• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أول الدين معرفة الله تعالى

أول الدين معرفة الله تعالى

المقدمة:
نهى الإسلام العظيم، عن التقليد الأعمى، والخوض مع الخائضين، واعتمد على العلم واليقين العقلي في مجال الإيمان. قال تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ...) (الإسراء/ 36). فلا يصح من المسلم، في مجال العقيدة، الاعتماد على غير التفكير السليم، وامعان العقل، من أجل الوصول إلى الحقيقة الصادقة، والاعتقاد الجازم، بوجود الله تعالى.
ولذا، فنحن، في الفصول القادمة، سوف نعتمد العقل، أساساً للبحث، فنتناول بطريقة التفكير العقلي، كيف أن النظام الكوني يؤدي حتماً إلى الإيمان بوجود الله تعالى، وكيف أن الإدراك الوجداني والبداهة العقلية، تقودان بلا ريب إلى الإيمان بوجود الله تعالى، وذلك في الفصل الأول.
وفي الفصل الثاني، نبسط الكلام في عناصر الإيمان بالله تعالى، فنتحدث عن توحيد الله، وعن صفاته، واسمائه.
ولما كانت العقيدة: ترسم آثارها على السلوك والمشاعر والعواطف، ويبني عليها الفكر الإنساني، فقد تناولنا في الفصل الثالث نتائج الإيمان بالله تعالى بايجاز شديد.

الفصل الأول:
اثبات وجود الله:
أولاً: النظام الكوني والإيمان بالله:
• النظام الكوني في ضوء التامل العقلي.
• النظام الكوني في ضوء العلوم التجريبية.
• النظام الكوني في ضوء القرآن.
• شبهة الصدفة ومناقشتها.

ثانياً: الوجود والإيمان بالله:
• الوجود الثابت بالوجدان يقود إلى الإيمان بالله.
• شبهة: من أوجد الله؟
• شبهة: من رأى الله؟

أولاً: النظام الكوني والإيمان بالله
النظام الكوني في ضوء التأمل العقلي:
الكون كله، بما فيه، يسير في نظام دقيق، إلى غاية محددة، في حكمة وتدبير، وتناسق وتكامل... من أودع فيه هذا النظام العجيب؟
السماء مليئة بالشموس، والكواكب والأقمار، كلها تسير في نظام دقيق....
الأرض، بما فيها من محيطات واسعة، وبحار عجيبة، وأنهار غزيرة، وجبال راسية، وصحارى شاسعة، ووديان عميقة، والتعاون والتنسيق الدائب بين النبات والحيوان والغازات المحيطة بالأرض والتربة، وكل شئ يسير بنظام دقيق، وبقدر موزون.
النباتات باشجارها الشاهقة، وحشائشها العشبية، وجذورها المتنوعة، الممتدة إلى الأعماق، وسيقانها المختلفة وما يكسوها من طبقات قشرية، وأوراقها، وما تجهزت به من معامل ضخمة، لتقوم بوظائفها الغريبة وأزهارها المعقدة التركيب، وما فيها من ألوان جذابة وقد تكون معتمة، وعطور ذكية، وقد تكون لاذعة، بحسب البيئة والمناخ، وما لها من ثمار، مختلف ألوانها، وكلها تسقى من ماء واحد، وكلها تعمل بنظام وحكمة وتدبير.. .
الحيوانات: مفترسها وأليفها، ما يطير منها من السماء، وما يسبح في الماء، وما يزحف على الأرض، وما يمشى على الأرجل، منها ما له ظلف، ومنها ما له خف، ومنها ما له مخلب، ومنها ما له حافر، يكسوها ريش، أو شعر، أو صوف، أو وبر، أو قشور، النحل في مملكته، وتموينه الناس بالعسل، والنمل في حكومته، وتنظيماته الإدراية، ونموه، وتكاثره وهجرته، ودفاعه عن نفسه، وخزنه لطعامه، وتحصيناته الوقائية. كل يسير وفق نظام، ويعمل لغاية، على هدى وبصيرة...... .
كل الكائنات الحية من أرقاها وهو الإنسان، إلى أدناها كالخلية الواحدة، تولد، وتنمو، وتتكاثر، وتعيش في هذه الحياة، مع سائر الكائنات في تناسق، وتوافق، على أشد ما يكون من الوضوح لكل ذي عقل سليم... .
مَن وراء كل هذه الموجودات؟ مَن أتقن صنعها، وأحكم سيرها، ودبر أمرها، وسيطر عليها، وأعطاها هداها؟
هو الله رب العالمين

النظام الكوني في ضوء العلوم التجريبية:
لو تأملنا الظواهر الكيمائية، والفيزيائية، وفسلجة الأعضاء في الكائنات الحية، وأدوارها السلوجية. وغير ذلك من مجالات العلم في هذا الكون العظيم لرأينا العجب العجاب، وكلما انفتح لنا باب من العلم، رأينا مساحات شاسعة من الجهل، ولاحت لنا ملايين الملايين من الأسرار العجيبة، في هذا الكون الفسيح..
فمن الأمثلة العلمية البسيطة جداً على وجود الخالق، الدقة في نسبة حرارة الشمس الضرورية للحياة التي تصل إلى الأرض، ونسبة الأوكسجين وسائر الغازات في الهواء، والمادة، والنبات، والحيوانات، وما تتخذه من دورات التركيب والتحلل والانتقال، وما لها من أدوار في التنفس، والغذاء والاحتراق، ووجود البكتريا في الجو والتربة، وأثرها في التخمر، والتفسخ، والتحليل والأسمدة النباتية. ونسبة الأملاح العالية في البحار، والمحيطات، ووظيفتها في حياة الحيوانات المائية، وأثرها في دورة الماء في الطبيعة، وكمية المعادن الموجودة في الدم، والأرض، والفاكهة، والماء وأثرها في حياة الإنسان والحيوان.
ونسبة الإفرازات الغددية المختلفة في جسم الإنسان، في الدم، واللحم، والعظام، والجهاز الهضمي، وغيرها.
ووظيفة الكريات الحمراء والبيضاء، والهيموكلوبين، وسائر تراكيب الدم، في نقل الغذاء، والدفاع ضد الأمراض وتخثير الدم، على الجرح وغير ذلك... .
وطريقة الإرسال والتلقي الخاطفة التي يقوم بها الجهاز العصبي، في الجسم، ودور الطبقة النسجابية في الدماغ، ومنطقة العقل فيه، والتجاويف الدماغية، وتركيب الجمجمة، وما يتصل بها من أعصاب. وسقوط البيضة في رحم الأم، وطريقة سعي الحو يمن الذكري إلى تلقيحها، وأدوار نمو الجنين، وما يحيط به من أغشية وقائية ثلاث، لمنع الحرارة، والصوت، والضوء، وطريقة ولادة الجنين، وتركيب الحليب منذ ولادته حتى فطامه، وكثرة الألياف الاحتياطية، والأوردة والشرايين القابلة للتلف، وندرة ما ليس قابلاً للتلف في جسم الإنسان... و... إلخ.
وباختصار، يمكن أن تؤلف ملايين المجلدات الضخمة الموسوعية فيما وصل إليه العلم، من دقة نظام الكون، وما فيه من كائنات، وما يحدث فيه من تغيرات، ولكن يستحيل أن يحصى العلم كل هذه العجائب، احصاء تاماً، بل على العكس كلما تقدم العلم، خطوة: كلما اتسعت أمامه عظمة الله، وامتدت ازاءه آثار قدرته... ووضحت شواهد وجوده. وقد أقر الاف العلماء الكبار الاخصائيين، في مختلف العلوم، مثل ديكارت، واسحاق نيوتن، وهرتسل وغيرهم بأن ما أدركوه خلال تحقيقاتهم العلمية، ومحاولاتهم التجريبية، وتأملاتهم، هو أن الوجود بكل ما فيه، يسير في نظام، ومن ورائه عليم حكيم... .

النظام الكوني في ضوء القرآن الكريم:
إنّ القرآن الكريم، يوجه عقولنا، إلى الملاحظة والتفكير والتحقيق في الإنسان بكل ما فيه، من أجهزة معقدة، وتنظيم لتراكيبه الغريبة، وأسرار خلقه، (فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ...) (الطارق/5).
ويلفت القرآن نظرنا إلى الطبيعة، بكل أحوالها وظروفها، من تعاقب الليل والنهار، وحركة المجموعات الشمسية، وهطول المطر، وتسخير السحاب، ودور الجبال في تثبيت الأرض، أن تميد بنا، وجريان الفلك في البحر، وعجز الإنسان، هذا المخلوق المتفوق على جميع المخلوقات، وضعفه عن أن يقاوم أحقر مخلوقات الله، وهى البعوضة (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) (الحج/73).
ثم يطلب القرآن الكريم، بعد كل هذه التوعية والتبصرة، أن نفكر، ونتدبر، من أجل الوصول بقناعة عقلية سليمة، إلى حقيقة وجود الله تعالى:
• (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) (الأعراف/ 185).
• (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأولِي الألْبَابِ) (آل عمران/ 190).
• (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (فاطر/ 27-28).

شبهة الصدفة:
قد يقول جاهل: إنّ الصدفة هي التي خلقت هذا الكون، ونظمت ما فيه من قوانين وتراكيب، ونشاط... إلخ.
فبالصدفة خلق الإنسان، وصدفة صارت له عينان للبصر، وأذنان للسمع، وأنف للشم والتنفس و... و... .
وبالصدفة صار الحاجب فوق العين ليمنع شدة الضوء، وصارت الأهداب محيطة بالعين صدفة، وتكونت مقلة العين صدفة، وتركبت من السائل الزجاجي والبؤبؤ والأعصاب و... صدفة. وهكذا كل ما في الإنسان صار بالصدفة، وكل ما في الكائنات الحية، وما يحدث في هذا الكون إنما يجري بالصدفة... .

مناقشة شبهة الصدفة:
نحن نتساءل: ما هي الصدفة؟ أنّ العلماء يثبتون أنه ليس للصدفة معنى، وكل ما يحدث في الكون، من صغير أو كبير إنما يحدث بنظام، ووفق حسابات دقيقة.
كما نتساءل: هل يصح من عاقل أن يدعي: أنّ الأقمار الصناعية تصنع صدفة، وتنطلق صدفة، وتدور صدفة، وتعود إلى الأرض صدفة... وأنّ أجهزة الرادار تصنع صدفة، وتعمل صدفة،... وأنّ أجهزة الكمبيوتر تصنع صدفة، وتعمل صدفة، بلا هندسة ولا علم ولا حساب ولا... ولا... .
فلئن استحالت الصدفة في الأجهزة الصماء الميتة، فهي في الكائنات الحية، والنظام الكوني الرائع البديع أولى بالاستحالة.
ومثال بسيط آخر على استحالة الصدفة في مجال النظام، فلو وضعنا المئات من حرف (الألف)، والمئات من حرف (الباء)، وهكذا المئات من كل حرف من الحروف الهجائية، في كيس، ثم نشرناها ملايين المرات على الأرض، هل يمكن أن تنشئ هذه الحروف بالصدفة قصيدة حماسية؟ أو بحثا علمياً؟ أو مقالاً سياسياً؟ أو قصة درامية؟ بل ان هذه المحاولة لتثير السخرية والهزء، لدى كل من يراها، ويحكم بتفاهة فكرة الصدفة.

ثانياً: الوجود والإيمان بالله
الوجود الثابت بالبداهة يقود إلى الإيمان بالله:
لدينا قضايا بديهية، نحسها بالوجدان، وهي ثابتة، لا يرتاب فيها إلا ناقص العقل معتوه، أو مكابر جاحد يرفض الحس والوجدان.
وهذه القضايا البدهية نسردها على صورة تساؤل يثيره شخص مع نفسه فيقول:
1- أنا لم أكن، وأنا الآن موجود- بالحس والوجدان.
(وهكذا بالنسبة لكل إنسان حتى ابينا آدم "ع").
2- إنّ لكل مصنوع صانعاً، ولكل موجود (ممكن) موجداً.
(لأن الوجود من العدم محال).
3- أنا لم أوجد نفسي.
(لأني لو كنت موجوداً لكفى وجودي عن إيجادي، ولأني لو أنا أوجدت نفسي لحصل دور وهو باطل).
4- أنّ الذي أوجدني، لايمكن أن يكون مثلي: محتاج إلى الطعام، والشراب، والمكان، والزمان، والهواء، والحرارة وغير ذلك، لأنه لو كان محتاجاً إلى شيء من هذه الأمور: لكان ناقصاً، ومحتاجاً إلى آخر، والآخر محتاج إلى آخر، وهكذا يستمر التسلسل من دون نهاية، وهو مستحيل بالطبع.
5- أنا أملك الحياة، بالحس والوجدان. وبما أنّ فاقد الشيء لا يعطيه، فلا يمكن أن يكون الجماد، أو المادة أو الطبيعة الميتة، وهبتني الحياة، لأنها لا إرادة لها ولا حياة فيها.
إذن لابد أن يكون لي خالق، يملك الحياة، وهو غني غير محتاج، له إرادة، وحكمة، وقصد وهيمنة أكبر من كل شيء، وفوق كل شيء وهو الله رب العالمين.

دفع شبهة من أوجد الله؟
قد يثار سؤال: من أوجد الله؟ والجواب بإيجاز:
أولاً: أننا أثبتنا: أنّ لكل الموجودات الممكنة موجداً، ويستحيل أن توجد بدونه، وهذا الموجد هو المبدأ الأول، الذي لا يحتاج إلى غيره، إذ لا يمكن أن يكون هو أيضاً محتاجاً إلى موجد، لأن وجوده ذاتي (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (الإخلاص/3) وإلا لاستمر التسلسل وهو باطل.
وشرح هذا الكلام: أنّ (الوجود من العدم محال) أمر مسلم به لدى الجميع، فمن الذي أوجد هذه الموجودات المحسوسة؟ قد يقال أوجدتها المادة. فنحن نسأل من أوجد المادة؟ فإما أن يقال لنا أنّ المادة أزلية قديمة لم يوجدها موجد، وهي غير محتاجة إلى غيرها، عندئذ لماذا ينكرون علينا قولنا أنّ الموجد لهذا الكون قديم أزلي غير محتاج إلى غيره وهو الله تعالى رب العالمين.
أما إذا قيل لنا أنّ المادة أوجدتها مادة أخرى قبلها، وهذه المادة الثانية أوجدتها مادة أخرى ثالثة قبلها، وهكذا تستمر الأسباب والعلل، فنقول لهم هذا تسلسل إلى اللانهاية وهو استدلال فاسد.
وبيان وجه الفساد في هذا الاستدلال: أننا إذا قلنا باستمرار هذا التسلسل إلى ما لا نهاية، فإنّ النتيجة ستكون أنّ جميع المواد محتاجة في وجودها إلى غيرها، ولا يوجد من بينها ما هو غير محتاج إلى غيره، وبالتالي لا يمكن أن يوجد شيء منها، في حين أنّ الوجود ثابت بالبداهة والوجدان، فنحن نرى الكائنات الحية، والمجموعات الشمسية، وسائر ما في الكون، من موجودات. ونحس بها فكيف وجدت؟ إذن لابد لها من موجد غير محتاج إلى غيره، وذلك هو الله رب العالمين.
(هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (الحديد/ 3).
ثانياً: لو كان لله تعالى موجد، لما كان الله "إلها"، بل كان كأحد الموجودات المحتاجة إلى خالق، وذلك لأنّ معنى الألوهية هو الغنى المطلق، والكمال المطلق، والذي نؤمن به هو من أوجد كل شيء، وهو قائم بنفسه، غير محتاج إلى غيره، ذلك هو الله رب العالمين.

دفع شبهة من رأى الله؟
لماذا لا نرى الله تعالى؟
فالجواب: سُئِل الإمام علي (ع): هل رأيت ربك؟
فأجاب الإمام (ع): كيف أعبد ربا لم أره!؟
ويقصد الإمام (ع)، أنّه رأى ببصيرة عقله، آثار الله المحسوسة، تدل وتشهد بصدق، وتعلن بصراحة، على وجود الله تعالى، لأنّ الغاية، والنظام، والدقة، والقصد، والإرادة، والحكمة، والقدرة، والتدبير، ظواهر باهرات، في كل شيء وفي كل مكان، من هذا الكون، وكلها تدل على وجود الله تعالى.
ولكن الله تعالى لا يُرى بالعين، ولا يمكن أن يتصوره إنسان، أو يتوهمه بخيال، لأنّ كل ما تقع عليه حواسنا، أو يحيط به خيالنا، فهو محدود، محتاج، ناقص، والله تعالى فوق كل شيء، وأكبر من كل شيء.
ونحن نؤمن بوجود أمور لا نراها بالعين، بل نحسها بآثارها، كالكهرباء والجاذبية ونحوهما.
كما أننا لا نؤمن بأشياء نراها بأعيننا، ولا نصدقها، كالسراب، وانطباق السماء على الأرض، ودوران الأشجار والجبال عند ركوبنا القطار أو السيارة، ونرى الشمس كقرص الخبر، ونحو كثير مما هو غير حقيقي.
فليس كل ما تراه العين صادقاً، وليس كل ما لا تراه غير موجود.

الفصل الثاني:
عناصر الإيمان بالله:
• توحيد الله تعالى
• صفات الله تعالى
• أسماء الله تعالى

توحيد الله تعالى:
معنى التوحيد:
إنّ معنى التوحيد: هو الإيمان بأنّ إله الكون واحد، هو الله، لا شريك له، فيما يفعله في هذا الكون.
الدليل:
إنّ الأدلة على توحيد الله تعالى كثيرة، وأيسرها:
هو: وحدة نظام الكون المتقن. مما يدل على أنّ خالقه في غاية الكمال والغنى عن الشريك،
وشرح ذلك (باختصار شديد) هو لو كان مع الله تعالى شريك، فأما أن يتساويا في الفعل وأما أن يختلفا، فإذا كانا متساويين، تماماً في كل الأفعال، والإرادات استغنا أحدهما عن الآخر، لانتفاء الحاجة إليه، لأنّ الإله يجب أن يكون غير محتاج إلى غيره.
أما إذا كانا مختلفين لفسد العالم، كما لو أراد أحدهما خلق شيء وأراد الآخر عدم خلقه.
فإتفاقهما محال لاختلافهما بالفرض، واختلافهما فساد العالم.

القرآن يرشد العقل إلى التوحيد:
قال سبحانه:
• "أم من يبدأ الخلق ثم يعيده؟
(وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (النمل/ 64).
(وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (القصص/ 88).
(مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (المؤمنون/ 91).
(لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الأنبياء/ 22).
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الأحقاف/ 4).

كلام أهل البيت (ع) في التوحيد:
في مضمون الآيات السابقة، قال إمامنا أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب، لولده إمامنا الحسن عليهما السلام، بقصد تعليم أمتنا الإسلامية:
"واعلم يا بني، أنّه لو كان لربك شريك، لأتتك رسله، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه، ولرأيت أفعاله، وصفاته، وكفى بالله واحداً، كما وصف نفسه".

صفات الله تعالى:
صفات الكمال:
إنّ الله تعالى موجود بذاته، متصف بجميع صفات الكمال، فهو:
1- قادر مختار:
بمعنى: أنّه على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، لأنّ العجز نقص، فلو كان الله تعالى عاجزاً، لما كان إلهاً، فله الكمال المطلق.
قال سبحانه:
(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الحج/ 6).
2- عالم:
بمعنى: أنّ علمه الذي أحاط بكل شيء قبل حدوثه، كعلمه به عند حدوثه، فلا تخفى عليه خافية، حتى خواطر الأفهام، ودقائق الأوهام، ونيات القلوب، وما تخفى الصدور.
لأنّ عدم العلم على هذا النحو جهل، والجهل نقص لا يليق بالإله، الذي تفرد بالكلمال المطلق.
قال سبحانه:
• (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) (سبأ/ 2).
• (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (التغابن/ 4).
• (... وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (يونس/ 61).
3- حي:
بمعنى: أنّ الله تعالى الذي وهب الحياة للأحياء، من إنسان وحيوان ونبات، لابد أن يملك الحياة.
ولكن ليس معنى ذلك، أنّ له جسماً، تحل فيه الحياة، وأنّه يكبر، ويتحرك، ويموت، فإنّ هذه صفات المحتاج إلى المكان والزمان والحركة، والله تعالى غني حميد، قال سبحانه:
(هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (غافر/ 65).
4- مريد:
لله تعالى إرادتان: تكوينية وتشريعية، فبالإرادة التكوينية خلق هذا الكون ودبره وأحكم وجوده، ومهما يريد الله تعالى من شيء فإرادته نافذة لخير الناس وصلاحهم، ولا يريد شراً بعباده ولا سوءاً. ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء:.
(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يس/ 82).
وبالإرادة التشريعية، شرع للناس نظام حياتهم، لمصلحة معاشهم ومعادهم، (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ...) (الشورى/ 13).
وقد حبب الله تعالى للناس الإيمان، وزينه في قلوبهم، وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان، ونهاهم عنه، لتحسن حالهم، ويرغد عيشهم، وتسعد حياتهم، في ظل تقوى الله، وفضائل الإسلام.
5- مدرك:
بمعنى: أنّ الله تعالى يدرك جميع الأشياء بدون حواس، لأنّه لو كانت له حاسة سمع أو بصر، لكان محتاجاً، ولما كان إلهاً، فهو يعلم جميع المسموعات والمبصرات، ولا يخفى عليه شيء منها.
قال عز وجل:
(لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الأنعام/ 103).
6- متكلم:
بمعنى: أنّه قادر على خلق الكلام، فيما يشاء من الأشياء، كما خلق الكلام في شجرة الطور لتكلم موسى (ع) (وهذه آية من آياته الباهرات).
وليس معنى متكلم: أنّ لديه آلة كلام كاللسان، لأنّ اللسان آلة للمحتاج، والله تعالى غني حميد، تنزه عن الحاجة إلى شيء.
قال تعالى:
(قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) (الكهف/ 109).
(وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لقمان/ 27).
7- صادق:
بمعنى: أنّ الله تعالى صادق في ما يشرع لصلاح الناس. ويصدق في وعده لنصرة المؤمنين، المجاهدين في سبيله، ويصدق في كل شيء ويستحيل عليه الكذب.
لأنّ الكذب صفة ذميمة، وهو تعالى منزه عن الذمائم.
قال سبحانه:
(وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) (الحجر/ 64).
(...ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) (الأنعام/ 146).
8- أزلي قديم أبدي باقٍ:
بمعنى أنّه موجود قبل كل شيء، لم تسبقه علة من العلل، وأنّه باقٍ، لا يعروه العدم، لأنّ علة وجوده ذاتية فيه.
قال سبحانه:
(هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (الحديد/ 3).

صفات التنزية:
إنّ الله تعالى منزه عن جميع صفات النقص، فهو سبحانه:
1- ليس بمركب: لأنّ المركب محتاج إلى أجزائه، والله كامل.
2- ليس له شريك: إذ لو كان له شريك، لفسد العالم (كما سبق بيانه).
3- ليس بمحتاج: بمعنى أنّه قائم بذاته، وجميع الأشياء تفتقر إليه وهو غني عنها، ولو كان محتاجاً لما كان إلها.
4- ليس بمحدود: فلو كان الله تعالى محدوداً، لكان محتاجاً إلى المكان، والله تعالى غني غير محتاج إلى شيء، ومحيط بالكون كله ومهيمن عليه.
5- ليس بجسم: لأنّ الجسم محدود، والله تعالى مطلق غير محدود.
6- لا تدركه الأبصار: لأنّ المرئى الذي تدركه الأبصار، لابد أن يكون جسماً، له صورة، وفي مكان، وهذا كله ممتنع بالنسبة إلى الله تعالى، فهو لا تدركه الأبصار، لا في الدنيا ولا في الآخرة. كما قال سبحانه لموسى بن عمران:
(...قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ...) (الأعراف/ 143).
7- لا يخلو منه مكان: لأنّه لو خلا مكان من وجود الله تعالى لكان الله تعالى في مكان آخر، ولأصبح محدوداً، ولم يكن محيطاً ومهيمناً وهذا يستحيل على اللطيف الخبير، هو لا يحويه مكان، ولا يخلو منه مكان "الأول بلا أولية، والآخر بلا اخرية".
عدل الله تعالى:
تنزه الله تعالى عن فعل القبيح، والإخلال بالواجب، مثل الظلم والحيف والبغي. فالله تعالى لا يظلم أحداً، ولا يأمر بالظلم، ولا يحب الظالمين.
لأنّ الظلم: إما لحاجة، أو لجهل، أو لعجز، أو لعبث، والله تعالى كامل غني منزه عنها جميعاً.
قال سبحانه:
• (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل/ 90).
• (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (يونس/ 44).
• (...وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران/ 57).

الخلاصة في الصفات:
إنّ الله تعالى أكبر من أن يوصف، لا يشبه شيء ولا يعجزه شيء ولا يحيط به شيء، عادل حكيم عليم قدير.
والصفات التي تدركها عقولنا هي صفات مخلوقات، بينما صفات الله تعالى صفات خالق، فمن المعلوم، أنّ صفات القميص، ليست كصفات الخياط، وأنّ صفات الكرسي ليست كصفات النجار.
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى/ 11).

اسماء الله تعالى:
إنّ لله الأسماء الحسنى المباركات. منها: قال سبحانه:
(هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (٢٢)هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى...) (الحشر/ 22-24).
القدوس: المطهر من كل عيب أو نقص.
السلام: الأمان لخلقه.
المؤمن: الصادق فيما وعد به خلقه، والمؤمن لهم من عذابه إذا إطاعوه فيما أمر ونهى.
المهيمن: المسيطر، المريد، المتصرف في مخلوقاته.
العزيز: القاهر، الغالب، المجيد.
الجبار: المنفذ لإرادته.
المتكبر: الجليل عن صفات مخلوقاته، المتفرد بصفات جلاله، وكماله وعظمته وكبريائه.
البارئ: الخالق المصور، من غير تعب ولا نصب، ولا حاجة إلى شيء.

الفصل الثالث:
نتائج الإيمان بالله تعالى:
• توحيد الله في مجال العقيدة.
• توحيد الله في مجال السلوك.
- رقابة الله تعالى.
- محبة الله تعالى.

توحيد الله في مجال العقيدة:
إنّ من يؤمن بأنّ خالق الكون والحياة والإنسان: هو الله تعالى، وهو واحد لا شريك له، وبيده الأمر والحكم، وهو على كل شيء قدير، فإنّ هذا المؤمن:
• إذا استعان فإنما يستعين بالله تعالى "والله المستعان".
• وإذا كانت لديه حاجة طلبها من الله تعالى "الله الصمد".
• وإذا أراد رزقاً طلبه من الله تعالى "وهو الرزاق".
• وإذا أصابه شر دعا الله تعالى "ادعوني استجب لكم".
• وإذا كان في نعمة شكر الله تعالى "والله يحب الشاكرين".
• وإذا كان في جهاد، صبر في سبيل الله على الشدة. "إنّ الله مع الصابرين".
• وإذا فعل خيراً، طلب الثواب من الله تعالى "والله عنده حسن الثواب".
• وإذا أراد النجاة فر إلى الله "ففروا إلى الله".
وهكذا يتوجه الإنسان إلى الله بكل عقائده ومشاعره وعواطفه وحاجاته، ويتصل به في السراء والضراء، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ...) (الزمر/ 36).
(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام/ 162-163).

توحيد الله في مجال السلوك:
رقابة الله تعالى:
إنّ من أسلم وجهه لله تعالى في كل شيء، فإنّه يشعر في قرارة قلبه، بأنّ الله تعالى رقيب عليه، (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر/19)، فهو يبتعد عن كل موقف يغضب الرب الجليل، ويتقرب إلى كل حالة ترضي رب العالمين، سواء رآه أحد من الناس، أو لم يره أحد، لأنّ الله تعالى معه أينما يكون... .

محبة الله تعالى:
كما أنّ الإيمان بالله تعالى، والتسليم له، يجعل هدف المؤمن محبة الله سبحانه، لأنّه أنعم عليه، بأكبر النعم، وهي نعمة التوحيد. فهو يحب الله أكثر من الدنيا وما فيها(...وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ...) (البقرة/ 165). وأول درجات المحبة الطاعة في كل شيء.
فإذا صار محباً لله تعالى، كما ذكرنا، كان مع الله وكان الله تعالى معه، يعيش في الدنيا عزيزاً وفي الاخرة من السعداء في جنة النعيم.
جاء إعرابي إلى رسول الله، صلى الله عليه واله وسلم. فقال الأعرابي: متى الساعة؟
قال (ص) وما أعددت لها؟
قال الأعرابي: حب الله ورسوله.
قال (ص): أنت مع من أحببت.
ولذلك من كان يحب الله ورسوله وأهل بيت النبوة المعصومين، عليهم الصلاة والسلام، حباً صادقاً متجسداً في عقائده وسلوكه كان معهم في الجنة إن شاء الله تعالى.
(رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (١٩٣)رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (آل عمران/194).
والحمد لله رب العالمين.

ارسال التعليق

Top