هل يمكن لموعد نومنا يومياً أن يؤثر في أوزاننا؟ وهل صحيح أن ارتفاع نسبة نوع محدد من الجراثيم المعوية يزيد من صعوبة التخلص من الوزن الزائد؟ وهل توجد حقاً في الجسم دهون تحرق الدهون الزائدة؟
النصائح التي نسمعها يومياً لمكافحة زيادة الوزن وبلوغ الوزن الصحي كثيرة ومتنوعة، منها المعروف والمتداول، ومنها الجديد الذي يتوصل إليه العلماء في سعيهم إلى إيجاد أفضل الوسائل للتخلص من آفة انتشار السمنة في العالم. ويمكن لهذه النصائح الجديدة أن تفيد الكثيرين، الذين يحاولون بشتى الطرق تخفيف أوزانهم، ونستعرض هنا بعضها:
1- التوقف عن إحصاء الوحدات الحرارية:
في مشوارنا نحو الوزن الصحي المنشود، ومكافحة زيادة الوزن، تبين أن عدد الوحدات الحرارية، الموجودة في الأطعمة التي نتناولها، ليس أهم ما في الأمر، بل المهم هو عدد تلك التي تمتصها أجسامنا من هذه الأطعمة عندما نأكلها. وقد أظهرت الأبحاث، التي أجريت في كلية بومونا الأميركية، أنه كلما ازدادت درجة الصعوبة التي يواجهها الجسم في هضم طعام ما، ارتفع عدد الوحدات الحرارية التي يحرقها لمعالجة هذا الطعام، ما يؤدي بالتالي إلى تراجع عدد تلك التي يمتصها في النهاية منه. وتعتبر المنتجات الطبيعية غير المصنعة والغنية بالألياف الغذائية والنيئة، واللحوم غير المبالغ في طهوها، أطعمة يضطر الجسم إلى بذل جهد كبير لهضمها وتحليلها وامتصاصها، ما يعني أنها تمدنا بقدر أقل من الوحدات الحرارية، مقارنة بالأطعمة سهلة الهضم. ويمكن القول إذن إنّ الوحدات الحرارية المذكورة على أغلفة المنتجات الغذائية يمكن ألا تعكس بدقة حقيقة ما يحصل في أجسامنا عندما نأكلها. وينصحنا الخبراء باعتماد نظام غذائي يقوم أساساً على الأطعمة الكاملة الطازجة غير المعلبة وغير المصنعة، مثل: الخضار، الفواكه، الأسماك، اللحوم والحبوب الكاملة، فهي ليست أطعمة صحية وغنية بالعناصر المفيدة فحسب، بل هي حليفتنا أيضاً في معركتنا ضد الوزن الزائد.
2- الحفظ على صحة الجراثيم الحميدة في الأمعاء:
تبيّن في أبحاث أجريت في كلية الطب في جامعة كارولينا الشمالية، أنّ الأشخاص الذين يواجهون مشاكل في الوزن، ترتفع في أجهزتهم الهضمية نسبة جراثيم تدعى فيرميكوتس. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا النوع من الجراثيم بارع جدّاً في استخراج الوحدات الحرارية من الأطعمة. وهذا يعني أن كلّ وجبة يأكلها هؤلاء الأشخاص تمنحهم عدداً من الوحدات الحرارية أكبر من ذلك الذي تمنحه لأشخاص آخرين تنخفض لديهم نسبة هذه الجراثيم التي تحب الوحدات الحرارية.
وكان الدكتور جيفري غوردون، من جامعة واشنطن الأميركية، قد أجرى العديد من الدراسات، التي أثبت أنّ الجراثيم المعوية (التي تساعد على تحويل تركيبة الأطعمة التي لا يمكن هضمها إلى تركيبة قابلة للهضم) تلعب دوراً رئيسياً في زيادة الوزن. وتبين في التجارب المخبرية، التي أجراها على الفئران، أن نقل هذا النوع من الجراثيم من أمعاء فئران بدينة إلى أمعاء فئران كبرت في بيئة معقمة، ولا تحتوي أمعاؤها على أي نوع من الجراثيم، جعلها تزداد وزناً على الرغم من الاستمرار في تلقي النوع نفسه من الأطعمة التي اعتادت تناولها من قبل.
ويحاول الخبراء إيجاد طريقة لإعادة التوازن إلى الجراثيم المعوية، بحيث تنخفض نسبة الفيرميكوتس لمصلحة الجراثيم الأخرى. ولكن للأسف لا يتوافر حتى اليوم أي نوع من البروبايوتيكس (الجراثيم الحميدة)، الذي يمكن تناوله لإعادة التوازن لنسبة الفيرميكوتس. لكن تبين أنّ النظام الغذائي الغني بالدهون المشبعة بالسكر يساعد على تقوية الفيرميكوتس وعلى تعزيز تكاثرها، بينما يسهم النظام الغذائي الفقير بهذه الدهون والكربوهيدرات في تعديل التوازن لمصلحة الجراثيم الأقل امتصاصاً للوحدات الحرارية من الأطعمة. لذلك، ينصح الخبراء بتفادي المنتجات الغذائية المكررة والمصنعة الغنية بالدهون والسكر، مثل: البيتزا، الجاتوه والبسكويت. ويؤكدون أن نتيجة التخفيف من تناول هذه المنتجات في تغيير نسبة الجراثيم المعوية إيجاباً. تبدأ في الظهور بعد وقت قصير قد لا يتعدى 24 ساعة.
3- تعزيز نشاط الدهون البنية:
أظهرت الدراسات أن واحداً من الأسباب، التي تؤدي إلى زيادة الوزن مع التقدم في السن، هو تراجع نشاط نوع من دهون الجسم هي الدهون البنية، التي ترتفع مستوياتها في أجسام المواليد الجدد، وأجسام الحيوانات التي تقضي فصل الشتاء في السبات. ولا يتوافر الكثير من هذه الدهون البنية في جسم الفرد العادي، إذ يقدر وزنها بنحو 300 غرام فقط في جسم البالغ، وهي موزعة بشكل أساسي في الجزء الخلفي من الرقبة وجانبيها، وبين عظمة الصدر والكتف، وعلى طول العمود الفقري. وخلافاً للنوع الآخر من دهون الجسم، وهي الدهون البيضاء أو الصفراء، فإنّ هذه الدهون البنية تقوم بحرق الوحدات الحرارية بحكم وظيفتها الرئيسية، وهي توليد الحرارة في الجسم والحفاظ عليها، ما يؤدي إلى رفع مستويات الأيض وتنشيطه. وتحتل محاولة تنشيط الدهون البنية وحثها على حرق الوحدات الحرارية مكاناً متقدماً على لائحة المهمات التي يحاول المتخصصون في تخفيف الوزن تحقيقها. وقد تبين حتى الآن أن خفض حرارة الجسم عن طريق أخذ دوش بارد مثلاً، يمكن أن ينشط الدهون البنية التي تستنزف الدهون الأخرى في الجسم لتزويد نفسها بالوقود اللازم لرفع حرارة الجسم، وإعادتها إلى معدلاتها الطبيعية ومقاومة انخفاضها.
ويقول المتخصص الأميركي في الأيض والبدانة أندرو غرينبيرغ: إنّ قدرة خلايا الدهون البنية على حرق الوحدات الحرارية يعود في جزء منه إلى تركيبتها. فتحت المجهر تبدو خلايا الدهون البيضاء على شكل عناقيد من حبوب العنب المنتفخة المليئة بجزيئات من الأحماض الدهنية. أما خلايا الدهون البنية، فهي متضامة، ولا تحتوي إلا على عدد قليل من هذه الجزيئات. ومثل الفرن في الطقس البارد، تقوم الدهون البنية بحرق كمية كبيرة من الوقود لتأمين الدفء للجسم. وبعد أن تنهي مخزونها الصغير من الأحماض الدهنية، تبدأ باجتذاب الدهون من مجرى الدم، وهي تلك التي تطلقها الخلايا الدهنية البيضاء المنتفخة في بقية أنحاء الجسم.
وإلى جانب الدور الذي يلعبه انخفاض حرارة الجسم في تعزيز نشاط الدهون البنية، أظهرت الأبحاث، التي أجريت في جامعة غرناداة الإسبانية، أن هرمون النوم الميلاتونين يمكنه أيضاً أن ينشط هذه الدهون. ويحتوي كل من الكرز، اللوز، بذور دوار الشمس، والكزبرة على كميات صغيرة من الميلاتونين، ما يعني أن تناولها يساعد على رفع مستويات هذا الهرمون في الجسم. وللحصول على كمية أكبر منه يمكن احتساء كوب من عصير الكرز، ويستحسن أن يكون ذلك مساءً، لأنّه يساعد على النوم. من جهة ثانية تبين أن ممارسة الرياضة تساعد على تحويل الدهون البيضاء العادية إلى دهون بنية.
4- الانتباه من الفراكتوز:
يزداد عدد المتخصصين في التغذية ومكافحة السمنة، الذين يعتقدون أنّ الدهون ليست هي العدو الحقيقي لقوامنا ورشاقتنا. وهم يؤكدون أنّ المسؤول عن زيادة أوزاننا هو ارتفاع مستويات الكربوهيدرات في نظامنا الغذائي، وخاصة نوع من السكر هو الفراكتوز، الذي تحوله الكبد إلى دهون عندما نتناوله بكميات كبيرة. ويقول المتخصص البريطاني دافيد جيليسبي: إنّ الفراكتوز لم يكن ليجسد أي مشكلة لو لم نكن نبالغ في تناوله. فنسبة الفراكتوز، التي نتناولها، تتزايد بشكل غير مسبوق، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى استهلاكنا كميات كبيرة من أنواع عصير الفواكه، ومزيج الفواكه والحليب، والمنتجات الغذائية خفيفة الدهون التي تتم عادة إضافة الفاكتوز إليها للتعويض عن النكهة التي تفقدها بفعل إزالة الدهون منها. ولكن هذا لا يعني أن علينا التوقف عن تناول الفواكه كثمار. صحيح أنّ الفواكه الطازجة غنية بالفراكتوز، لكن عندما يكون هذا السكر مصحوباً بالألياف الغذائية، كما يحدث عندما نأكل الفواكه كاملة وليس على شكل عصير، فإنّه يدخل إلى مجرى الدم ببدء ويتمكن الجسم من معالجته. كذلك يمكننا أن نركز على تناول الفواكه التي تحتوي على كمية أقل من الفراكتوز مقارنة بغيرها من الفواكه، وأبرزها الكرز، ثمار العليق بأنواعها، والخوخ.
أمّا الأشخاص الذين لا يرغبون في التخلي عن شرب العصير، فيمكنهم خفض نسبة تركيز الفراكتوز فيه عن طريق تخفيفه بالماء، بحيث يشكل العصير النقي الطازج للفواكه أقل من نصف محتويات الكوب، بينما يشكل الماء الكمية المتبقية، معالحرص بالطبع على عدم إضافة أي سكر أو مواد تحلية له. وإضافة إلى التخفيف من شرب عصير الفواكه، يجب التخفيف أيضاً من تناول الفواكه المجففة التي تغرق أجسامنا بكميات كبيرة من الفراكتوز.
5- تقسيم الفترة المخصصة للرياضة إلى قسمين:
فوجئ البحاثة في جامعة كوبنهاغن الدنماركية عندما وجدوا أنّ الأشخاص، الذين كانوا يمارسون التمارين الرياضية لمدة نصف ساعة فقط، نجحوا في التخلص من نسبة من الوزن الزائد فاقت تلك التي تخلص منها الآخرون الذين كانوا يقضون ساعة كاملة في النادي الرياضي في اليوم. أما السبب وراء ذلك، فيكمن في أنّ الأشخاص الذين يمارسون الرياضة لوقت قصير نسبياً ينجحون في الحفاظ على أنشطتهم، ويتمتعون بقدر أكبر من الطاقة خلال بقية ساعات النهار، ما يزيد من إمكانية إقبالهم على المشي، أو ركوب الدراجة، أو صعود الأدراج والقيام بالعديد من الأنشطة البدنية الأخرى. أما أولئك الذين يمارسون الرياضة لمدة ساعة كاملة، فغالباً ما يفقدون الرغبة في القيام بأي أنشطة بدنية أخرى، ما يحد بالتالي من مجمل ما يحرقونه يومياً من وحدات حرارية.
6- عدم اعتبار التمارين الرياضية الحل الوحيد للتخلص من السمنة:
صحيح أن ممارسة الرياضة تلعب دوراً أساسياً في تخفيف الوزن، لكنها ليست العامل الرئيسي. فقد أظهرت دراسة، أجريت في جامعة ميتشيغان الأميركية، أن أوزان الأشخاص الذين يعتقدون أن ممارسة الرياضة هي أفضل وسيلة لتخفيف الوزن، كانت أثقل من أوزان الآخرين الذين يعتقدون أن تغيير النظام الغذائي هو الوسيلة التي تعطينا النتائج المثلى على هذا المستوى. ويعلق البروفيسور برنت ماكفرين، الذي أشرف على الدراسة، فيقول: عندما يقوم الناس بزيادة النشاط الرياضي الذي يمارسونه بهدف تخفيف الوزن، يميلون عادة إلى مكافأة أنفسهم بتناول المزيد من الأطعمة المختلفة، كما أنهم يبالغون في تقدير عدد الوحدات الحرارية التي يحرقونها في هذا النشاط، فيسمحون لأنفسهم بتناول الطعام بحرية، ما يؤدي إلى ضعف النتائج التي يحققونها على مستوى تخفيف الوزن. وهو ينصح الجميع بالمواظبة على ممارسة الرياضة، مع الحرص على إدخال التعديلات اللازمة على النظام الغذائي للحصول على أفضل النتائج، وبلوغ الوزن الصحي والحفاظ عليه.
7- تفادي النوم لوقت متأخر في عطلة نهاية الأسبوع:
أصبح من المعروف أنّ الافتقار إلى النوم يسهم في زيادة الوزن. لكن الأبحاث الحديثة تشير إلى أنّ الأمر لا يتعلق فقط بعدد ساعات النوم التي نحصل عليها، بل وبمواعيد النوم. فقد أظهر البحاثة في جامعة بريغهام يونغ الأميركية أن نسبة الدهون في أجسام الأشخاص الذين لا يلتزمون بتوقيت محدد للنوم يومياً، وينامون في مواعيد عشوائية (حتى الأشخاص الذين ينامون لوقت متأخر عن الموعد المعتاد في عطلات نهاية الأسبوع) تكون أعلى من نسبتها لدى الآخرين الذين يلتزمون بمواعيد نوم منتظمة.
8- الاستفادة من عدم إتقان المعدة كيفية العد:
يقول المتخصص الأميركي في تأثير العوامل الخارجية والنفسية في زيادة الوزن الدكتور برايان وانسينك، من جامعة كورنيل: إن علينا أن نتذكر دائماً أنّ المعدة لا تعرف كيف تحصي عدد الوحدات الحرارية التي تتلقاها. وقد تبين له أن تناول حصص صغيرة من المنتجات التي نتناولها عادة كوجبات خفيفة (سناك)، أي ما يعادل 5 أو 6 رقائق بطاطا فقط أو مربعين من الشوكولاتة مثلاً، يمكن أن يلبي توقنا إليها بالفاعلية نفسها لتناول حصص تفوقها حجماً بخمسة أو عشرة أضعاف. ولكن لإنجاح ذلك، يتوجب أن نتناول حصة صغيرة من الطعام الذي نتوق إليه، ثمّ نتوقف، ونقوم بعمل آخر لا علاقة له بالطعام، لمدة ربع ساعة. ويؤكد وانسينك أننا سنكتشف أن توقنا الشديد إلى تناول هذا الطعام قد اختفى مع قيامنا بنشاط آخر خلال هذه الدقائق.
9- اعتماد السرعة في كلّ ما نفعل:
عندما لا نتمكن من التوجه إلى النادي الرياضي، أو ممارسة التمارين الرياضية المعتادة، يمكننا أن نعوض عن ذلك بقيامنا بالمهمات اليومية المختلفة بسرعة أكبر من المعتاد. فقد أظهرت الأبحاث التي أجريت في جامعة يوتا الأميركية أنّ الأشخاص الذين لا يقصدون النوادي الرياضية يحرقون عدداً أكبر من الوحدات الحرارية عندما يقررون القيام بأنشطتهم المعتادة بشكل أسرع مما يفعلون، مقارنة بما يحرقون عندما يحاولون إدخال فترات أطول من التمارين الرياضية التقليدية في أجنداتهم. وتبين أنّ النساء، اللواتي طلب منهنّ المشي بسرعة إلى كل الأمكنة التي يقصدنها خلال اليوم العادي، نجحن في تحصيل ما مجموعة 144 دقيقة من النشاط البدني المتوسط والقوي في الأسبوع، أي ما يقل بست دقائق فقط عن المعدل الذي ينصح به الخبراء، وهو 150 دقيقة من هذه الأنشطة في الأسبوع.
10- البحث عن التوازن النفسي والعاطفي:
يقول المتخصص الهندي – الأميركي في الطب البديل ديباك شوبرا، إننا إذا لم نكن سعداء في حياتنا، لن يكون من السهل علينا أن نتحكم في أوزاننا، لأنّنا سنرغب دائماً في ملء الفجوة، العاطفية أو الذهنية أو النفسية، في حياتنا بالطعام، فنفرط في الأكل، ونأكل لمواساة أنفسنا، ونقضم الأطعمة المختلفة عندما لا نكون جائعين، لتشتيت انتباهنا عن المشكلة الرئيسية في حياتنا. وهو ينصح بتطبيق نصيحة بسيطة لتحسين أمزجتنا، وهي أن نعمل على تغيير سلوكياتنا عن طريق القيام بعكس ما نقوم به عادة لمدة يوم. وهذا يعني أن نحول الأشياء المملة إلى أشياء مفعمة بالحيوية، ونغير ملابسنا أو حديثنا. ويمكننا أن نحول العمل إلى متعة، فنستعيض عن أمر يتوجب علينا القيام به بآخر نرغب في القيام به. وهذا يعني العمل على تحويل السلبي إلى إيجابي، والقيام بأنشطة بدنية خفيفة عوضاً عن الاكتفاء بالجلوس في انتظار أن نتخلص من أوزاننا الزائدة بمعجزة. ويؤكد شوبرا أننا إذا وجدنا طريقة أفضل من الأكل نحقق با سعادتنا، فإن أجسامنا ستعود إلى حالتها المتوازنة، وتسترجع أوزانها الطبيعية.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق