نجحت الصالات والأندية الرياضية في إستقطاب أعداد كبيرة من المنتسبين الذين تجاهلوا أقساطها المرتفعة، وتحديداً من الجنس الناعم، ووفقاً لمسؤولي النوادي فإنّ النساء أكثر إلتزاماً بحضور الحصص المختلفة، والمواظبة عليها أسبوعياً. فما سر هذا الإقبال المتزايد؟ وهل تشارك المرأة في هذه النوادي الرياضية طلباً للرشاقة أم أن وراء ذلك دوافع أخرى توفرها مغريات عدة تقدمها النوادي الحديثة، كدروس لتعليم الرقص، أو بهو إستقبال أنيق يتسع لمن تبحث عن صديقة تصغي إليها وتتبادل القصص معها؟
صباح جميل، صحافية، تهتم بالرياضة، وتمارسها بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات كل أسبوعين في نادٍ رياضي مختلط يقع أسفل المبنى حيث تقيم، وعن سبب إرتيادها للنادي تقول: الرياضة مهمة للحفاظ على الصحة والرشاقة، لكن ضيق الوقت يحول دون قدرتي على زيادة عدد المرات التي أذهب فيها إلى النادي.
في حين أنّ اللبنانية أنيتا تمارس الرياضة بانتظام بمعدل 3 مرات أسبوعياً للحفاظ على قوام صحيح خالٍ من الأمراض وتقول: على رغم الضغوطات الكثيرة وجدول عملي الحافل الذي يقتضيه إرتباطي ببرامج تنظمها هيئة الأُمم المتحدة، فإنني أجد الوقت الكافي لممارسة الرياضة في نادٍ مختلط ثلاث مرات أسبوعياً على الأقل. توافقها في الرأي إلهام، ولورا، وأنعام، وداني، وجميعهنّ يقصدن النادي الرياضي 4 مرات في الأسبوع. وتقول داني: الرياضة بالنسبة إليَّ كالطعام وشرب الماء، وأنا أمارسها منذ وقت طويل، ثمّ أشارت إلى ذراعها لتظهر شكل ساعدها المصقول والخالي من الدهون.
- صغيرات ضمن المعادلة:
ريم، ويارا، وفاطمة، ثلاث طالبات مواظبات على الرياضة، ريم تقصد نادياً مختلطاً لكنها لا تتحدث إلى أحد خلال ممارستها للرياضة، فرفيقها الدائم في النادي هو "الآي بود" إذ تقضي الوقت في ممارسة الرياضة والإستماع إلى الموسيقى.
أمّا يارا فتمارس رياضة ألعاب القوى منذ كانت في التاسعة من عمرها، حتى أصبحت هذه الرياضة جزءاً من حياتها اليومية، وهي غير مستعدة بعد للتخلي عن هذه الرياضة التي تحبها.
كذلك فاطمة تمارس رياضة "الكاراتيه" التي تتطلب شجاعة أكثر، وتقول: أقوى ممارسة الرياضة، وخاصة "الكاراتيه" التي أمارسها بشكل مستمر منذ خمس سنوات، وأتمنى أن أستمر فيها، فهي رياضة جميلة، وغير مؤذية كما يظن البعض.
وإذا كانت كل من النيوزيلندية ليزا، والكينية آنا تمارسان رياضة المشي فقط، فإن خديجة، ولطيفة، وإيمان، ومرال، وشترا، وكيلي، لا يمارسن أي رياضة على الإطلاق، فلكل منهنّ مشاغل خاصة، كالأبناء والأسرة، والعمل المرهق. تقول كيلي هوم، التي تعمل مديرة في شركة علاقات عامة: لا يوجد لدي وقت لممارسة الرياضة، فأنا مشغولة، حتى إني أعمل أحياناً في أيام العطلات، ونهاية الأسبوع، كنت أمارس الرياضة بانتظام بمعدل 3 أو 4 مرات أسبوعياً، أمّا الآن فالرياضة بالنسبة إليَّ أصبحت جزءاً من الماضي.
- الرياضة دواء:
الألمانية كاترين تعمل مدربة رياضة شخصية، تقيم في الإمارات منذ 4 سنوات، وبالنسبة إليها، فالرياضة أسلوب حياة، ودواء لأمراض العصر. وعن تحول النوادي الرياضية إلى نوادٍ إجتماعية تقول: أمارس الرياضة منذ كنت طفلة صغيرة، فهي من الأمور الأساسية في حياتي، وأنا ضد من يذهبون إلى النادي لتبادل الحديث وشرب القهوة، فهناك نوادٍ إجتماعية خاصة لذلك الغرض، كذلك لا أقصد النوادي الرياضية المختلطة لهذا السبب، بل أفضِّل النادي الصغير في المبنى حيث أقيم حيث أكون بمفردي معظم الأوقات.
ريو، التي تعمل مستشارة عضوية في أحد النوادي الرياضية المشهورة في الإمارات، تقول إنّ النوادي الرياضية الحديثة لا تؤمِّن لمرتاديها جواً إجتماعياً محبباً فقط، بل أيضاً صفوفاً مختلفة يقدمها مدربون مختصون، تفيد في صقل بنيتهم الجسمانية، وتساعدهم على تخطي الكثير من العقبات، وتجعلهم أكثر رضا عن أنفسهم، وتزيد من الثقة بالنفس لديهم. وترى ريو أنّ السيدات أكثر إلتزاماً بالحصص والدروس ومتابعة التمرين من الرجال.
* العلاقات جزء من سلوك الإنسان السوي
د. هاشم سرحان الزعابي، باحث متخصص في علم الإجتماع، يرى إنّ الإنسان إجتماعي بطبعه، يحب التقاء الآخرين، وتكوين علاقات معهم، كزملاء العمل أو الدراسة أو الجيران، والسعي إلى تكوين علاقات إجتماعية في النادي هو جزء من سلوك الإنسان السوي. ويقول: من ناحية أخرى، نحن بعيدون – في مجتمعاتنا العربية – عن ثقافة الرياضة، التي يجب أن تكون جزءاً من حياتنا اليومية، كالأكل والشرب، والتي تحولت اليوم إلى ما يشبه الموضة، فالمرأة العربية غالباً ما تقصد النادي الرياضي لفترات محدودة لا تتجاوز الشهرين، وذلك حتى تنقص وزنها أو لخفض نسبة الكوليسترول في الدم، أو بعد الولادة، وما أن تحقق ذلك حتى تتوقف عن الذهاب إلى النادي، وهو سلوك يجب تصحيحه، ويجب تأكيد أهمية الرياضة وممارستها.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق