• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الكذب عبد الأطفال.. نصائح للمساعدة

الكذب عبد الأطفال.. نصائح للمساعدة

الكذب مُثير للقلق، فهو يسبب قلق عدد كبير من الأُمّهات ولكن، على كلّ أُم أن تدرك أنّه لا يوجد بالغ واحد لم يكذب عندما كان طفلاً، كما لا يوجد بالغ لا يكذب وهو في هذه السن.

يجب ألّا تشعُر الأُمّهات بالضِّيق إذا لم يُتقن الطفل فضيلة لا يتقنّها هنّ. لا يُراد تبرير الكذب بهذه الإشارة، بل القول إنّ الطفل الذي يكذب ليس مختلّا أو سيئ الأخلاق. يجب أن تعرف الأُم الأسباب التي تدفع الطفل إلى الكذب حتى تستطيع مساعدته على التخلي عن حاجته إليه. إنّ الأسباب التي تدفع الطفل إلى الكذب هي عادة نفسها التي تدفع الكبار إلى الكذب، ومنها: الشعور بأنّه محاصر، أو الخوف من العقاب أو الرفض، أو الشعور بأنّه مُهدّد، أو الاعتقاد بأنّ الكذب يجعل الأمور أسهل عليه وعلى الجميع. في كثير من الأحيان، يكون الكذب دلالة على تَدنّي الإحساس باحترام الذات. فالفرد يعتقد أنّه في حاجة إلى أن يبدو بمظهر أفضل لأنّه لا يعرف أن مظهره على ما هو عليه جيد بما فيه الكفاية. بالطبع، كلّ أم ترغب في أن يكون طفلها صادقاً لا يغش، ولا يكذب، ولا يتصرف على نحو باعث على الازدراء، أو أن يخفي الحقيقة، أو يسرق. بعض الأُمّهات يعتقدن أن من طبيعة الطفل الكذب وأن من واجبهنّ محاربته قبل أن يتمكّن من الطفل. في الواقع، الأُم هي مَن يضع الطفل، في كثير من الأحيان، في موقف يُجبره على الكذب.

إنّ الخطا الكبير الذي يرتكبه العديد من الأُمّهات، هو إسراعهنّ إلى توجيه التهم إلى الطفل بنبرة غاضبة وبالتهديد، إذا ما ارتكب خطأ ما. من المؤكد أن يخاف الطفل من قول الحقيقة إذا كانت الأُم قاسية وتميل إلى العقاب. أما إذا كانت تتعامل مع طفلها بهدوء وبلا تهديد، فلن يخاف الطفل ويلجأ إلى الكذب. لذا، عليها ان تكون حازمة بالنسبة إلى قول الحقيقة، ولطيفة في تعامُلها مع طفلها.

 

مراحل تطور الكذب عند الأطفال:

من الولادة إلى سن الثالثة: حتى سن الثالثة، يكون العالم غامضاً ومُربِكاً بالنسبة إلى الطفل الذي يعتمد كليةّ على البالغين ليبقى حياً. وفي الأغلب، تكون ردوده التي تبدو بمثابة "أكاذيب"، مجرد أخطاء بريئة أو جهود يبذلها الطفل لحماية نفسه أو لإرضاء الأُم. في هذه السن، يستقي الطفل ردوده من نبرة الصوت. مثلاً، إذا سألت الأُم طفلها بغضب "هل كسرت المزهريّة؟"، من المحتمل أن يرد وبخوف قائلاً: أبداً.. أبداً. لست أنا مَن كسرها". في حين لو سألته السؤال نفسه بهدوء، يمكن أن يرد بهدوء قائلاً: "أنا؟!.. بالطبع لست أنا مَن كسرها". لا يحب الطفل أن يواجه مشاكل مع البالغين الذين يعتمد عليهم في الحياة. فالنبرة الغاضبة في السؤال تُخيفه. في حين أن جُلّ ما يبتغيه في هذه المرحلة العمرية هو العيش بسلام وهدوء.

ما بين سن الخامسة والعاشرة: في هذه المرحلة العمرية يطور الطفل تدريجياً مفهوم الكذب. فإذا نشأ في منزل، ومُحيط، ومدرسة، حيث القوانين واضحة بشأن أهمية قول الحقيقة، لابدّ من أن يبذل قصارى جهده للامتثال للقوانين. فالطفل يرغب في أن يبدو "كبيراً"، وأن ينال رضا البالغين، وفي أن يكون إلى جانب الحقيقة والعدالة.

فوق سن العاشرة: يُدرك الطفل جيداً في هذا العمر، إن كان يبالغ في قول الحقيقة أو كان يكذب فعلاً. ويعتمد في محاولته إقناع الأم إن كان صادقاً أو كاذباً في ما يقول، على مدى تطوّره في فهم الكذب.

 

نصائح للمُساعدة:

كيف تساعدين طفلك على تَعلُّم أن يكون صادقاً؟ إنّ قول الحقيقة يتطلّب الكثير من الشجاعة من أي شخص كان، وبغض النظر عن عمره. ولا يتحقق الأمر دائماً بشكل طبيعي. لذلك، من مسؤولية الاُم تعليم الطفل أن يكون شجاعاً بما فيه الكفاية ليتمكن من قول الحقيقة. ومثل أي خاصية أخرى، تحب الأم أن يمتلكها الطفل. يتوقف أمر امتلاك هذه المهارة، إلى حد كبير، عليها أيضاً. وحتى تتجنب كذب الطفل، يمكنها الاستعانة ببعض النصائح التي قد تساعد على تَعلُّم الطفل الصدق، ومنها.

1- مكافأة الطفل عند قول الحقيقة: في الأغلب، تسارع الأم إلى تأنيب الطفل عندما يُخطئ. وفي بعض الأحيان، لا تسارع دائماً إلى الثناء عليه بالحماسة نفسها، عندما يكون سلوكه جيداً. على الأم أن تكافئ طفلها عند قول الحقيقة بكثير من المديح والعناق، لأن ذلك يساعده على بناء ثقته بنفسه ويعزز من تصرفاته الإيجابية.

2- الحديث إلى الطفل عن الحقيقة مقابل الكذب: من المهم أن تُبيّن الأُم لطفلها، مهما كان عمره، أنّ الصدق عكس الكذب تماماً. ففي الأغلب، يحتاج الطفل الصغير إلى مساعدة ليفهم ما يعنيه قول الحقيقة. على الأُم أن تكون متأكدة من أن طفلها يعي هذا المعنى تماماً. هناك مهارة أخرى يجب أن تبحثها الأُم مع الطفل نظراً إلى أهميتها، وهي أن تُبيّن له الفرق بين الحقيقة والحقيقة المؤلمة. مثلاً، يحتاج الطفل إلى أن يتعلم أنّه من غير الضروري القول لصديقه: "إنّ قميصك بشع" لمجرد أنها الحقيقة، لأنّه بالتأكيد سيتسبب في جرح شعوره. على الأُم تعليم طفلها على أن يوازن بين قول الحقيقة واحترام مشاعر الغير. إنها مهارة اجتماعية مُهمّة ومُعقّدة، يجب تعليمها للطفل مع تعليمه قول الحقيقة.

3- معرفة سبب كذب الطفل: هناك أسباب ثلاثة رئيسية وراء كذب الطفل: الخيال الجامح، أو المُفاخَرة، أو تجنُّب الآثار السلبية. فإذا استطاعت الأُم معرفة السبب المحتمل لكذب طفلها، يصبح من السهل عليها رسم خطة للتغلب على السبب. في الأغلب، تكون أكاذيب الطفل في سن ما قبل المدرسة، خيالية. مثلاً، يمكن أن يقول الطفل "ذهبت اليوم إلى مدينة الألعاب". على الأُم أن تَتبيَّن إن كان ما يقوله حقيقة أو شيئاً يرغب في تحقيقه. فهذا يساعد الطفل على فهم الفرق بين الواقع والادعاء.

إذا كان الطفل يكذب من باب التفاخُر، قد يكون السبب تدنّي نسبة تقديره لذاته أو رغبته في الحصول على الاهتمام. في هذه الحالة، قد يستفيد من تعلُّم مهارات اجتماعية جديدة أو المشاركة في أنشطة إيجابية لتعزيز احترامه لذاته. أما إذا كان السبب هو تجنُّب الآثار السلبية، فكل الأطفال يكذبون للهروب من مشكلة أحياناً. ولكن، من المهم ألا تسمح الأم بتمرير الكذبة. بل عليها أن توضح لطفلها أنها ستعمل على التأكد من كلامه حتى لو كان يقول الحقيقة، إذا لم يكف عن الكذب.

4- توجيه إنذار للطفل: قد يكون من المفيد أن توجه الأُم إنذاراً، ولو واحداً، إلى الطفل في حال كانت متأكدة من كذبه. على سبيل المثال، أن تقول له "سأعطيك فرصة أخرى لتُطلعني على حقيقة ما جرى. فإذا اكتشفت أنك لم تقل الحقيقة، سوف تنال عقاباً مضاعفاً".

5- على الأُم أن تكون المثال الجيد في قول الحقيقة: على الأُم ألا تتوقع أن يكون طفلها صادقاً إذا لم تكن هي نفسها صادقة معه في ردودها حتى على أسئلته المحرجة. عليها أن ترد باختصار وبما يتناسب مع سن الطفل، ولكن إذا كذبت عليه هرباً من الحرج، فلا يمكنها أن تتوقع أن يكن صادقاً معها عندما يكون الأمر صعباً عليه. من المؤكد أنّ للوالدين والأطفال أيضاً الحق في حياة خاصة. لذا، على الأُم أن تكون حذرة في رسم الحدود عندما يتعلق الأمر بالحديث عن التفاصيل الحميمية الشخصية جدّاً. من واجب الأُم توفير بيئة منفتحة، حيث لا تكون هناك أسرار، ويشعر كلّ فرد بالراحة لكونه صادقاً.

6- التركيز على الصدق لا على العقوبة: يجب أن تؤكد الأُم لطفلها أن اهتمامها الأكبر يَنْصَبُّ على قول الصدق أكثر من العقاب على الكذب. بالطبع، في إمكانها فرض عقوبات عليه في حال كذب، ولكن يجب أن تُبيّن له، في الوقت نفسه، أن في إمكانه تحقيق فائدة من قول الصدق. فإذا لم تمنح الأُم طفلها الفرصة للاعتراف بالحقيقة بشجاعة، وسارعت إلى معاقبته، فإنّه سيتردد في قول الحقيقة في المرات المقبلة.

إنّ الطفل مستعد لقول الحقيقة إذا كان لا يخاف من الأُم، وإذا كان واثقاً بأنها سوف تتعاطف معه لا أن تَسْخَر منه، أو تنتقده بقسوة أو تُعامله بعنف. فإذا كان لابدّ من تأديب الطفل بعد الاعتراف بالحقيقة بشجاعة، على الأُم أن تفعل ذلك باحترام ولطف، وأن تدعه يُدرك أنها تُقدّر شجاعته وأمانته في قول الحقيقة.

7- التوقف عن طرح أسئلة تستدعي الكذب: أحياناً، وعلى الرغم من معرفة الأُم الإجابة مسبقاً، تطرح على طفلها أسئلة تدعوه إلى الكذب. على الأُم أن تكون حذرة في طرح السؤال على الطفل إذا كانت متأكدة من أنّه لم يَقُل الحقيقة. على سبيل المثال، بدلاً من أن تسأله: "هل قمت بتنظيف غرفتك؟"، يمكنها القول: "لاحظت أنك لم تُنظّف غرفتك. هل ترغب في أن نعمل معاً لتنظيفها؟".

8- التركيز على إيجاد حلول للمشاكل بدلاً من إلقاء اللوم على الطفل: مثلاً، بدلاً من سؤال الطفل: "هل أدّيت واجبك المدرسي؟"، يمكن سؤاله: "ما الذي يمكن فعله لجعلك تؤدي واجبك المدرسي".

9- على الأُم أن تكون صادقة: يجب أن تكون الأُم صادقة وأمينة مع طفلها. على سبيل المثال، يمكنها القول: "أعرف أنك لا تقول الحقيقة. عموماً، معظمنا لا يقول الحقيقة عندما يشعر بأنّه مُحاصَر، أو خائف، أو مُهدَّد. لذا، دعنا نتوقف عن الجدل الآن وسوف نعود إلى مناقشة الأمر عندما تكون راغباً في إطلاعي على حقيقة الأمر".

10- على الأن أن تُفصح لطفلها دائماً عن حُبها له: يجب أن تحرص الأم على أن يعرف طفلها أن حبها له غير مشروط. فالعديد من الأطفال يكذبون، لأنهم يخشون أن تسبّب الحقيقة خيبة أمل للأُم. عليها أن تُبيّن للطفل أنها تحترمه وتُقدره بالقول له: "شكراً لقولك الحقيقة. أعرف أنّ الأمر كان صعباً عليك. أعجبتني الطريقة التي عبّرت بها عن رغبتك في تحمُّل العواقب، وأنا متأكدة أنك تستطيع التعامُل معها والتعلُّم منها".

11- التوقف عن فرض السيطرة على الطفل: في الأغلب، يكذب الطفل حتى يتمكن من اكتشاف هويته وفعل ما يرغب في فعله. وفي الوقت نفسه، يحاول إرضاء الأم بجعلها تعتقد أنّه يفعل ما يفترض فعله.

12- عدم التركيز على الأخطاء: على الأُم أن تتجنب التركيز على أخطاء الطفل، لأنها بذلك تدفعه إلى الكذب. وحتى تشجعه على الصدق، عليها أن تجعله يعتقد أنّ الأخطاء فُرص يتعلم منها، وبذلك تساعده على الإيمان بأنّه إنسان جيِّد، وليس هناك من حاجة إلى الكذب لتغطية الأخطاء.

ارسال التعليق

Top