• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

حب الأولاد لوالديهم مرهون بالرسائل الموجهة إليهم

حب الأولاد لوالديهم مرهون بالرسائل الموجهة إليهم

◄عادة ما تكون العلاقات العائلية فيها أفضلية من قِبَل الأهل لولد على آخر. كذلك الأمر بالنسبة للأولاد فتكون لهم الأفضلية لأحد الأبوين. أفضلية الأهل لأولادهم لا تشبه أفضلية الأولاد لأهلهم. الأولى قد تسبب مشاكل نفسية، خصوصاً إذا رُفض أحد الأطفال لأسباب متعددة، كأن يشبه أحداً لا يحبونه، أو لأن جنسه غير مرغوب به فيُرفض، أو حتى إذا وُلد في وقت غير ملائم بالنسبة لهم.. فكل ظروف الأهل الحياتية يتم إسقاطها على الأبناء، ما يجعلهم يميزون ولداً عن آخر، ويكون ذلك جلياً في أسلوب المعاملة.

حكماً وانطلاقاً من هذه الإسقاطات والتفضيل تأتي معاملة الأهل لأبنائهم، فإما أن تكون معاملة جيدة وإما معاملة سيئة أو حب أو احترام وغيرها. أما حب الأولاد لأهلهم فهو مرهون بنقطتين مهمتين: الأولى ناتجة عن شعورهم بالأمان والثانية ناتجة عن إحساس الولد بحب أهله له.

إنما وبشكل عام، عندما يخلق الطفل تتكون لديه طاقة الحب والتعلق بالأشخاص الذين يهتمون به، وهو يدرك مع الوقت أنهم أهله، وعلاقته بهم لا تبدأ بالتغيير والتطور والتبلور إلا من خلال الرسائل الموجهة إليه من قبلهم، فإذا بقيت هذه الرسائل التي يبدأ إرسالها منذ الولادة إيجابية سيبقى الولد مطمئناً ومبتهجاً، بينما إذا بدأ التبدل في تصرفات الأهل يبدأ التغيير في جواب الابن على رسائل هؤلاء الأهل وبالتالي يتبلور عنده القلق وقد يسعى للتقرب من أحد الوالدين الذي برأيه هو القادر أكثر على إعطائه الأمان والحب. من هنا نبدأ نلاحظ أفضلية الولد أن يكون إلى جانب أحد الوالدين على حساب الآخر لأنّ الولد غرائزياً يبحث كما ذكرنا عن الأمان والحب.

نتيجة هذه العلاقة مع الأهل، أي العلاقة التي يسودها الحب والأمان والاستقرار، نرى الولد يسمع كلام أهله ويتمتع بصحة جيدة ويتغذى جيداً ويعرف كيف يلعب ويستطيع أن ينمو فكرياً. بالتالي تكون نتائجه مُرضية في المدرسة ويمكن القول أن طفولة صحية وجيدة بالحد المطلوب أصبحت مؤمنة له، فتزداد وتتكون ثقته بنفسه وتقوى شخصيته ويصبح اجتماعياً أكثر.

أما في الحالات الأخرى التي يفتقد فيها الولد لهذه النقاط، تكون علاقته بأهله سلبية. فهو يعيش قلقاً ويصبح متردداً أو انطوائياً ويبقى باله مشغولاً، ما قد يؤثر في نموه الفكري ونتائجه المدرسية وعلاقته بأصحابه ولا تعهد همومه هموم الطفولة، بل يبحث عن كيفية حب أهله به وبالتالي عن شعوره بالأمان.

في الحالة الأولى لا خطر كبيراً على الولد، لأن محبة أحد الطرفين واهتمامه به قد تجعل منه طفلاً محمياً. أما في الحالة الثانية وعندما لا يحصل على هذه الأمور من أحد الطرفين فيسعى إلى التعلق بالطرف الآخر لعله يحظى بالأمان المنشود.

ولكن في الحالات التي لا يتمكن فيها الطفل من الحصول على الحب والحنان من كلا الطرفين، يصبح الموضوع خطراً جداً لأنه غالباً ما يسعى الولد لتطوير آليات دفاع جديدة، ويبدأ رحلة البحث ليحظى بالاهتمام، وربما خارج المنزل حتى لو كان صغيراً في السن وبالتالي ثمة احتمال وخطر كبيران أن يصبح عرضة للتحرش الجنسي أو الاعتداءات أو الضياع ولا شك أنه سيتعرض عندما يكبر إلى خطر الانحراف.

عزيزي القارئ، ثمة نوع من العلاقة بين الأهل والأولاد يكمن وراءه خطر مبطّن وهي عندما تكون علاقة الحب من قبل الولد تجاه الأهل مبنية على الخوف وذلك لحماية نفسه إما من الضرب أو من العنف، أو بكل بساطة لمجرد إيجاد مكان وكيان له في المنزل. بالتالي يجب ألا يفرح الآباء إذا كانوا يقسون عليه وهو يطيعهم، ففي هذه الحالة يكون تعلق الولد بالأهل لأنّه في حاجة إليهم، ولأنّه مرغم على البقاء معهم ولا خيارات أخرى أمامه. بالتالي عند أوّل فرصة أمامه تتيح له القدرة على الخيار، سوف يرفض العلاقة مع الأهل وقد يقوم برد فعل لا تحمد عقباها.

هذا النوع من الحب ليس دليل عافية لأنّه من أخطر أنواع حب الأبناء لآبائهم فهو غير صحي بسبب غياب الخيارات لديه، وبالتالي أنت مدعو لإعادة النظر بعلاقتك بابنك لمعرفة أي نوع هي. اعلم أن ابنك سيتعلق بك أكثر إذا أحببته كثيراً وبالتالي ستربحه إلى جانبك. أما إذا أخفته كثيراً فهو في هذه الحال سيتعبك كثيراً وستخسران معاً.

إشارة إلى أن حب الجدّة والجدّ للطفل، إن لم يكن الولد محبوباً من أهله، يمكن أن ينقذه وعليك أنت حسم خيارك.►

ارسال التعليق

Top