• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

فضيلة الاستقامة وثمرتها

فضيلة الاستقامة وثمرتها

◄تصدير الموضوع:

قال تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (هود/ 112).

يعتبر مبدأ الاستقامة من أهمّ المبادئ المحوريّة في الشخصيّة الإيمانية التي يتمحور حولها الكثير من الصفات والفضائل ومكارم الأخلاق، وبفقدانها يفقد المؤمن أهم ركائز الإيمان وأركانه، ويكفي في ذلك قول رسول الله (ص): "شيبّتني آية في سورة هود"، حين أمره الله بالاستقامة واستقامة مَن معه فقال تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ) (هود/ 112)، وقال: (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ...) (الشورى/ 15)، بل قد أمر الله تعالى بها أيضاً أنبياءه، فقال في حقّ موسى وأخيه (ع): (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا) (يونس/ 89)، وعدّ الجنوح في سلوكهم عن هذا المبدأ ظلماً وطغياناً.

 

فضيلة الاستقامة:

عن الإمام عليّ (ع): "لا مسلك أسلم من الاستقامة، لا سبيل أشرف من الاستقامة".

وعنه (ع): "اعلموا أنّ الله تبارك وتعالى يبغض من عباده المتلوّن، فلا تزولوا عن الحقّ، وولاية أهل الحقّ، فإنّ من استبدل بنا هلك".

والمتلوّن هو العبد الذي لا يتّخذ موقفاً مبدئيّاً من الأحداث والوقائع، بل يتلوّن وفق المصلحة والطمع ومنفعته الخاصّة، ويساير على حساب الرسالة والقيم والمبادئ.

عن عليّ (ع) في شرح قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ...) (فصّلت/ 30)، وقد قلتم: "ربّنا الله فاستقيموا على كتابه، وعلى منهاج أمره، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته، ثمّ لا تمرقوا منها، ولا تبتدعوا فيها، ولا تخالفوا عنها".

وكأنّ الاستقامة تستلزم ثلاثة أمور وهي: عدم الانحراف عنها، وعدم إلصاق أمور بالشريعة وهي ليست منها، وعدم المخالفة فيما أمر الله تعالى ونهى عنه.

وعنه (ع): "كيف يستقيم من لم يستقم دينه"؟!

عن رسول الله (ص): "لو صلّيتم حتى تكونوا كالحنايا وصمتم حتى تكونوا كالأوتار ثمّ كان الاثنان أحبّ إليكم من الواحد لم تبلغوا الاستقامة".

 

ثمرة الاستقامة:

والحديث عن الاستقامة حديثٌ عن ملكة تلازم أفعال أهل الإيمان، وعن مقامٍ روحيّ لا ينحدر عنه مهما قست العروض والتحدّيات، فهي ليست فعلاً عابراً أو موقفاً في حادثة أو لحظة تجلٍّ وتجرّد مع الله، بل هي استقامة دائمة بدوام الحياة واستمرار العمل والمواجهة مع أئمّة الكفر والضلال، ومن هنا فإنّ قيمة رسول الله (ص) وأئمّة الهدى تكمن في ثباتهم على هذا المبدأ وعدم تزلزلهم أو ضعفهم أو صدور ما ينافي الاستقامة في كافّة أعمالهم ومواقفهم وسلوكيّاتهم، رغم أنواع الابتلاءات والمحن والعذابات التي تعرّضوا لها، وما زال أتباعهم يتعرّضون لها اليوم على مساحة العالم كلّه.

1-  وفرة الخيرات: بمعنى توفّر النعم المادية لعموم الخلق، قال تعالى: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) (الجن/ 16).

2-  الأمان يوم القيامة: قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (الأحقاف/ 13). والتعبير بعدم الخوف والحزن من أهم بركات يوم الفزع الأكبر.

3-  البشرى بالجنّة: وهذا منتهى الفوز بالوعد الإلهي للذين آمنوا واستقاموا، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصّلت/ 30).

وعن الإمام عليّ (ع): "مَن استقام فإلى الجنّة، ومَن زلَّ فإلى النّار".

4-  الفلاح: وهو نفس معنى البشرى بالجنّة، فعن رسول الله (ص): "إن تستقيموا تفلحوا".

5-  السلامة: أي أنّ الاستقامة ملاذ المؤمن من التعثّر والوقوع في الأخطاء، فعن الإمام عليّ (ع): "من لزم الاستقامة لزمته السلامة".

6-  الكرامة في الدنيا والآخرة: عن الإمام عليّ (ع): "عليك بمنهج الاستقامة فإنّه يكسبك الكرامة ويكفيك الملامة".

7-  السعادة: عن الإمام عليّ (ع): "أفضل السعادة استقامة الدين".►

ارسال التعليق

Top