• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

سيكولوجية التفاعل الاجتماعي/ ج(2)

أ. د. أمل المخزومي

سيكولوجية التفاعل الاجتماعي/ ج(2)
◄أسباب التفاعل الاجتماعيّ:واجهت الناس مشكلاتٌ عديدةٌ في سالف الأزمان والعصور؛ ممّا دفعهم إلى التجمع على شكل جماعاتٍ وقبائلَ وشعوبٍ ودولٍ. ونتيجةً لذلك التجمع تكوَّنت العلاقاتُ الاجتماعية، ونتجت الأنواعُ المختلفةُ للتفاعل الاجتماعيِّ منها الإيجابيُّ والسلبيُّ، لعبت الصفات البيولوجيةُ، والنفسية التي يحملها الأفرادُ دوراً مهمّاً في ذلك التفاعل كما أنّ حاجة الأفراد إلى الغذاء والماء دفعتهم إلى التنقل والهجرة. ولعبت العوامل والروابطُ الاجتماعية والنفسية دوراً مهماً في التفاعل الاجتماعي، قد يكون أهمُّ عاملٍ للتجمُّع هو الخوف من الكوارث الطبيعية، والحاجة إلى الحماية من الحيوانات المفترسة؛ ممّا أدّى إلى احتياج الناس لبعضهم البعض، إضافة إلى الدوافع الجنسية التي أدَّت إلى تكوين الأُسَرِ.   أهدافُ التفاعل الاجتماعي: للتفاعل الاجتماعي أهدافٌ فرديةٌ، وأخرى جماعية يطمحُ الفرد والجماعة إلى تحقيقها، وتعتمدُ تلك الأهداف على تقييم الفرد، والجماعة للأمور المختلفة. كما يعتمد التفاعل الاجتماعي على عددٍ من المقومات الاجتماعية المُهمَّة، والفعّالة في نوعية ذلك التفاعل. والمقوماتُ هي ما يلي:   أوّلاً: التَّقييم: يشملُ التَّقييمُ عدَّة جوانب، نُلخِّصها في الشكل التالي: 1-    تقييم الآخرين (Evaluation Others): يستطيعُ الفردُ، والجماعةُ من خلال عملية الاتصال تقييم سلوك بعضهم البعض إن كان ذلك السُّلوك إيجاباً أو سلباً. يعتمد السلوك الذي يؤدِّيه هؤلاء على نوعية ذلك التقييم الذي تمَّ لديهم، فإن كان التقييم للآخرين معتمداً على السلبية كان السلوك الانعكاسي لتلك السلبية يتميَّز بالتنافس والصراع، أمّا إذا كان التقييم يميلُ إلى الإيجابية فإنّه يتميَّز بالتعاون والتوافق فيما بين الأفراد. 2-    تقييم الذات (Self Evaluation): يعتمدُ تقييم الذات على عدَّةِ جوانب، منها: المقومات الجسمية المختلفة، إضافةً إلى الشخصية التي يتمتَّع بها الفرد من حيث الإمكانيّات العلمية، والانفعاليّة، والاتجاهات، والمعتقداتِ، والمفاهيمُ المختلفة. كما أنّ للبيئة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية دوراً مهمّاً وفعّالاً في تقييم الذات. لقد أشار سكورد وباكمان (1964, Secord and Backman) إلى أنّ الفرد يميلُ إلى الأفراد الذين يحملون اتجاهاتٍ متماثلةً لاتجاهاته. وأيَّده في ذلك مور (Moore – 1968) عندما ذَكَرَ أنّ التفاعل الاجتماعي يتوقف على شخصية الفرد ومكانته الاجتماعية. 3-    تقييم السُّلوك (Evaluation of Behavior): يتكامل التفاعل الاجتماعي – كما ذكرنا سابقاً – مع عملية تقييم سلوك الأفراد والجماعات بعضهم البعض. يرتبطُ ذلك السلوكُ بنوعيَّة اتِّجاهاتهم ميولِهم دوافعِهم نحو بعضهم، يتضمَّن ذلك إعادةَ التَّقييم (Re – Evaluation) فكثيراً ما يتعرض الفردُ والجماعةُ إلى مواقف تتطلَّب منهم إعادةَ التَّقييم لمواقفهم ومواقفِ الآخرين منهم. كما يشملُ استمرارية التَّقييم (Evaluation Continuing) عندما يكون الاتصال الاجتماعي مستمراً بين الأفراد والجماعات، فعليه يكون التَّقييم مستمراً أيضاً.   ثانياً: الاتِّصال (Communication): يتضمَّن الاتصالُ نقلَ المعلوماتِ والحقائق والأفكار والانفعالات والاتِّجاهات والشُّعور من شخصٍ إلى آخرَ. الغرضُ من ذلك الاتِّصال هو خلْقُ التفاعل الاجتماعيِّ بين أفراد المجتمع. كما أن هناك جوانب مهمَّةً تلعب دوراً في الاتصال أكَّد عليها بوردن وجريج وجروف (1969, Gregg and Grove Borden) تتضمَّن: المُرسِل، والمُستقبِل للرسائل الشفويَّة الدائرة بينهما. تُستعمل اللُغة في العلاقاتِ اليومية كأساسٍ للاتصال بنوعيها: الرَّمزية التي تتضمَّن لغة الجسم (Body language)، واللَّفظيَّة التي تتضمَّن اللغة المنطوقة. ويلعب الاتصالُ دوراً مهمّاً في المؤسَّساتِ التعليمية والإدارية والصناعية جميعها... إلخ. كما أنّ لتقدُّم وسائل الاتصال الإعلامي في العصر الحديث دوراً مهمّاً في التفاعل الاجتماعي، فأصبحتْ الاتصالاتُ بين الدول والأقطار المتباعدة سهلةً وميسَّرةً لأفراد المجتمع جميعهم، كذلك الاتصالات بين الناس بالأقمار الاصطناعية التي كانت حلمَ السابقين وخيالهم، الآن أصبح الكمبيوتر وسيلة اتصالٍ سهلةً في متناول الجميع. يساعدُ الاتِّصال التكنولوجي بين الأفراد على التوحيد الاجتماعي بينهم، والشعور بالانتماء للآخرين (Feeling of Belonging)، كما يساعد الاتِّصال على حلِّ مشكلات المجتمعاتِ بالتعاون فيما بينهم، وإقامةِ العلاقات التجارية والثقافية والاقتصادية والسياسية.   ثالثاً: اتجاهاتُ الأفرادِ، وتوقعاتهم: يعتمدُ التوقُّع (Expectation) على اتجاهاتِ الفرد نحو الآخرين ونحو سلوكياتهم، فالحبُّ والتعاون السائدُ بين الأفراد يجعل توقُّعاتهم نحو بعضهم البعض متميزةً بالإيجابية. أمّا إذا كان الاتجاه نحو الآخرين سلبياً ويسود التوتُّر تلك العلاقات عندها تكون التوقُّعات سلبيةً أيضاً؛ مما يؤدِّي إلى زيادة التوتُّر والعدوان. يَحدُث العكسُ – أحياناً – عندما يواجه الفرد مشكلةً فيهبُّ الآخرون لمساعدته في الوقت الذي لم يكن يتوقَّعُ منهم ذلك؛ عندها يُغيِّر الفرد اتِّجاهه السَّلبي نحوهم إلى الاتِّجاه الإيجابي، والعكسُ صحيحٌ.   رابعاً: لعبُ الأدوارِ (Role – Playing): يؤدِّي لعبُ الأدوار إلى عملية التفاعل الاجتماعي. كلَّما أدرك الفرد دوره ومارسه بشكلٍ جيِّدٍ ومُتقنٍ أدّى إلى تقوية ذلك التفاعل، على سبيل المثال: الأب الذي يؤدِّي دوره نحو عائلته على أتم وجهٍ يؤدِّي إلى تقوية تفاعلهم الاجتماعيّ معه وفيما بينهم، كما يؤدِّي ذلك الموقفُ إلى تقوية التفاعل مع الآخرين أيضاً.   خامساً: لغةُ الجسمِ (Body language): يستعمل الأفرادُ فيما بينهم بعض الإشارات والرُّموز (Meaningful – Symbols) المُتَّفق عليها للدلالة على الاتِّصال القائم فيما بينهم، والتي يُطلق عليها "لغة الجسم". يتَّفق أفراد الجماعة فيما بينهم على تلك الرُّموز، وتكون معروفةً ومفهومةً لديهم؛ عندما يؤدِّي فردٌ ما تلك الحركةَ الجسميّة وإعطاء إشارةٍ معيَّنة فإنّ الأفراد الآخرين يفهمون المقصود من ذلك. كما أنّ الأفراد يستعملون رموزاً لغويّة – أحياناً – للدلالة على معنى معيَّنٍ متفَقٍ عليه اجتماعياً، ويكون كالشفرةِ بينهم.   المصدر: كتاب لماذا يَصمُتُ الرَّجُل؟! (الأسباب السيكولوجية لانعدام الحوار وقلّة الاهتمام بين الزوجين)

ارسال التعليق

Top