◄لابدّ من الإقرار بأنّ الإبداع، علمياً كان أم فنياً، يستدعي قدرة مميزة على الخلق الخيالي، وإكتنازاً قوياً للفكر الأصيل، وتصميماً عظيماً على الإنجاز، مما ينتج إكتشافاً وإبتكاراً.
ولم يوجد الإبداع في زمن دون زمن، بل صاحب المجتمعات البشرية عبر العصور والمصور. وهو، من الزاوية الاجتماعية، يعد شرطاً من شروط البقاء الاجتماعي، وشروط التقدم والازدهار. وهو، من زاوية أخرى، ثمرة من ثمار العبقرية التي بها يغير العباقرة من طرائقنا في فهم الأشياء وتناولها. وقد قال (م. بروست) في هذا الصدد: "إنّ عبقرية الفنان تشبه درجات الحرارة شديدة الارتفاع التي لها قدرة على تفكيك تجمعات الذرات، ثمّ تجميعها مرة أخرى في ترتيب مختلف كلية ومطابق لنمط آخر" (العبقرية، عالم المعرفة، العدد 208 ص286)
وللتفكير المبدع سمات لابدّ أن نشير إليها هاهنا، وأهمها الحساسية المرهفة لما تنطوي عليه مواقف الحياة المختلفة من ثغرات ومشكلات، والمرونة التي تجعل المبدع قادراً على تغيير زاوية النظر إلى الموضوع، والأصالة في الفهم والتفكير والتحليل، والقدرة على توليد الأفكار بغية الوصول إلى تركيب جديد مفارق يقر الناس العارفون والثقات بأصالته وسمته الإبداعية. ومن هنا فإنّ التفكير" الافتراقي "هو تفكير مبدع في جوهره. (انظر الكسندرو روشكا: الإبداع العام والخاص، عالم المعرفة، العدد 144 ص17) و(الإبداع – نصوص مختارة، نشرب. ي فرنون، ص152 فما بعدها).
إنّ الإبداع في حقيقته هو رفض ونقد وتجاوز وإستباق، ومن خلاله يتم خلق عالم معرفي أو وجداني أو فني... وهذا يعني أنّ للإبداع وجوهاً. ويهمنا في بحثنا هذا أن نتلبث عند الإبداع الوجداني، أو لنقل عند الإبداع الأدبي خاصة، دون أن نغفل عن الإشارة إلى أشكال أخرى من الإبداع، حين يقتضي السياق ذلك.
- شروط الإبداع:
ليس من سبيل إلى الإبداع إلا في بيئات أسرية وإجتماعية وسياسية وعلمية تتيح للمرء الرفض والنقد والتجاوز والإستباق. وهذا يعني توافر حد أدنى من الحرية والديمقراطية والثقافة والتراكم المعرفي، إضافة إلى الموهبة الفردية التي أشرنا إليها من قبل، حتى ليمكننا الزعم أن إفتقاد هذه الأشياء يعني افتقاد الإبداع في أي مجتمع من المجتمعات.
إنّ صلة المبدع بمجاله الإجتماعي عميقة الإرتباط بحياته وإبداعه، والمبدعون في سياقهم الاجتماعي يشبهون أجساماً شفافة تسبح في هذا المجال، والمجتمع بالنسبة إليهم كالغلاف الجوي بالنسبة إلى الكائنات الأخرى، فهو يحيط بهم، وتنفذ أنواره ورياحه في نفوسهم، فيحدث فيهم تغييرات، كما تحدث التغيرات في أنسجة الكائنات الأخرى.
بيد أن ما ينفذ من مجال الكائن الحي إلى داخله يفقد هويته الخارجية، ويستحيل إلى جزء لا يتجزأ من ذلك الكائن، تماماً كما يستحيل الأكسجين الداخل إلى الجسم، فيصبح جزءاً من كيمياء الدم، مثله مثل الضوء والماء والغذاء...
ولقد شاءت الأقدار أن يكون لبعض الأفراد المبدعين كيمياء خاصة تنتج ما لا تنتجه كيمياء الآخرين. ولكن هذا الإنتاج الأصيل المتفرد مشروط بشروط إجتماعية، لعل أهمها: التسامح الإجتماعي، أو تقبل الاختلاف. وقد عد (مصطفى سويف) ثلاثة شروط اجتماعية للإبداع هي: التسامح والمطاوعة والتنشيط – انظر (سويف: الشروط الإجتماعية للإبداع، مجلة فصول، القاهرة، مج11، ع1، ص ص 14-22). وقد رأى سويف أن مفهوم التسامح مستمد من مجال علم النفس الاجتماعي، وإذا تركنا هذا العلم إلى علم السياسة، إستحال هذا المفهوم إلى مصطلح سياسي قديم وحديث، هو: "الديموقراطية". وأشار سويف إلى ثلاثة أبعاد تتصل بعلاقة الإبداع بالمجتمع، وهي: 1- الحرية: وهي ما ينشده الناس حيثما كانوا، ليمارسوا خياراتهم التي يستطيعون الوصول إليها. 2- الكرامة الشخصية: وهي مطلب أساسي ليمارس الناس هواياتهم كما يعايشونها. 3- تأكيد الأمل: وهو مطلب يوفر للناس قدراً من الثقة أو اليقين من المجتمع الذي ينتمون إليه، ويحمل لهم درجة معقولة من الأمل بأن طموحاتهم سوف تتحقق. وقد اعتمد سويف في ما سبق على نتائج دراسة لأحد كبار علم النفس الاجتماعيين الأمريكيين حول البرنامج الأساسي الذي فطرت عليه سيكولوجية البشر.
ولقد ميز (س. ج. روجرز) بين الإبداع العام، والإبداع الرمزي، الذي يقع في صميم العملية الأدبية. وهو، في الوقت الذي جعل فيه الحرِّية النفسية شرطاً من شروط الإبداع رأى أن حرية التعبير السلوكي عن الأحاسيس والدوافع والرغبات، حرية مقيدة. أما التعبير الرمزي عن تلك الأشياء فيجب ألا يكون عليه قيد. والحق أننا حين ندمر شيئاً نكرهه، من خلال ما نرمز به إليه، نتحرر منه، أما إذا هاجمناه حقيقة وفعلاً وواقعاً، لنتحرر منه، فقد نقع في جريمة أو جنحة يحاسب عليها القانون. وشتان بين الأمرين. (انظر: الإبداع – نصوص مختارة، ص82). وإذا كان في مقدور النقاد والمبدعين أن يدافعوا بقوة وجدارة عن التحرر الأول، فليس بمقدورهم، بقوة، أن يدافعوا عن التحرر الثاني، إلا إذا كانت القوانين التي يعملون في نطاقها متخلفة ورجعية وظالمة وتحدّ من الإبداع الرمزي، الذي يعد ميزة الأدب الواسمة.
والحقيقة أنّ الإبداع الرمزي ذاته له خطورته، فهو قد يزعزع، أحياناً، من عادات المجتمع وتقاليده، ويتحدى أعرافه السائدة، لصالح تجديد يراه المبدع خيرا للمجتمع. ومن هنا تبدأ أزمة المبدعين مع بعض البنى السياسية والاجتماعية في أوطانهم. ففي الوقت الذي تحرص الهياكل السياسية والاجتماعية على إستقرار سياسة عامة ونظام معيّن وعرف معهود، يأتي الكتاب والأدباء فيرون في بعض ما سبق ثغرات ونقائص ومفارقات، فينتقدون، ويدعون، من خلال أدبهم، إلى الإصلاح والتغيير والانقلاب على المستتب، فتقع المواجهة مع حراس النظام القديم وسدنته. ومن هنا تنشأ مشكلة علاقة السلطة بالحرية، وعلاقة الإبداع بالحرية ويظهر الخلاف على الحدود التي يمنحها كل قطب من الأقطاب للعملية الإبداعية، أعني المجتمع بكل هياكله من جهة، والمبدعون بكل صنوفهم من جهة أخرى. وفي الوقت الذي تسعى السلطة وأعوانها إلى ترسيخ النظام الاجتماعي والسياسي، وتصدر التشريعات لهذا الغرض، محافظة على البنى العتيقة، لأنها مقوم من مقومات الاستقرار والثبات، نرى المبدعون من شعراء وروائيين ومسرحيين وغيرهم، يهفون إلى التغيير، فلا يكفون عن النقد والرفض والرؤى الجديدة، داعين إلى التصحيح والتجاوز والحيوية. ولهذا فإن تاريخ الإبداع الأدبي، في جانب هام منه، كان تاريخاً للمواجهة مع النظم القديمة، والأعراف البالية، والمسلمات الموروثة، وذلك لصالح ما يراه المبدعون من خلاص للروح الإنسانية، وخروجها إلى فسحة جديدة، وعالم آخر لم يكونا من قبل، أو كانا، ولكن على نحو مختلف لم يعد مقبولاً.
- الإبداع في نطاق المواجهة:
ولو حصرنا اهتمامنا هنا بالأدب المبدع فقط، لوجدنا أنّ الكاتب الأصيل لا يقبل من القيود إلا ما هو جوهري في بنية الفكر وبنية الفن، وما يفرضه على نفسه هو كي يتمكن من إيصال فكره وفنه للناس، وحتى هذه القيود لا يقبلها إلا وهو في صراع شديد معها ومع ذاته، معها لأنّه يريد منن خلال قيود لا يمكن الفكاك منها، أن يأتي بجديد، ومع نفسه لأنّه يرى خلاصه في سعيه لتحقيق حريته وحرية الناس من حوله. وهو يفعل ذلك كي لا تتحول روحه وروح الآخرين إلى سلعة تباع وتشرى. وربما فضل الكاتب الموت على أن يبلغ هذا المصير، الذي ربما تكون السلطة السياسية سببا فيه.
إنّ الدولة تخاف، أحياناً، حرية المبدعين. وهي تخافها لأنها قد تغري الناس بطلبها أيضاً، ولأنها ترى فيها تمرداً على ما ألزمت الناس به، ذات يوم، من حدود وقيود، ولذلك تنظر إلى الكتاب بعين الريبة والشك.
- المواجهة ما بين الإبداع والسلطة في مجتمعنا العربي:
ولم يكن مجتمعنا العربي، بمؤسساته المختلفة، بأفضل حالاً من المجتمعات الغربية في ماجهة الإبداع والمبدعين، بل ربما كان فيه الاستبداد أكثر، والقيود أضيق، والحصار أنكى. ولابدّ من الإشارة هنا إلى نوعين من الكتابة الأدبية، من حيث علاقتها بالسلطة، هما كما يقول (حسن حنفي): "الكتابة الأولى "كتابة بالقلم وكتابة بالدم، كتابة بالأسود وكتابة بالأحمر، على الورق، وكتابة في التاريخ تعطي لصاحبها الوظيفة والمنصب والجاه والمال والسلطان، والثانية تؤدي بصاحبها إلى السجن والتعذيب والاستشهاد. الأولى ترضي السلطان، كما هو الحال في فتاوى فقهاء السلطة، والثانية تدافع عن حقوق العامة ومصالح الناس، كما هو الحال لدى فقهاء الأُمّة...
- اللغة والإبداع:
ليست قيود المجتمع والسياسة هي الوحيدة التي تعوق الإبداع وتواجهه، بل إنّ الجهل باللغة وآدابها، والنصيب الضئيل من المعرفة العلمية والتاريخية أيضاً، عائقان من عوائق الإبداع الأصيل، فالفنان الجاهل بتاريخ أمته، لا يتكون لديه وعي بمصيرها، وكل مبدع يجهل قوانين المادة التي يستخدمها في إبداعه، لا يستطيع أن يسيطر عليها، وبالتالي لا يكسب حرية في استخدامها. ولهذا قال (هيغل): "الحرِّية هي معرفة الضرورة". ولهذا كان التحرر من قيد اللغة، وهي مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية، يتمثل بوعي المبدع لقوانينها وتقاليدها وطقوسها وأسرارها، بل بوعيه بشروط الجنس الأدبي الذي يتعاطاه، من بين أجناس الأدب المختلفة.
ومن قوانين اللغة أنها تعجز عن التعبير الدقيق والكامل عن حقيقة المشاعر الإنسانية، والعواطف البشرية المتباينة، وعلى الرغم من وفرة المفردات التي يعبر بها عن الحب مثلا. والشيء ذاته يصدق على مشاعر أخرى مختلفة... وقد شكا الشعراء من ذلك، فقال أميرهم في العصر الحديث (أحمد شوقي) يعتذر عن قصور قوافيه عن دقة وصف الخطب الذي حل بدمشق، حين قصفها الفرنسيون بالقنابل زمن الانتداب:
ومعذرة اليراعة والقوافي **** جلال الرزء عن وصف يدق
ومن المناسب هنا أن نتذكر أننا، ونحن نبدع الشعر ونكتب الأدب، نستخدم جهازاً معرفياً، هو اللغة، لم نبدعه نحن، ولم نخلقه نحن، بل ورثناه من الأسلاف قبلنا، ولم يبق لنا من حرِّية التصرف فيه سوى هامش غير كبير في الاستخدام، سواء كان الأمر يتصل بقوالب اللغة المستقرة، أن ببعض الصور المبتكرة على غير مثال سابق، ولهذا تشكى بعض الشعراء في الماضي من بلى اللغة، ومن تكرار المعاني فيها، فقال (عنترة العبسي):
هل غادر الشعراء من متردم **** أم هل عرفت الدار بعد توهم؟
بيد أنّ هذا لا يعني أن سلم الإبداع لا يستطاع الصعود فيه إلى فوق، فاجتراح الجيِّد الجديد ممكن في كل زمان ومكان، بل إنّ الشعراء العظام لقادرون على أن يأتوا بجديد، لم يخطر على بال الأسلاف والسابقين، ولكن شريطة أن يعوا قوانين اللغة، ويهضموا تراثها خير تمثل. ولقد عبر عن هذه الحقيقة الشاعر (أبو العلاء المعري) حين قال:
إني وإنْ كنت الأخير زمانه **** لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل
ولابدّ لذلك الوعي من أن يمتد إلى شروط الجنس الأدبي الذي يتعاطاه المبدع، شعراً كان أم قصة أم مسرحاً أم رواية أم غير ذلك، فالجنس الأدبي مؤسسة إجتماعية لها أعرافها وقواعدها ومعاييرها وقيمها وتاريخها، وبمقدار تزايد وعي المبدع بثراء هذه المؤسسة وضخامة تراثها، يكون صراعه معها. وإذا كان الإبداع هو التجاوز والخرق، فإن هذا التجاوز والخرق، لابدّ أن يكونا لصالح الجدة والخلق. وهما جدة وخلق ليسا بلا قيود أو معايير البتة، ولكنهما يتنزلان مع قيودهما ومعاييرهما في زمن واحد. وليس هذا مضاداً للحرِّية، فالأدب – كما يقول (فيليب هامون): "لا يكف عن إثبات أن مفهوم الحرية والقيد ليسا مفهومين متناقضين، ولكنهما متكاملان".
- وجهة نظر:
وبعد، فهل رسمنا صورة قاتمة وبائسة للإبداع في مجتمعنا العربي، وللإبداع في لغتنا، وهل يمكننا أن نستنتج أن شروط الإبداع قاهرة في محيطنا إلى الحد الذي يبعث اليأس ويبث التشاؤم ويثير القنوط؟ وهل صحيح ما ادعاه شاعرنا الكبير (نزار قباني) حين قال:
ماذا أقول من شعري ومن أدبي **** حوافر الخيل داست عندنا الأدبا
فحاصرتنا وآذتنا فلا قلم **** قال الحقيقة إلا اغتيل أو صلبا؟
والجواب: إنني لا أرى ذلك، خلا إستثناءات قليلة، ذكرنا بعضا منها على سبيل الاستشهاد والتمثيل، ولا شك أن أي تنكيل أو قمع أو إستبداد بالإبداع والمبدعين، مستنكر ومرفوض. والثابت أنّ القمع والتضييق والاستبداد أمور تولد تحدياً وإنتفاضاً.
صحيح أنّ القيادات السياسية والإجتماعية والدينية. وحراس التراث واللغة والأدب القديم، لهم ما يطيقونه، وما لا يطيقونه، من حدود القول والإبداع، أسلوباً وتوقيتاً ومكاناً وفحوى، ولهم أساليبهم في الإدناء والإقصاء، والترويج والحجب، والمكافأة والعقاب، ولكن الصحيح أيضاً هو أنّ المبدع الحقيقي يقدر أن ينفذ من خلل تلك السلاسل الظاهرة والمضمرة، وأن يجترح الجيِّد والجديد في إطار دفاتر الشروط المحوط بها، إذا ساغ لنا أن نستخدم العبارة السابقة المأخوذة من عالم المقاولات والعقود. وهي عبارة ليست غريبة عن المجال الذي ندور فيه، ذلك أن عقداً من نوع ما، يقوم ما بين الإبداع والبنى الاجتماعية والسياسية.
وإذا ما عدنا إلى السؤال الذي أثرناه في عنوان بحثنا هذا، ومآله: ما طبيعة العلاقة بين الإبداع وإتساع التسلط السياسي من جهة، وبين الإبداع وإتساع الحرِّية من جهة أخرى، أهي مثبطة أم محفزة؟ وجدناه سؤالاً إشكالياً، في حقيقته، فقد وقع إزدهار للأدب والشعر والفنون عامة في عهود إستبدادية كثيرة، كما وقع ضمور للآداب والفنون في عهود ديمقراطية كثيرة. ولعل هذا هو الذي حدا بالمفكر (شارل لالو) ليقول: "تعمل التفصيلات الناجمة عن التأثيرات السياسية على تحويل ظواهر النشاط الجمالي أكثر من تأثيرها فيها بالزيادة أو بالنقصان. ومن شأن فرط الحرية، كفرط التسلط، أن يحور هذه الظواهر وينحى بها شطر الخير حينا، وشطر الشر حينا آخر. ولذا كان من باب الوهم الغريب إقتراح التغيير السياسي على أنّه الدواء الجمالي لكل داء، على الرغم من أن ذلك قد اقترح بسذاجة أكثر من مرة". (انظر: لالو، الفن والحياة الاجتماعية، تعريب عادل العوا، ص212 - 213).
وإذا كان الدواء الجمالي لا يمثل في التغيير السياسي، فأين يكمن إذن؟ وجوابنا إنّه ماثل في ذات المبدع نفسه. ولقد جسد هذه الحقيقة الشاعر العربي المصري (محمد عفيفي مطر) الذي قال، وهو في سجنه الحقيقي، لا المجازي، مخاطباً نفسه أو أخاه المقهور في داخل السجن وخارجه:
فابتدئ موتا لحلمك، وابتدع حلماً لموتك
أيها الجسد الجسور
الخوف أقسى ما تخاف... ألم تقل؟
فابدأ مقام الكشوف للرهبوت
وانخل من رمادك، وانكشف عنك
اصطف الآفاق مما يبدع الرخ الجسور.
وبكلمة موجزة: فإذا كان قادة السياسة والمجتمع يتعاملون مع الوقائع والمعطيات والحقائق المحسوسة والمعقولة والملموسة، فإن أرباب الأدب والفن يتعاملون مع الأحلام البشرية، والرؤى الإنسانية، والحياة الوجدانية للناس، والمطلوب هو أن يدرس الأولون هذه الحقيقة، لأنهم إن تنكروا لها، تنكروا لأحلام المبدعين من شعوبهم. وما أتعس الناس الذين لا أحلام لهم، ولا إبداع لديهم، يعبر عن تلك الأحلام، فالحلم للموتى حياة، والحياة دون حلم هي الموت بعينه.►
*ناقد أدبي، وباحث في التراث العربي من سورية، من مؤلفاته: 1- الشعراء الجاهليون الأوائل 2- مرايا الرواية.
ارسال التعليق