الشَّباب أصحاب طاقات هائلة وفيَّاضة، ويجب تصريفها فيما يفيد، وبالامكان تحقيق ذلك اذا قمنا بنشر ثقافة الوعي بأهميَّة استثمار العُطلة الصيفية قبل بدئها فيما بينهم، والمجتمع بأسرِه مسؤول عن التوعية هنا، بدءاً من الأُسرة، فالصحبة الصالحة، مروراً بالمعلمين وأساتذة الجامعة، وخطباء المساجد، وانتهاء بوسائل الاعلام بمختلف أشكالها، المقروءة والمرئية والمسموعة.
تعتبر العطلة الصيفية من المحطات الضرورية التي ينبغي أن يقف عندها الانسان، لكي يراجع مسيرته، ويقوّم تجربته. لهذا من المهم دعوة الشباب الى الاستفادة من هذه العطلة الصيفية في تقويم مسيرتهم التعليمية والاجتماعية والسلوكية، لكي يتقدم الشاب في حياته، ويستفيد من أخطائه وعثراته، ويستوعب العبر والدروس من تجارب ماضيه. من المهم بالنسبة للشباب، استغلال العطلة بشكل مثمر ومجدٍ، وذلك من خلال التوجه نحو سوق العمل رغم انّ هناك من يفضل قضاء عطلة الصيف بين الاسترخاء والاستجمام وارتياد الأماكن الترفيهية وغيرها. ويجد مثل هؤلاء الشباب في العمل فرصة لتنمية مهاراتهم وصقل امكانياتهم واضافة مزيد من الخبرات وتعويدهم على الاتكال على النفس وجني المال لتحقيق ما يتمنون الحصول عليه ومساعدة ذويهم من جانب آخر. انّ بعض الطلاب يجدون صعوبة في تقبل فكرة العمل لأنهم اعتادوا الاتكال التام على ذويهم واعتادوا الاسترخاء صيفاً وارتياد المجمعات من دون غاية تذكر، انّ العمل يضيف الى الشاب خبرات حياتية ومهارات يحتاجها المرء مستقبلاً. انّ متعة العمل صيفاً هي فرصة لا تعوض، على الآباء تعويد أبنائهم على تقبل فكرة العمل والتأقلم مع أي عمل في المستقبل مهما كانت طبيعته، ومعرفة انّ العمل سمة مكملة لشخصية الشاب ويضفي نوعاً من المرح والنضج المطلوب، واكتساب خبرة مهنية تضيف الى الشخصية أكثر مما تضيف الى المورد المالي.
فالصيف... لم يعد فقط مجرد فصل الترفيه والعطلة وانّما بات للعديد من الشباب الفرصة لتأمين عمل يضمن لهم ملئ الفراغ مع تأمين مردوداً مالياً خاصاً من جهة والخبرة مع التطوّر الذاتي من جهة أخرى.
يُدرك الشباب أهمية هذه الفرصة التي تُفتح أمامهم والتي من شأنها أن تترك آثاراً ايجابية من الناحية الذاتية والعلمية على حدّ سواء، فانّ العمل الصيفي يساهم في تنمية الشخصية في سنّ مبكّر وفي اختبار الحياة بكلّ ما للكلمة من معنى وليس مجرّد شعار نسمعه ونردّده وذلك نتيجة النزول الى سوق العمل والاختلاط بالناس على اختلاف دينهم وبيئتهم وتربيتهم.
وهو من الناحية العلمية خطوة داعمة لصقل المهارات المكتسبة سواء من قبل الأهل أو المدرسة وحتى الجامعة، وقد يكون العمل الميداني أوّل خطوة، لمن هم في المرحلة الثانوية، من أجل تكوين فكرة عن التخصّص الذي يرغب الشخص أن يخوضه في حال كان الاختيار موجوداً أو أنّه يساهم في مساعدته في تثبيت خياره في حال التردّد، والعمل الصيفي للشباب في المرحلة الجامعية من شأنه تقريب العمل النظري من التطبيقي في حال ممارسة العمل في التخصص ذاته وفتح آفاق جديدة ميدانية أمامهم كما أمام الشباب الذين يعملون في مجال مختلف. ناهيكم عن كلّ ذلك، هناك أيضاً العمل التطوّعي الذي لا يقلّ أهمية عن العمل المرتبط بتخصّص معيّن.
ان معالجتنا لمشكلة الفراغ في الصيف ينبغي أن تنطلق من مسلمتان أساسيتان أن هذا الوقت هام بالنسبة للشباب، وانّ الشباب في حاجة الى اكتساب مهارات أساسية في هذا الوقت بالذات لان الأوقات الأخرى مليئة بمسؤوليات أخرى. انّ الانطلاق من هذه المسلمتان سيلزمنا بتغيير تصوراتنا وتصورات شبابنا حول الصيف والفراغ وصقل وتنمية المهارات في عمل نافع ومفيد.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق