أيُّ حياةٍ هذه التي تُشكل أعمارنا، وأنّى للخُطى بكتابة إنسانيتنا؟!
حقيقة ما جعلني أكتب هذه السطور ما اختزلته المعاني، وسطرته الأماني،
فيما أُشاهده، وتُشاهده، ونُشاهده كلّ يومٍ في الأفراح والأتراح..
فخُذ ما شئت، واكتسب حياة الرجال، وسياق الخصال، وفحوى المآل لنيل النوال..
فكم قيمة نحن عشناها، وكم روحاً نحن فقدناها؟!
فاترك الأثر واطلب الأجر من كلّ أبٍّ خلف المكارم،
وشدَّ الحيازم لمثقال الكاهل، ومقياس النواقل.
على كلِّ حالٍ، أعمالنا قد شكلتها الظنون، وغنتها الفتون..
وأيُّ مسرحيةٍ نحن نُمثِّل فيها؟!
ومَن كتب أحداثها؟!
ومَن أخرجها؛ ومَن وضع المؤثرات خلف وصوتها؛
ومَن أثخن خارطتها وتعابيرها على تضاريس الجمهور؟!
أجل، الجمهور هو ذاته من صفق لنهاية القهقهة،
وكذلك هو مَن أظهر تعابير الملامح لطُرُقات تجاعيد وجوهنا،
وكيف للدموع حساب كُنهها في أروقة المقابر؟!
هُنا من خلف أهله بين عشية وضُحاها، وكلّ آمله أن يستنهض فينا معرفة الأجر ــ مع الأسف ــ ولكن دون جدوى!
نعم، الأحاسيس ماتت، والتعابير فاتت..
فكلّ امرئ يتقلّب على صفيح الرُّفاة، وهو يكيل بأكثر من مكيالٍ لمصلحةٍ هو جانيها،
أو لكذبة هو ساقيها.. فلتنثني سنوننا بالمكاره، وستبقى أعوادنا كشجر الأثل يابسة..
قد هجرتها مياه الرُّحل، والظل باقٍ بسموم الظهيرة بين كُنا وكانوا!
يموتون أحبتنا، ولم نعرف قيمتهم إلّا بخطّاف المنون، ونجوى الحتوم بين دموعٍ مصطنعة..
وكي لا تقول ألسنة الأفواه، ويتأرجح النواح على مجامر الفواح!
أم لتلك المجالس التي شكّلها اسم الأخوّة بالصُّور،
وحقيقة الأمر الكلّ منّا ينهش لحم الآخر بجهلٍ مُقنعٍ، أو لإرثٍ مُتقوقعٍ!
وكيف لنا أن نقف بطلب التوبة من عارف الشواهد، ومُسجل الشوارد؟!
هذا من جانبٍ..
فكيف نحسب دُموع الأيتام؛
ونوائح الرهام؛ ومعنى الظلام لأفعالنا العظام؟
.. ليتشكل قمح المُناسبة والشواهد في رغيف الختام لشاعر الوطن والنخيل جاسم الصحيح:
«بعضي تبرّأ من بعضي مكابرةً
يا جاسم الروح شيّع جاسم الطين»!
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق