتاريخ النبوات، فهو ذو تاريخ ضارب في أعماق التاريخ، وهذا الاستشعار يمنح الإنسان نوعاً من الشخصية الرسالية. -        تُذكّر الإنسان بارتباطه بتاريخ الإسلام بكل ما لاقاه نبيّ الإسلام من عَنَتٍ قبل الهجرة، وبكل ما حظي به المسلمون من عزّة لدن فتح مكة، ودخول البيت، وتحطيم الأصنام، وتطهير البيت من الشرك والأوثان. -        تُذكّر الإنسان لدى الطواف مع الطائفين بعظمة الأُمّة الإسلامية، برقعتها الجغرافية وبشعوبها وبمصادرها الثرية وبموقعها الاستراتيجي، وبطاقاتها المادية والمعنوية. إنّ استشعار العزّة في كنف البيت الحرام كافٍ لوحده أن يجعل أمتنا عزيزة كريمة لا تعرف الهوان. إننا بحاجة حياتية لأن نعمّق مفهوم العزّة ومقومات العزّة في نفوس أمتنا وهي تواجه اليوم حرباً نفسية وإعلامية وعسكرية لإذلالها. لو أمعنّا النظر في معاول الهدم التي تستهدف الأُمّة الإسلامية لوجدنا على رأسها معول الإذلال وإفراغ الأمة من الشعور بالعزّة. ذلك لأنّ الإذلال هدم لحياة الأُمّة وصدّها عن الحركة وعن التوجّه نحو المسقبل.. الإذلال يجعل الأمة تتقبل كل ما ينزل بها من هوان وسيطرة وتمزيق. الإذلال يجعلها لا تفكّر إلا في شؤونها اليومية التافهة الصغيرة، وتبتعد عن الأهداف الكبرى.►

ارسال التعليق

Top