◄كثيراً ما يشكو الأهل، أن أولادهم المراهقين ينسون أو يتناسون أوامرهم وتعليماتهم، والحقيقة أنّ الأهل يتوقعون من المراهقين أكثر مما يجب، فالمراهق رغم نضوجه الجسدي الظاهر، إلا أنّه مازال يمر في مرحلة النضوج الداخلي والذي لم ينته بعد.
وتبين الدراسات، أنّه وتحت وطأة الضغط النفسي، فإنّ الذكور على الأخص، تتراجع قدراتهم على الاستيعاب، ولا يمكنهم التركيز إلا على موضوع واحد فقط، ويتجاهلون كلّ شيء عدا ذلك، بينما لا تعجز الفتيات عن التفكير بأي عدد كان من المشاكل، ولكنهنّ وعندئذٍ تزداد حاجتهنّ إلى الكلام والتواصل مع شخص صديق أو قريب يحسن الاستماع.
لذلك فإنّه، وعندما يطلب الأب/ الأُم شيئاً ما من الابن، فإنّه عادة ما يكون عرضة للنسيان، خاصة إذا ما كان يعاني بعض الضغوط النفسية، وهذه غالباً ما تكون عالية في مرحلة المراهقة. ومن أفضل الطرق للتعامل مع ابنتك المراهقة أو ابنك المراهق الذي ينسى طلباتك، أن تعيد طلبك بشكل طبيعي، وصوت خالٍ من أي نبرة حادة، أو غضب أو لهجة فيها تهكم أو استياء، وأن تسأله مثلاً: "هل سألتك من قبل أن تقوم بترتيب كتبك؟" وكأنك قد نسيت! هذا سيحث الابن أو الابنة على التفكير ومحاولة التذكر، فتتنشط خلايا دماغه مما يساعد على تقوية ذاكرته.
وهكذا إذا طلبت منه شيئاً، ثمّ وجدت أنك مضطر لإعادة طلبك مرة أخرى، فاطرح عليه سؤالك، متظاهراً بأنك قد نسيت أنك طلبته منه! وتأكد أنك وبعد فترة ستلاحظ الفرق.
وقد أثبتت الدراسات، أنّ الضغط النفسي يؤثر على الذاكرة بشكل سلبي، لذا فكلما تشدد الأهل مع الأولاد، زادت معاناتهم من الضغط النفسي، وساءت ذاكرتهم وتراجعت قدراتهم على التركيز، وهذا عادة ما يؤكده أساتذة المدارس، وهنا أحب أن أشير إلى أهمية دور المدرسين في معالجة حالة الطفل النفسية، وإلى ضرورة التنسيق بين الأهل والمدرسة للاستفادة منه في هذا المجال.
لذا وعوضاً عن استعمال أساليب التهديد والتأنيب والنهر والزجر التي ستسبب مزيداً من الضغوط النفسية على ابنك/ ابنتك دون أن تفيدك شيئاً، استخدم الجوائز والحوافز، فهي تغذي الابن بكل المشاعر الإيجابية، وتساهم بشكل فعال في تقوية ذاكرته.
يبقى جميع الأطفال، ومهما كانت الاختلافات بينهم شاسعة، ومهما كان سببها، مشتركين في حاجة ماسة وهامة لهم، ألا وهي الحب، ولكن للتعبير عن هذا الحب، يلزم اتباع طرق مختلفة، تتناسب وطبيعة وحاجة كلّ طفل، ومن هذه الطرق توفير العناية ومنح الثقة.
العناية بالطفل تدفع الأبوين إلى الاهتمام العملي بالابن، وتصرفاته وحاجاته، ومحاولة تأمين أسباب السعادة والأمان له، ولحسن الحظ، فإن أكثر الآباء والأُمّهات يدركون هذا الأمر، ولا يتقاعسون عن بذل جهودهم في ذلك المجال.
أما منح الثقة فهذا موضوع شائك! أوّلاً لنسأل أنفسنا، ما هي الثقة التي يتكلّم عنها الأبناء والآباء؟ ولنَعُدْ إلى الماضي، فنتذكر من منّا سواء أكان ابناً أم ابنة لم يمر بفترة، شعر فيها بأن أبويه لا يثقان به؟ ثمّ لنعد إلى الزمن الحاضر، لنجد من منّا سواء أكان أباً أم أماً لم يتهمه أولاده، بأنّه لا يثق بهم بشكل كافٍ؟
لنبدأ أوّلاً بتعريف وتحديد الثقة المطلوبة منك تجاه أبنائك، فهي: أن تعتقد وتثق بأن ابنك/ ابنتك، يحاول بذل كلّ جهده، كي يحوز على رضاك، ولو لم يكن ناجحاً في تحقيق ذلك!
من الضروري أن يدرك الأبوان أهمية إفساح المجال للابن/ الابنة، ليختبر قدراته وليتعلم من أخطائه، وهذا يستلزم إعطاءه بعض الحرية في التصرف الفردي، وفي أخذ القرارات، وإتاحة الفرصة له لممارسة بعض الاستقلالية، وإذا ما فشل الابن/ الابنة، أو ارتكب خطأ ما، فلا تتهمه بأنّه لم يبذل أقصى جهده، فهذا افتراض خاطئ، ومجحف ونتائجه خطيرة أيضاً. وتأكد أن ثقتك بأبنائك هي الأساس الرئيس الذي ترتفع عليه ثقتهم بأنفسهم. ►
المصدر: كتاب نجاح أولادك (الأساليب التربوية، مناقشة مشاكلها وشرح حلولها)
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق