• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

إضطرابات النوم الليلي لدى الأطفال

إضطرابات النوم الليلي لدى الأطفال
 ◄النوم لا يعني للطفل الإنتقال إلى أرض الأحلام فقط، بل يعني ترك صحبة الأهل، والألعاب، والنشاط، والإنتقال إلى عالم الظلام والهدوء والوحدة، وهو إنفصال يثير القلق لدى العديد من الأطفال. أفضل طريقة للتعامل مع الخوف من النوم عند الأطفال، هي التأكيد للطفل مراراً وتكراراً، أنّه لا يوجد ما يخيف من النوم. كما يجب على الأُم أن تجعل من النوم طقساً ممتعاً ومريحاً وآمناً بالنسبة إلى الطفل، وأن تسمح له باصطحاب الغرض الذي يزوده بالراحة معه إلى السرير، وأن تتأكد من تأمين كل إحتياجاته قبل أن تتركه وحده، ثمّ تقبّله قائلة: "أراك غداً"، ما يؤكد للطفل أنّ الإنفصال مؤقّت، وأنّه سيعود ويلتقي أهله في صباح اليوم التالي. أما إذا بكى الطفل بعد مغادرة الأم غرفته، فعليها ألا تعود حالاً إليه، بل يجب منحه مدة عشرين دقيقة أو ربع ساعة حتى يرتاح وينام. أما إذا إستمر في البكاء إلى ما بعد هذا الوقت، فعليها الذهاب إليه والتأكيد له بعد تقبيله والتربيت على كتفه، أنها ستراه في الصباح، ولكن عليها ألا تحمله أو تجلس إلى جانبه على السرير. وعند مغادرتها غرفته، عليها ألا تشعر بالذنب، بل عليها أن تقنع نفسها بأن واجبها وضع طفلها في السرير، وأن واجب طفلها تهيئة نفسه للنوم.  

-        الأحلام المزعجة: كلنا يخاف الكوابيس، وخاصة الأطفال الصغار، لأنّ الطفل الصغير، نظراً إلى خبرته المحدودة نسبياً، لا يستطيع التمييز بشكل جيِّد بين ما هو حلم وما هو واقع. لذا، فإنّه يعتقد، عندما يستيقظ ليلاً من نومه، أنّ الحيوانات المتوحشة والأشباح والأشخاص المخيفين، الذين أزعجوه في نومه، هي مخلوقات واقعية ولا تزال تشكل خطراً عليه. هناك عوامل عدّة تسبب الأحلام المزعجة، منها: ·       الإجهاد أو تَعرُّض الطفل لضغط نتيجة خلاف أو توتر عائلي. ·       التغيير، إذ تصبح الكوابيس شائعة لدى الأطفال عند الإنتقال من مرحلة عمرية إلى أخرى، أو إلى منزل أو مدرسة جديدة، أو النوم في غرفة جديدة. ·       المشاعر المفرطة قبل النوم، مثل: الاهتياج أو الإثارة أو الإفراط في النشاط. ·       المرض، مثل: الإصابة بحمّى أو تناول علاج يسبب الهذيان والأحلام المخيفة. ولكن أكثر الأسباب شيوعاً، هي ذاكرة الطفل، التي لم تتحسن بعد، وخياله الجامح، الذي لم يحكمه عقل بعد. ولأنّه لا يزال صغيراً، تكون خيالاته أكثر تعقيداً، وكذلك أحلامه المخيفة. وبسبب قلّة وعي الطفل يزداد تركيزه على الخيالات البسيطة والمشوشة في ذهنه، بالتالي، تصبح الكوابيس أكثر رعباً. وللمساعدة على التقليل من مخاطر الكوابيس ومن نتائجها عندما تهاجم الطفل، حاولي ما يلي: ·       الحفاظ على هدوء الطفل قبل ذهابه إلى سريره. ·       تجنَّبي المشاجرات العائلية، وأقنعيه بعدم مشاهدة أعمال العنف على التلفزيون أو "الفيديو"، أو قراءة قصص مرعبة قبل النوم. عند إصطحابه إلى غرفته، لا تحاولي التظاهر بأنك "ثعلب كبير"، حتى لو كان ذلك على سبيل المزاح أو بهدف مداعبته، ولا تخمشيه بأظافرك، مثل وحش مخيف، عند دغدغته وهو في السرير. ·       بعدما يستيقظ طفلك من النوم، إطلبي منه أن يحدثك عن حلمه السيئ. فقد يشعر بتحسن بعدما يشاركك فيه، ساعديه على التعبير عن نفسه في حال كانت الكلمات التي يعرفها قليلة. ·       أشعريه بالأمان، فعندما يستيقظ الطفل من كابوس مخيف، فهو يشعر بالخوف وعدم الأمان، وأكثر ما يحتاج إليه، هو التأكيد له تكراراً أنّه ليس في خطر. قدمي له الراحة التي يحتاج إليها. قولي له إنّه في أمان، وإنك تحبينه، وإن حلمه لم يكن حقيقة. قولي له إنّ كل شخص يحلم أحلاماً مزعجة أحياناً وحتى الكبار، وستكون تطميناتك هذه فعّالة أكثر لو تحدّثت إليه بهدوء ولم تُبالغي في تصرفك. ·       بَيِّني له أنه في أمان. أشعلي النور ليلاً في غرفته، لتُبيِّني له أنها آمنة ومريحة كما هي عليه في النهار، وإذا فضّل أن يبقى النور مُضاء طوال الليل، دعيه يفعل ذلك، أو اتركي ضوءاً خافتاً مُضاءً في غرفته ليلاً. أمّا إذا كان خائفاً مما قد يكون مخبئاً وراء الأبواب المغلقة، أو حتى السرير، ففتشي الغرفة تفتيشاً دقيقاً بحضوره، حتى يطمئن إلى خلوّها من أي شيء مخيف. وإذا كانت هناك أشياء معلّقة على جدران غرفته، مثل قناديل أو ثياب أو صور أو أي أشياء أخرى، إحرصي على نزعها من مكانها. خذي مخاوفه على محمَل الجَد، لأن ذلك يمنحه الثقة التي يحتاج إليها للعودة إلى النوم ثانية. أما في حال كان يعاني مشاكل العودة إلى النوم، فاسقيه قليلاً من الماء، وقولي له إنك ستبقين إلى جانبه بعض الوقت. ·       تأكدي من أنّه يشعر بالأمان قبل تركه وحده في غرفته، لأنّ الطفل يشعر بأنّه صغير جدّاً مقارنة بالوحوش الموذية، التي يراها في أحلامه المزعجة ليلاً. لذا، فهو في حاجة ماسة إلى أن تؤكدي له دائماً أنّه في أمان.  

-        الرعب الليلي: مشكلة أخرى قد يُعانيها الطفل أثناء النوم، هي الرعب الليلي، حيث يكون الطفل نائماً في سريره، ويبدو كأنّه مستيقظ وقلق، وربما يصرخ ويحرّك يديه ورجليه باهتياج، وعيناه مفتوحتان وبارزتان، ويتصبّب عرقاً، وتدل قسمات وجهه على أنّه مرعوب. وقبل أن يتمكن الأهل من إيقاظه، يعود إلى النوم ثانية بهدوء. في هذه الحالة، والتي تُعرَف بالرعب الليلي، لا يكون الطفل نائماً، ولا يحلم بأحلام مزعجة. وهي حالة غامضة ومقلقة للأهل، شائعة عند الأطفال الصغار الذين تقل أعمارهم عن السنوات الست، إذ ينام الطفل بسهولة، ثمّ يستيقظ فجأة، وهو مرتعب، يرفس برجليه ويصرخ. باختصار، إنّه يتصرف على غير طبيعته. في الحقيقة، لا تستطيع الأُم عمل أي شيء للطفل سوى التأكيد له، في حال استيقظ ليلاً وأخذ يمشي وهو نائم عند تعرّضه لحالة "رعب ليلي"، أن ليس هناك ما يخيف في المنزل، والجلوس إلى جانبه خوفاً من أن يؤذي نفسه أثناء تقلّبه في فراشه أو المشي وهو نائم. أمّا إذا تعرّض لحالة "رعب ليلي" جديدة (وليس بالضرورة حصول ذلك)، فعلى الأُم ألا تُعانق طفلها، أو تحاول السيطرة عليه، لأن ذلك سيزيده هيجاناً، وقد يدفع بها بعيداً عنه. كما يجب ألا تحاول إيقاظه، بغض النظر عن حالة الرعب التي هو فيها، لأن ذلك يزيد الوضع سوءاً. وبدلاً من ذلك، عليها المراقبة والانتظار. فحالات الرعب الليلي تنتهي عادة خلال عشر دقائق إلى نصف ساعة من لحظة بدئها، يأخذ الطفل خلالها بالعودة إلى الهدوء من دون أن يستيقظ. وهنا تستطيع الأُم وضع يدها عليه والتربيت على كتفه ليعود إلى النوم بأمان ثانية. ومن حُسن الحظ أنّه عندما يستيقظ الطفل في صباح اليوم التالي، لا يتذكر شيئاً ممّا حصل له، على الرغم من أنّه قد يبدو منزعجاً وقلقاً إلى حد ما. وبما أنّ حالات الرعب تحدث في الغالب، عندما يكون الطفل مُجهَداً. لذا، على الأم الحرص على ألا يكون برنامج نشاطه النهاري مكثفاً أو محموماً أو يمتد لفترة طويلة، حتى يحصل على ما يكفي من الراحة والنوم. قد يُصاب بعض الأطفال بمثل هذه الحالة مرة واحدة قبل بلوغ سن السادسة، وقد يختبر البعض الآخر هذه التجربة مرات عدّة، وهذا أمر غير طبيعي.. وهنا يجب مراجعة الطبيب. إذ إنّ هناك احتمالاً ضئيلاً جدّاً يكون السبب نوبة اضطراب تهاجم الطفل ليلاً، يمكن السيطرة عليها بالدواء، إن كان ذلك ضرورياً. ولكن الحل الأفضل هو الانتظار حتى تنتهي الحالة من دون أي تدخّل من الأطباء، لأن معظم الأطفال يتخطّون الرعب الليلي عندما يصبحون في عمر السنوات الست. كما أنّ توفير الراحة والهدوء، ووضع الطفل في سريره قبل نصف ساعة من وقت نومه المعتاد، يساعد على التقليل من الإصابة بالرعب الليلي تدريجياً. في كل الأحوال، تختفي الحالة بشكل طبيعي مع نمو الطفل.   -        المشي أثناء النوم: يستيقظ الطفل من نومه أحياناً، ويأخذ في التجول في غرفته أو في المنزل، بينما يكون لا يزال نائماً. فهل المشي أثناء النوم يُعدُّ مشكلة؟ إنّ المشي أثناء النوم أمر شائع وطبيعي جدّاً. وخطره الوحيد هو إمكانية تعرُّض الطفل للخطر، كالوقوع أرضاً نتيجة إرتطامه بالحائط أو قطعة أثاث أو بلعبة متروكة في أرض الغرفة.. إلخ. وقد يفتح باب المنزل الخارجي ويذهب إلى الشارع من دون وعي. لهذا، يجب الحرص على إغلاق الباب جيِّداً، ووضع أقفال عدّة عليه، بحيث يصعب على الطفل نزعها. كما يجب اتخاذ إجراءات أمنية أخرى داخل المنزل لحماية الطفل من الأذى، مثل إغلاق باب المطبخ جيداً حتى لا يتمكن الطفل من الوصول إلى الأدوات الحادة. أما إذا كان هناك درج داخلي في المنزل، فيجب وضع باب على رأس الدرج وإغلاقه ليلاً باحكام. كما يجب إزالة كل العوائق الموجودة في طريق الطفل وفي الأمكنة التي إعتاد المشي فيها أثناء نومه. في العادة، يتوجه الطفل الذي يمشي وهو نائم، إما نحو الضوء أو نحو غرفة والديه. لذا، فإن ترك نور خفيف مضاء في غرفته، قد يساعد على عدم مغادرته الغرفة. أما إذا توجه نحو غرفة الوالدين، أو إذا صادفه أحد في مكان آخر في المنزل، فيجب توجيهه بلطف نحو غرفته من دون أن يُوقظه. لا تستطيع الأُم تقديم الكثير للطفل الذي يمشي وهو نائم، سوى الحفاظ على سلامته، لأنّه في الغالب، يتوقف وحده عن هذه العادة. ومع أنها تسبب الإضطراب للأهل في نومهم، لكنها لا تقلق الطفل. وكما في حالة الرعب الليلي، فإنّ الراحة والهدوء للطفل قد يساعدان على التقليل من هذه العادة تدريجياً.►

ارسال التعليق

Top