• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

خديجة بنت خوليد (رض).. قدوة ونبراس

عمار كاظم

خديجة بنت خوليد (رض).. قدوة ونبراس

أمّ المؤمنين الكبرى خديجة بنت خويلد (رض) هي جانب نير من تأريخ هذه الأُمّة وأمجادها الخالدة.. والحديث عن عظمة المرأة المسلمة وقدوتها الرائدة في مسار العقيدة والتضحية والجهاد.. ولعظيم موقعها، وأهمية دورها في حياة هذه الأُمّة وإخلاصها لزوجها الرسول الهادي محمّد (ص) وتفانيها في نصرة الدعوة بالمال والنفس والإخلاص استحقت تحية الربّ العظيم، كما استحقت ثناء النبيّ (ص) وعيشها في قلبه الأمين طيلة حياته المباركة، فهو لم يسأم من ذكرها، والثناء عليها، والإصحار عن حبه لها أمام زوجاته فهي وحدها استحقت هذه الدرجة من الحب النبويّ الكريم الذي عبر عنه (ص) بقوله: "إني لأحب حبيبها".. لقد كان حب الرسالة والقيم المعبر عن تقدير وتكريم مكانتها عندما تقتدي بخديجة (رض) وإخلاصها وطهرها وتضحيتها. إنّ معرفة حياة خديجة (رض) توفر لنا العبرة والوعي وترسم أمامنا سلوكية المرأة القدوة. خديجة المرأة الثرية، وسيدة المجتمع، كان لها بيتها المرموق في مكة، فهي أثرى تجار قريش، بل قدرت تجارتها التي كانت تسيرها إلى خارج مكة في بعض السنين بما يعادل تجارة قريش كلّها. وخديجة التي أراد الله لها شرف الاقتران بمحمّد (ص) وهبته حبها وإخلاصها ومالها. ومحمّد (ص) الذي عاش فقيراً في بيت عمه أبي طالب، وها هو في الخامسة والعشرين من عمره المبارك، لا يملك ثروة ولا داراً. وقد تمت الخطوبة، وتم عقد الزواج في محضر من وجوه قريش، وسادة بني هاشم. والمألوف في تقاليد الزواج أن تنتقل الزوجة إلى بيت زوجها غير انّ خديجة دعته إلى الإقامة معها في بيتها.. ذلك البيت الخالد الذي أصبح معلماً ومسجداً.. وجزءاً من تأريخ الأُمّة وتراثها النير المجيد. عاش محمّد (ص) في أجواء هذا البيت سعيداً بخديجة وعاشت خديجة سعيدة بزوجها العظيم محمّد (ص). لقد كان هذا البيت واحة الأمل في صحراء التأريخ، وبعث النور في ظلال مكة – وسارت الأيّام وانقضت السنون وسجّل التأريخ خمسة عشر عاماً من عمر هذا البيت الفريد على سطح هذا الكوكب، وهو يشرق بالأمل، ويترقّب إشراقة الوحي حتى خوطب محمّد (ص) بالرسالة وانطلقت الدعوة من هذا البيت فحامت حوله أحداث ومعاناة آلام حتى عانى رسول الله (ص) وخديجة (رض) الكثير من أذى الجيران والرحم. وهكذا تبقى هذه الدار الخالدة معلماً يحكي قصة البيت النبويّ الأوّل، وسجلاً تأريخياً خالداً يحتفظ بأروع ما في تأريخ الإسلام على صغره، كما يحتفظ بمعالم الوحي، ومهبط جبريل الذي يمتع هذا البيت بقدسية خاصة وتألقاً فريداً، ومما حوى هذا السجل التأريخي الخالد الموضع الذي ولدت فيه فاطمة. أُمّ الأئمة الهداة من آل الرسول (ص)، ففي بيت خديجة كان يهبط جبريل، ويأتي بالوحي والرسالة وخديجة وخديجة تشهد ملتقى عالم الغيب باشهادة... إنّها بقعة مقدسة مباركة، اقرن فيها محمّد (ص) بخديجة، وهبط فيها جبريل (ع) وخاطب فيها محمّداً وولدت فيها بضعة الرسول (ص) فاطمة (عليها السّلام). فكم في هذا الدار من تأريخ وخير وذكريات... لقد كان مرفأ النور، ومنطلق الدعوة، ومأوى الحب، وموضع السكن والراحة لرسول الله (ص) وبيت الأبناء، ومجمع الأسرة المسلمة الأولى على وجه الأرض محمّد (ص) وخديجة (رض) وعليّ (ع) وفاطمة (عليها السّلام).

ارسال التعليق

Top