• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإنسان وضغوط الخارج

الإنسان وضغوط الخارج

◄البحث في الوجود الإنساني أصبح مسألة مهمة في وقتنا الحاضر، لأسباب عديدة أهمها طغيان الآلة وتحجيم الإنسان ودخوله في متاهات الحياة المتسارعة، وبذلك فقدنا قيمة الإحساس الجميل في الحياة، وهذه ضريبة الحضارة التي لابدّ من البحث عن كيفية التعامل معها لأن إيقاف عجلتها غير ممكن بل محال أن نقوم بذلك.

وفي هذا السياق نذكر أنّ هناك إتجاهات سيكولوجية ترى أنّ الإنسان يعيش حالة صراع بين ما يحمله في نفسه من رغبات وأفكار وغرائز وبين الواقع الذي يحد منها بالطبع أو يوجهها وفق معطياته الخاصة به من خلال الدين والقيم والأخلاق، وهنا يحدث إما الهروب من المواجهة وإما محاولة للتوافق بين الداخل والخارج.

وإذا كان هذا الصراع تقليدياً في علم النفس أي الصراع بين ما يحمله الإنسان في نفسه وبين ما يعيشه، نجد الصورة أكثر خطورة وتمزقاً من ذي قبل في واقعنا الحياتي الحالي، والحديث هنا عن الإنسان بشكل مطلق وليس في مكان محدد، حيث نرى صراعاً كبيراً بين مكونات الواقع الحياتي ذاته، لأن هناك متناقضات كبيرة يعيشها الإنسان يومياً، على سبيل المثال هناك حديث عن حقوق الإنسان وبشكل متزايد وتصدر بسببه ومن أجله القوانين والنظم ومع ذلك نجد انتهاكات صارخة في أكثر من مكان، كذلك هناك مطالبات بالديمقراطية وأنظمة عالمية تحمل هم الديمقراطية وفي ممارستها بعيدة كلّ البعد عنها، ونجد أيضاً شكوى من الغلاء في الأسعار وضعف الرواتب وفي الوقت ذاته نجد نمطاً استهلاكياً كبيراً يكاد يميز نشاطنا الحياتي اليومي.

هذا التصارع والتضارب في واقع الإنسان كان له الأثر السلبي في حياته، فلم تعد هناك مصداقية وثقة، مما أوجد أفكاراً تتمحور حول المصلحة والمنفعة وعيش اللحظة في أوانها، وعدم الوثوق بما هو آت بسبب الصراع والإحباط الذي تولد نتيجة هذا الاضطراب والاختلاف بين ما نسمعه أو نقوله وبين صورة الواقع الحقيقي.►

 

    المصدر: كتاب العيش في الحقيقة (مقالات في الفكر والثقافة)

ارسال التعليق

Top