برغم التقارب ما بين الأتيكيت والبروتوكول في مساحة التعامل الإجرائي اليومي وحتى في المفهوم والتعريف في الإطار العام إلّا أنّه في حقيقة المضمون توجد هنالك اختلافات عدة من بينها أنّ البروتوكول أمر يتعلق عموماً بالإجراءات والتنظيم. في حين أنّ الأتيكيت أو آداب السلوك يتعلق بتنفيذ التفاصيل وكيفية الالتزام بها، وإذا كان البروتوكول يقتضي الالتزام باللباس الرسمي في حفلة رسمية تُدعى إليها فإنّ التفاصيل المتعلقة بنوع اللباس الرسمي بما في ذلك اللون والطراز ونوعية القماش هي أمور تدخل في باب الأتيكيت، وإذا كنت مدعواً إلى وليمة عشاء يقيمها شخص رفيع المستوى، فالبروتوكول يقتضي التقيد بالموعد وقيمة صاحب الدعوة لكنّ كيفية أداء التحية من قبيل عدم التقبيل أو عدم الضغط على اليد بقوة وغير ذلك يندرج في مجال الأتيكيت، فالعلاقة إذاً بين البروتوكول والأتيكيت هي العلاقة ما بين العام والخاص أو بين المجمل والتفصيل. وما من شك فإنّ البروتوكول والأتيكيت يكملان بعضهما بعض ويصبان في اتّجاه واحد وهو "التفاهم أو الانسجام". وإذا كان البروتوكول يمثل مجموعة من القواعد والإجراءات في العلاقات الرسمية وغير الرسمية. فإنّ الأتيكيت يمثل آداب السلوك الحسن الذي يختص بالعلاقات الفردية أو الخاصة وبالمجتمعات المحددة كالأسرة والجماعة. والرأي الفلسفي في موضوع الفرق ما بين الأتيكيت والبروتوكول وفق ما يلي: "إذا كانت الابتسامة تمثل أفضل لغة تحقق أهدافها الإنسانية تجسيداً للأتيكيت فإنّ الخطوات العملية المدروسة والمجدولة لأي إنسان أو مؤسسة تمثل نموذجاً للبروتوكول".
ويرتكز البروتوكول على بعض الأسس العملية من إقامة الحفلات والمناسبات في سياق دبلوماسي دولي، وتهيئة عقد المؤتمرات الدولية وممارسة الاختصاصات المتعددة بغية تحسين العلاقات ما بين هذه الدولة ونظيرتها. وربما ينطبق مفهوم الأتيكيت على الجانب الدولي أو الدبلوماسي ما بين الدول أكثر من غيره، إلّا أنّه في حقيقة الأمر يمثل "فن من فنون إدارة الحياة العامة بكلّ جوانبها وفروعها المتعددة"، ولا يمكن لدبلوماسي أن ينجح في إدارة وحسن التعامل مع المجتمع المحيط به من أسرة أو زملاء وظيفة أو أقرباء وأصدقاء ويفشل في إدارة العمل الوظيفي ضمن بعده الدولي، لذلك مَن ينجح في تنسيق علاقاته ابتداء من أفراد الأسرة ينجح مع الدول الأخرى، وهي بالحقيقة تمثل سمة نجاح أو فشل الإنسان، وبإمكان أي شخص أن يمارس البروتوكول ضمن محيط بسيط أو ضمن مجتمع مصغر، وليس هو أسلوب يقتصر على إدارة التعامل مع جهات دولية أخرى. وكثيراً ما ينجح تجار وأصدقاء في هذا الجانب كونهم يجيدون بشكل فطري فن البروتوكول. وللعلم فإنّ البروتوكول ليس نقد ثقافات الشعوب الأخرى، لكنّه جهد يستهدف التوفيق بينها، وبحكم التعاملات اليومية فإنّ الأتيكيت يختلف عن البروتوكول اختلافاً تاماً: فالأوّل ينظم سلوك الشخص أمام الآخرين، أما الثاني فهو ينظم سلوك الآخرين أمام الشخص. كما يميل الأوّل نحو الخصوصيات، في حين يميل الثاني نحو الرسميات. كما يكمن الفرق أيضاً في أنّ الأوّل "الأتيكيت" شأن اختياري. وهو فن إظهار السلوك البالغ التهذيب والصفات الحسنة بين الأفراد في المجتمعات. أما الثاني وهو "البروتوكول" فهو بذات المعنى، مع أنّ له شكل إلزامي تفرضه أصول التعامل بين الدول وممثليها وسفرائها في العالم الدبلوماسي.
فالبروتوكول يمثل القواعد المتعارف عليها في المعاملات الرسمية وخاصة في الزيارات والمقابلات والأسبقية في الحفلات العامة. أما الأتيكيت فيعني القواعد غير المكتوبة وهي أقرب إلى حس الفرد بما يجعل تصرفه مقبولاً اجتماعياً فهو آداب السلوك، وأما المجاملة فهي تصرفات وسلوك غير مكتوب أيضاً يأتيه الإنسان بغرض إدخال السرور إلى نفس غيره بما يشعره بالرضا. وفي إطار المصطلحات الإسلامية يمكن القول بأنّ "البروتوكول هو قواعد المعاملات بين الناس" والأتيكيت هو "آداب السلوك" والمجاملة "تعني المودة" ودليلنا على ذلك من الإسلام في قول الرسول الكريم (ص): "تهادوا، توادوا، تحابوا"، لنعرف القصد من وراء كلّ كلمة، ففي الشريعة الإسلامية الحنيفة قواعد للأتيكيت وإن لم تستخدم نفس التعبير إلّا أنّها استخدمت تعبيرات ومصطلحات أخرى بمدلولات إنسانية وقيمية نبيلة. وكلّ من هذه الأوصاف والتعبيرات لها معاني دقيقة في الثقافة الإسلامية للسير نحو التحضر وصولاً لمرحلة الحياة المدنية بكلّ المقاييس.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق