1- الوسيلة الأولى: القدوة الحسنة:
وهي الوسيلة الفعّالة في التربية هي القدوة الحسنة التي يكون فيها التأثير الكبير في التربية بجميع نواحيها، إذ لابدّ للطفل أو الطالب من مثل أعلى يقتدي به ويترسم خطاه فلتقدم له القدوة الحسنة متمثلة برسول الله (ص) قال الله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (الأحزاب/ 33).
ومتمثلة بالجيل الأوّل من الصحابة ومن أبطال الإسلام وحادثه على مرّ العصور.
والرسول (ص) لم يرب أصحابه بالكلام يديره على لسانه وإنّما كان يريبهم بشخصه الكامل فقد كان عليه الصلاة والسلام الكامل، بل كان ترانا يمشي على الأرض وكان خلقه القرآن لذا مدحه الله تعالى بعظمة الخلق فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم/ 4).
والمسلم يربى بسلوكه وعمله قبل أن يربي بلسانه وكلامه والإسلام انتشر في كثير من بقاع العالم بواسطة التجار المسلمين الذين كانوا أمثلة طيبة وقدوة حسنة صالحة.
ولذلك نجد مثلاً الطفل الذي يرى أبويه يقفان في وجه الليل يناجيان الله تعالى بالعبادة والصلاة والدعاء يتعلم السموّ الروحي منهما ولم يتعلم الفضيلة طفل يرى أبوين أحدهما منغمساً في الرذيلة والشهوات لأنّهما قدوة له وهو يتأثر بهما ولن يتعلم الإنسانية والخلق السامي طفل يجد صدر أبيه ممتلئ حقداً أو بغضاً وحسد أو ضغينة على الآخرين.
2- الوسيلة الثانية: التربية بالموعظة:
وذلك كي تتفتح النفس ويتذكر القلب بعد أن يكون قد شرد عن الله وغفل عنه لسبب من الأسباب التي تصرف بالإنسان وتبعده عن الله وعن منهجه وعن دينه وفي القرآن الكريم نماذج كثيرة رائعة للتربية بالموعظة منها موعظة لقمان لأبيه قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ * وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (لقمان/ 13-18).
3- الوسيلة الثالثة: القصة:
وهي وسيلة فعّالة لأنّ الإنسان يتطلع دائماً ويتشوق إلى معرفة المجهول ويتطلع بعدها إلى المفاجآت والقصة تحتوي على كلّ هذه العناصر المشوقة، ومن هنا كان تأثيرها الكبير في النفس حتى أنّ القرآن الكريم اعتمد عليها كثيراً في التربية واستخدم كلّ أنواع القصة بمستوى في هذا أن تكون قصة واقعية كقصص الأنبياء في القرآن الكريم أو قصة تمثيلية كصاحب الجنتين في سورة الكهف قال الله تعالى: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا) (الكهف/ 32)، (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا) (الكهف/ 43)، وقال عزّ وجلّ: (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) (القلم/ 16).
وقد أخضع القرآن القصة بجميع أنواعها للغرض الديني التربوي فليكن في هذا حافز الاستعمال القصص الناجحة الموجهة في تربيتنا لأولادنا وطلابنا.
4- الوسيلة الرابعة: التربية بالأحداث والوقائع:
وهي وسيلة بارزة حيث يستطيع المربي الماهر أن يتلقف كلّ حادث يقع ليغرس في أعقابه مباشرة ما يريد من المثل والأخلاق والأحكام في نفوس من يعلمهم ويربيهم لأنّ النفس في أعقاب الحادثة تكون مستعدة لتلقي الدرس، كما فعل القرآن الكريم في تربية الجيل الأوّل نجد أمثلة لذلك في الآيات التي نزلت في أعقاب غزوة بدر وأحد وحنين.
ونجد لهذه أمثلة رائعة في السيرة النبوية كما في موعظة النبي للأنصار عقب توزيع غنائم هواز.
5- الوسيلة الخامسة: العقوبة والمثوبة:
ومكانهما في التربية فإنّ المثوبة أو الجزاء الطيب على العمل الطيب والتشجيع عليه بكلّ طريقة وسيلة ناجحة تحمل على السعر الحثيث نحو الخير والفضيلة، وما أكثر الآيات القرآنية التي يرغبنا الله تعالى فيها بجنته وثوابه.
والعقوبة أيضاً تقابل المثوبة وتسير معها، فليست كلّ نفس تدفع فيها المثوبة أو الموعظة، وعندئذٍ تلجأ إلى العقوبة كوسيلة أخيرة في التربية وهي تتدرج من النظرة إلى الكلمة الطيبة ثمّ الكلمة العنيفة القاسية حتى أنّها لتتصل أحياناً إلى الضرب وخير عقوبة هي الحرمان من المثوبة والجزاء، وغنى عن البيان أنّ كلاً من المثوبة والعقوبة تتنوع إلى مادية وأدبية ولكلّ منها تأثير في النفوس.►
المصدر: كتاب الشباب واستثمار وقت الفراغ
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق