يعرّف الإبداع على أنّه القدرة على الإتيان بأمر جديد في أي مجال من مجالات العلوم أو الفنون أو الحياة بصفة عامّة، كما يمكن وصف طرق التعامل مع الأمور المألوفة بطرق غير مألوفة على أنّها إبداع، ويدخل في نطاق ذلك دمج الأفكار والطرق القديمة بعد تمريرها على المخيلة للخروج بنتيجة جديدة، ويكون الإبداع في الغالب فردياً، وهو المرتبط بالفنون أو الابتكارات العلمية، إلّا أنّه يمكن إخراج عمل إبداعي بواسطة المشاركة الجماعية لعدة أشخاص. كما إنّ الإبداع من أبرز المزايا العقلية التي فضّل بها الله سبحانه وتعالى الإنسان على غيره من المخلوقات، وقد ساعدت تلك الميزة البشرية على التطوّر منذ أقدم العصور عن طريق حل المشكلات، وإيجاد الطرق لسد الاحتياجات الأساسية وتوفير إمكانيات الرفاهية، وقد حدد العلماء عدة مستويات للإبداع، منها الفردي الذي يعتمد على الخصائص الفطرية للإنسان كالذكاء بأنواعه والمواهب المختلفة، والإبداع الجماعي القائم على التعاون بين عدة أفراد لتطبيق الأفكار على أرض الواقع وتغيير الأشياء إلى الأفضل، وغيرها من أنواع الإبداع المرتبطة بطريقة حياة الإنسان الحديث. يمر الإبداع بعدة مراحل أساسية تتطلب وجود شخص مبدع في البداية، مع امتلاك هذا الشخص لموقف إبداعي خاص به يستطيع أن يمارس من خلاله العملية الإبداعية، والمرحلة الأولى هي الإعداد عن طريق جمع المعلومات إمّا إرداياً عن طريق التعلّم، وإمّا لا إرادياً بالخبرة والملاحظة، ثم مرحلة الكمون، وهي المرحلة التي تختمر فيها الأفكار في الذهن وتمتزج فيما بينها، لتخرج بعد ذلك في صورة الفكرة الإبداعية التي لا تسمى كذلك إلّا بالتنفيذ إمّا عملياً وإمّا بعرضها على الأفراد الآخرين في المجتمع. ولكي يخرج الإبداع أصيلاً، فيجب أن تكون هناك الطلاقة في التفكير والتصوّر واللغة والتعبير، وذلك لتوسيع دائرة الاحتمالات التي يفكر المرء ضمنها، وكذلك المرونة وهي (القدرة على تغيير الحالة الذهنية بتغير الموقف والعوامل المحيطة) بحيث تخرج من العقل أكبر كمية من الأفكار المتنوّعة والمتناسبة مع المواقف المختلفة، ثم الأصالة، وهي أساس الإبداع بما أنّه لا يزيد عن أفكار وأفعال جديدة في المواقف المختلفة، وأخيراً الحساسية للمشكلات والقدرة على ملاحظة وإدراك التفاصيل، فالمبدع قادر على إيجاد مواطن الضعف في أغلب المظاهر المحيطة به، من خلال النفاذ إلى تفاصيلها الدقيقة. لطالما عرف الإبداع على أنّه القائد الذي يقود الأُمم نحو التقدم والتطور، فهذا المصطلح لا يدل إلّا على التفكير الإيجابي الغني بالأفكار الجديدة والتي تحل العديد من المشاكل. حيث إنّ التفكير بطرق إبداعية يساعد في حل الكثير من المشكلات، بل ويكون سبباً في عدم الوقوع فيها وتفاديها فالاعتماد على التفكير المنطقي الاعتيادي في مواجهة المشكلات والصراعات لن يصل بنا إلى حلول أكثر فاعلية فكان اللجوء إلى التفكير الإبداعي هو الحل الأمثل حيث أنّه يفتح لنا نطاق أوسع في النظر للمشكلات. وقد بات اليوم هو الثروة الحقيقة للدول والشركات التي تسعى للنهوض بذاتها فمقدار تقدمها مرتبطاً إرتباطاً وثيقاً بمقدورها على إضفاء الإبداع في حياتها وحل مشكلاتها. فكلّ ما نراه اليوم من أدوات وسائل وخدمات، وتقدم كبير في جميع المجالات ما هو إلّا نتاج الفكر الإبداعي. وختاماً، الأحلام... الإبداع… الابتكار… تلك الكلمات هي مرادفات للتميز والنجاح لأي رائد عمل يريد أن يترك بصمة مميزة. إنّها الخطوة الأولى وحجر الأساس لأي عمل مميز وناجح، أن يكون لك حلم يرسم هدفاً يجعلك تتغلب على كلّ العقبات التي قد تواجهها حتى تحول هذا الحلم لحقيقة واقعة. والحلم يولد لدى الإنسان قوة جبارة للإبداع في تحقيقه وشجاعة كبيرة لملاحقة هذا الحلم مهما طال الوقت لتحقيقه. ولكي تكون مبتكراً مبدع عليك أن تطلق العنان لخيالك وتحلق معه بعيداً عن قيود المتعارف عليه والتقليدي. عليك أن تستخدم خطة مرنة ومبتكرة تعمل كبوصلة لك لتربط بها بين الخيال والواقع فيما حولك. تلك الخطة هي مفتاحك لتحويل ما تحلم به إلى واقع ملموس وتحقق بها نجاحك المنشود.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق