◄لعلّ من أكبر البركات التي منَّ الله تعالى بها على الأُمّة نِعمة الجماعة وذلك لأنّ التحدّيات التي تواجه المجتمع والمؤامرات التي يحيكها أعداء الدِّين ضدّ الأُمّة لا يمكن مواجهتها والتصدّي لها بشكلٍ فردي مهما بلغت الحصانة التي يتمتّع بها أيّ فرد، بل من البديهي تداعي سائر المؤمنين إلى لزوم جماعتهم والتعرُّف على مشاكلهم والاستماع لبعضهم وطرح الحلول الملائمة لا سيّما أمام ما تتعرّض له أُمّتنا اليوم من غزو ثقافي وإعلامي موجه يستهدف إماتة الروح الإسلامية في النفوس واستبدالها بروح استهلاكية تابعة.
فالجماعة لا تعني الكثرة في مقابل القلّة، ولا تعني القوّة في مقابل الضعف، ولا تعني القدرة في مقابل الوهن، فعن الإمام عليّ (ع) - وقد سُئِل عن تفسير السنّة والبدعة والجماعة والفرقة: «السنّة - والله - سنّة محمّد (ص)، والبدعة ما فارقها، والجماعة - والله - مجامعة أهل الحقّ وإن قلّوا، والفرقة مجامعة أهل الباطل وإن كثروا».
وعن الإمام الصادق (ع): «سُئِل رسول الله (ص) عن جماعة أُمّته، فقال: جماعة أُمّتي أهل الحقّ وإن قلّوا». وعن رسول الله (ص) - وقد سُئِل ما جماعة أُمّتك ؟ -: «مَن كان على الحقّ وإن كانوا عشرة».
والشاهد الأكبر الذي نراه في التاريخ ما جرى في كربلاء حيث كان الحسين وأصحابه يمثّلون الجماعة وأهل الحقّ على قلّتهم بينما احتشد عشرات الآلاف على الباطل والضلالة.
بركات الجماعة
شدّد رسول الله (ص) على أهمّية الجماعة وأوصى بها محذّراً من أيّ لون من ألوان التفرّق والتشتّت فقال (ص):«أيّها الناس! عليكم بالجماعة، وإيّاكم والفرقة».
يد الله مع الجماعة: عنه (ص): «يد الله على الجماعة، والشيطان مع مَن خالف الجماعة يركض».
وبنفس المعنى قوله (ص): «يد الله على الجماعة، فإذا اشتذّ الشاذ منهم اختطفه الشيطان كما يختطف الذئب الشاة الشاذة من الغنم».
البقاء على الهدى: عنه (ص): «مَن خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه».
الجماعة رحمة: عنه (ص): «الجماعة رحمة والفرقة عذاب».
الظهور على الآخرين: فعن عليّ (ع): «فانظروا كيف كانوا حيث كانت الإملاء مجتمعة، والأهواء مؤتلفة، والقلوب معتدلة، والأيدي مترادفة، والسيوف متناصرة، والبصائر نافذة، والعزائم واحدة. ألم يكونوا أرباباً في أقطار الأرضين، وملوكاً على رقاب العالمين».
استجابة الدُّعاء: عن الإمام الصادق (ع): «إنّ الله يستحيي من عبده إذا صلى في جماعة، ثمّ سأل حاجته أن ينصرف حتّى يقضيها».
ما يناقض الجماعة
الفتن: عنه (ع) - في التحذير من الفتن -: «لا تكونوا أنصاب الفتن، وأعلام البدع، والزموا ما عقد عليه حبل الجماعة، وبُنيت عليه أركان الطاعة».
التقاطع والجفاء: فعن عليّ (ع): «وعليكم بالتواصل والتباذل، وإيّاكم والتدابر والتقاطع. فإنّ الله سبحانه قد امتنّ على جماعة هذه الأُمّة، فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة، التي ينتقلون في ظلّها، ويأوون إلى كنفها. بنِعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة، لأنّها أرجح من كلّ ثمن، وأجلّ من كلّ خطر».
عدم الاحترام المتبادل: عن عليّ (ع): «ليردعكم الإسلام ووقاره عن التباغي والتهاذي، ولتجتمع كلمتكم، والزموا دين الله الذي لا يقبل من أحد غيره، وكلمة الإخلاص التي هي قوام الدِّين».
التلوّن: عنه (ع): «إيّاكم والتلوّن في دين الله؛ فإنّ جماعة فيما تكرهون من الحقّ خير من فرقة فيما تحبّون من الباطل، وإنّ الله سبحانه لم يعطِ أحداً بفرقة خيراً، ممّن مضى ولا ممّن بقي».
عنه (ع ): «إنّ الشيطان يسني لكم طرقه، ويريد أن يحلّ دينكم عقدة عقدة، ويعطيكم بالجماعة الفرقة، وبالفرقة الفتنة، فاصدفوا عن نزغاته ونفثاته».
الخلاف: عن عليّ (ع): «وأيم الله، ما اختلفت أُمّة بعد نبيّها. إلّا ظهر باطلها على حقّها، إلّا ما شاء الله».
ويبيّن الإمام عليّ (ع) مساوئ الخلاف والفرقة قائلاً: «فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخر أُمورهم، حين وقعت الفرقة، وتشتّتت الألفة، واختلفت الكلمة والأفئدة، وتشعّبوا مختلفين، وتفرّقوا متحازبين. وإنّما أنتم إخوان على دين الله، ما فرّق بينكم إلّا خبث السرائر، وسوء الضمائر، فلا توازرون ولا تناصحون، ولا تباذلون ولا توادّون... وما يمنع أحدكم أن يستقبل أخاه بما يخاف من عيبه، إلّا مخافة أن يستقبله بمثله».
عنه (ع): «وإنّي، والله، لأظنّ أنّ هؤلاء القوم سيدالون منكم باجتماعهم على باطلهم، وتفرّقكم عن حقّكم».
وقد وقع هذا الأمر يوم عاشوراء حيث اجتمعوا على سيِّد الشهداء (ع)، وقد خطب فيهم قائلاً: «وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، وأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحل بكم نقمته، وجنبكم رحمته».►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق