• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

لماذا جرحني؟

لماذا جرحني؟

◄يحدث أن نقف في حيرة وأسى، ونسأل أنفسنا هذا السؤال الصعب: لماذا جرحني هذا الإنسان؟ ونحن للتو تواجهنا مع ألم صدمة أن هناك إنساناً قام بجرحنا بكلمة أو بفعل؟

إن الإحساس بجرح الكلمة أو الفعل، مسألة مؤلمة، فالكلمة بمثابة سكين مثلما الفعل سكين. والوجع يكون بحسب مستوى الأمر وطريقة حصوله، سواءً أحصل كمفاجأة غير متوقعة أم جاء من عزيز، أم أنه رد فعل شديدة لفعل بسيط.

معظمنا حين تتم صدمته يكون سؤاله "لماذا؟" محاولاً بذلك أن يحصل على إجابة تفسر ما حصل. ولكن، وبشكل أكبر، محاولة فهم ما حصل. ومع أن هذا الأمر يبدو طبيعياً، ولكنه أشبه بدوران المتأذين حول أنفسهم. فهذه الحيرة المؤلمة تجعل الإنسان في حال أشبه بحال الطائر المجروح، الفرفرة لا تشفي جرحاً تزيد النزف.

 النقطة الثانية، إن الأغلبية تقول لنفسها: لماذا سمحت بأن يفعل معي هكذا؟ وتلوم ذاتها معتقدة أنها كانت قادرة على حماية نفسها بالرد، فإن الجرح حاصل حاصل لا محالة. فحتى لو رددت الصاع صاعين سيبقى جرح الكلمة والفعل موجودين.

إن للتعامل مع الجروح التي تعانيها، هناك طرق تجعل فهمك لما حصل وتأثيره أفضل، أو لنقل يرقى إلى مستوى أهون. ويكون ذلك بطرح أسئلة

على نفسك عن هذا الحدث:-

أي يوم حصل فيه هذا الأمر؟

ما أكثر منظر في الحدث رأته عيناي؟

ماذا كانت رد فعلي؟

ماذا كان أحساسي بوقتها؟

ماذا تمنيت أن تكون حصل؟

ماهي خيبة أملي في الأمر؟

ماذا خسرت من ذلك؟

ما نتائج ما حصل؟

ما إحساسي الآن؟

إن مجرد طرح هذه الأسئلة، يخلق مواجهة مع الذات بخصوص ما حصل وفهم الأمر بشكل أفضل. فالذاكرة مخرون نحن من نكبره أو نصغره. واحدة من مشاكل مخزون الذاكرة، أن الذاكرة تخزن الانطباع الأول، والحرقة الأولى. وبالتالي، فإن الموضوع قد يفتر ويبرد. ولكن، إن قمنا بترك الذاكرة تعبث بنا بانطباع الصدمة الأولى حين حصل الأمر، فالمسألة تظل جادة ومؤلمة في ذات الوقت.

هناك حقيقة ندركها ونعرفها علمياً، وهي أن عمق وحجم الحدث، يعتمدان بشكل كبير على إحساسنا وقت حدوثه. فإن حصل ونحن في مزاج عال رائق، كان تأثيره أقل. وإن حدث ونحن نعاني أوجاعاً، صدمات، وغيرها وقت حدوثها، كان أشبه بالقشة التي  كسرت ظهر البعير.

لذا، اجلس مع نفسك وقل: "هو حدث وانتهى، بالغت في تأثيره من اجتراره. زكنت في حال متعبة. والآن ما حدث قد حدث، لم أخسر إلا أحساسي في تلك الحظة. لكن الحدث هو ماض مضى وحاضري هو الآن بيدي، وسأجعله بشكل صحيح وجيد".►

ارسال التعليق

Top