• ٢٧ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

آثار التكلفة الاجتماعية لحوادث المرور

نصر الله

آثار التكلفة الاجتماعية لحوادث المرور
  إنّ الحديث عن حوادث المرور حديث ذو جوانب متعددة، منها الجانب الاقتصادي والجانب السلوكي (التعليمي) والجانب الاجتماعي والجانب الفني للمركبة والجانب التخطيطي للمرور. من أبرز هذه الجوانب هو الجانب الاجتماعي بما فيه من آثار على شكل آلام وحسرة لفقدان شخص عزيز على الفرد أو الأسرة أو إصابته بعاهة قد تبقى مدى الحياة، مما يؤدي إلى انزواء الفرد وقلة حركته ونشاطه الاجتماعي، وعدم العطاء وقلة الكفاءة الإنتاجية. والحديث عن الإصابات والعاهات المستديمة يصحبنا إلى ظهور آثار اجتماعية أخرى، فمثلاً عدم قدرة الفرد على الزواج، وحرمانه من ممارسته للحياة الزوجية، وعدم التمتع بقضاء وقت سعيد مع أسرته، وحرمانه من ممارسة هواياته، ونفور الأصدقاء والأقرباء منه. أي أن نظرة الأصدقاء والأقرباء إليه قد تتغير نظراً لإصابته بعاهة. وعدم قدرة الفرد على مواصلة دراسته أو تعليمه إذا أصيب بعاهة مستديمة في العقل أو الأعضاء السمعية والبصرية. فالكتلة الاجتماعية لحوادث المرور تتضمن كلاً من المتضرر والمتسبب في الحادث. لقد أعطينا لمحة بسيطة عن الجانب الأوّل وهو المتضرر، أما فيما يتعلق بالمتسبب في الحادث فهو أيضاً عليه تكلفة اقتصادية واجتماعية. إذاً فالمتسبب في حادث مروري عليه أعباء إجتماعية لا تقل أهمية عن الأعباء الاجتماعية الملقاة على عاتق المتضرر، تظهر آثارها، على سبيل المثال، بأنّه يفقد صفته الاجتماعية كمواطن صالح يعرف واجباته كالمحافظة على الأمن والإطمئنان للآخرين، وهو أيضاً يعيش في جو من القلق نتيجة لتسببه بوفاة طفل أو شخص بالغ. هذه الأحاسيس والشعور بالذنب تجعل الفرد في حالة عدم استقرار مع نفسه ومع الآخرين. بالإضافة إلى ذلك فإنّ الشخص المتسبب في الحادث سوف يجرّد من بعض حقوقه وواجباته كمواطن، مثلاً بدخوله السجن قد يؤدي هذا الأمر إلى الطلاق والإنفصال عن الأسرة. وقد يحرم من إجازة القيادة لفترة من الزمن مما يجعل هذا الشخص ينظر إلى المجتمع نظرة تختلف عن نظرة المواطن العادي. كذلك، قد يحرم من الدراسة لأسباب ترجع إلى الاضطرابات النفسية أو التخلف الدراسي بسبب المحاكمة ودخوله السجن. إذا كانت لنا وقفة مع الآثار الاجتماعية لحوادث المرور فوقفتنا سوف تكون مع الأسرة بما تعنيه الكلمة من معنى وبما فيها من أركان تشمل الأب والأُم والأبناء. هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى الوفاة أو الإصابة بعاهة، وليس هذا هو محور حديثنا، وإنما أردنا أن نصل إلى أن هناك أسباباً غير طبيعية ناتجة عن حوادث المرور والتي قد تؤدي بدورها إلى وفاة وإصابات وعاهات للأفراد، أي الأضرار البشرية الناتجة عن حوادث المرور. أضف إلى ذلك الآثار الاجتماعية التي تكمن في الخسائر البشرية التي تلحق بالأسرة أوّلاً والمجتمع ثانياً. وأنّه من الملاحظ أنّ الأضرار الاجتماعية التي تلحق بالأفراد تنحصر في فئة الشباب بين سن 20-39. وبمقارنة حالات الوفيات الناتجة عن حوادث المرور وتلك الناتجة عن أمراض القصور التاجي (أحد أمراض القلب) نجد أن أعداد الوفيات في حوادث المرور أكثر من أعداد الوفيات في أمراض القصور التاجي. هنا تبرز التكلفة الاجتماعية لحوادث المرور في مدى ضياع وهدر الطاقات البشرية التي كان من الممكن الاستفادة منها مدة أطول، آخذين في الاعتبار رأس المال والوقت الذي يكلف الدولة لإعداد وتطوير طاقات بشرية مماثلة. فالمال مدفوع والوقت محسوب لذلك يجب أن نأخذ في اعتبارنا قيمة التكلفة الاجتماعية للمجتمع بما فيها من ضياع وهدر للطاقات البشرية وقيمة التكلفة الاجتماعية للأسرة بما فيها من فقدان رب الأسرة أو أحد أفرادها.

ارسال التعليق

Top