• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

قيمة الاتصالات مع الآخرين

شارلز نيوتن

قيمة الاتصالات مع الآخرين
◄يتحدَّث "ديل كارنيجي" عن حقيقة هامة بقوله: "ليس هناك شيء أحلى وقعاً على آذاننا أكثر من سماع اسمنا". وكثيراً ما قوبلت هذه الحقيقة بتجاهلها والسهو عنها. وتعدّ الرسائل من وسائل الاتصال بين الناس في مجالات عديدة مختلفة؛ ولكنها تبدو بعيدة عن مجال الاحتكاك الشخصي المباشر. ولا يغيب عن بالنا افتقار الرسائل عادة إلى الكلمات الجذابة والتي تمَّ استبدالها بصيغٍ مبتذلة، وخصوصاً الرسائل التجارية منها، ولكن ومما يدعو للأسف نسيان الناس حقيقة أنّ رسائلهم حلت محل المحادثة وصارت فناً بحدّ ذاتها. وعلى هذا فمن الواجب على المراسل أن يكون متمكناً من لغته ليستطيع ترجمة أحاسيسه وتحويلها إلى كلمات. ولهذا فقد برزت إلى المتناول العديد من الكتب التعليمية المساعدة لتعليم كيفية كتابة الرسائل إلى الآخرين؛ لاحتوائها على صيغ وعبارات رسمية تساعد المراسل غير المتمكن. ومن الضروري الانتباه عند كتابة الرسائل إلى عنونة مضمون الرسالة، ونوع الورق المستخدم، واللغة والطباعة والأسلوب، وبذلك تخفف جودة صياغة الرسائل من الضغط على "السكرتيرة" المساعدة. كما يلفت نظرنا قصر الرسائل العادية في أمريكا وبريطانيا مقارنةً مع تلك التي في الهند. وقد يُغفل الكثيرون أهمية عنونة مضمون الرسالة، وهي بحد ذاتها السفيرة إلى الآخرين نيابةً عنا. وتختلف بالتالي صيغة الرسائل المتبادلة بين الأصدقاء عن الرسائل التجارية. فالأولى مفعمة بالودِّ والانسجام، بينما يكون نصيب الرسائل التجارية الإهمال وعدم الاكتراث. وبصراحة فإننا نجهل سبب خلو الرسائل التجارية من عبارات الودّ بين المراسلين على كثرة الاتصالات والعلاقات لخدمة العمل والأهداف المشتركة. لذا تحاول الشركات الكبرى أن تأخذ بعين الاعتبار أهمية العلاقات العامة، حيث خصصت أقساماً كاملة لزيادة الروابط بين موظفيها عن طريق نشر الودّ والحب بين ظهرانيهم. ولكن الشركات الصغرى مازالت تجهل أهمية تلك العلاقات، وتعتقد أنّ لا دخل للصداقة بين أعضائها في مجال العمل، بينما خصصت الشركات الضخمة مخزوناً من أموالها لتوثيق العلاقات الطيبة بين أعضائها. وتشترط بعض الشركات والهيئات أن توجّه المراسلات إليها وليس لأفراد معينين من موظفيها بحجة أنّ هؤلاء الموظفين ليسوا دائمين وثابتين؛ وليس من الأدب فتح رسالة موجهة لشخص آخر، وربما كان مستقيلاً أو متقاعداً؛ وبذلك يكون التأخير إضافة إلى الخسارة في العمل والوقت. ولهذا حاولت الحكومات وغرف التجارة في العالم ومنها الهند اتباع أسلوب جديد؛ يعتمد على نظريات علم النفس ودوره في تعزيز العلاقات الطيبة العامة. وغالباً ما تحلّ الرسالة محل المحادثات في حياتنا، وتتناسب رسائلنا طرداً مع اتساع دائرة علاقاتنا. فكتابة الرسائل توازي القدرة على التحدث والمجاملة. وما يلفت نظرنا أحياناً لباقة صغار الكسبة وخبرتهم على كونهم أميين، بينما يتحلى التجار برأي ثاقب لحلّ مشكلاتهم مع الزبائن بسلوكٍ لبق وكياسة ملحوظة. وما يهمنا هنا تحسين معاملتنا مع الآخرين عند احتكاكنا بهم وتعاملنا معهم بلحمة أخوية مملوءة بالأحاسيس والمشاعر لبناء علاقات جيِّدة وتحقيق نجاح باهر. ويعلق مؤرخ على أهمية ذلك بقوله: "لقد دفع (تشارلز شواب) مليون دولار منذ عام إلى شخصٍ يدعى أندريه كارينجي؛ لحسن معاملته مع الآخرين، وعندما سُئل عن سرّ ما فعل أجاب شواب قائلاً: "إنّ الطريقة المثلى التي تقودك نحو أفضل السبل تكون بتشجيع الآخرين. ولا شيء مستقبح كقتل الطموح في نفوس الآخرين بانتقادهم الموجع، وبدوري فإنني لا أتوجّه بالانتقاد للآخرين، وأنهال بالمديح لهم عند إعجابي بشيء ما، والعكس صحيح". ولكي نضمن نجاح علاقاتنا مع الآخرين علينا أن نتحلى بالمعاملة الحسنة واللباقة مع الآخرين إضافة إلى ما نمتلكه من ثقافةٍ هادفة، لأنّ غياب هذا كله يؤدي إلى الشغب كما حدث في بريطانيا بين أشخاصٍ من طوائف مختلفة. وبالتالي فإنّ الاتصالات تعيننا على صقل علاقاتنا مع الآخرين عند الاحتكاك بهم.►   المصدر: كتاب كيف تنجح في حياتك؟

ارسال التعليق

Top