• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كيف نجعل مرحلة الطفولة المتأخرة من أسعد المراحل؟

كيف نجعل مرحلة الطفولة المتأخرة من أسعد المراحل؟
الصلة ما بين الطفولة المبكرة والمتأخرة:

بدخول الطفل مرحلة المدرسة يتسع أفقه الاجتماعي ويؤدي ذلك إلى ظهور عدة عوامل جديدة مهمة تؤثِّر على نمو شخصيته.. ومفهومه لذاته.

فبعد أن كان مفهومه لذاته في الطفولة المبكرة انعكاساً لتقييم الآخرين له من خلال نظرة والديه وزملائه. وجيرانه في هذه المرحلة تغير ذلك فأصبح تقييمه لنفسه خاص لتقييمه هو.. فإذا كان تقييم الآخرين له في المرحلة السابقة سلبياً فإنّه سيقيم ذاته سلباً، أما إذا كان تقييم الآخرين له إيجابياً فإنّه سيقيم نفسه إيجابياً.. مع الأخذ في عين الاعتبار أنّه في كثير من الحالات يكون تصور الطفل عن الكيفية التي يقيمه بها الآخرين غير منسجم مع تقييمهم الحقيقي عنه.

لذلك علينا التنبه لهذه النقطة جيداً ومحاولة إيصال التقييم الحقيقي له.. في كلّ مرحلة من مراحل حياته، عبارة هذا طفلٌ ولا يفهم ما يقال له يجب أن تلغى من قواميسكم... يجب أن لا تُلفظ أمامه، يجب ألا نقول أمامه في حضور الغير عندما يخطأ لا تنزعجوا فهو طفل لا يفهم، يجب أن نحسسه بأنّه شخصية لها مكانتها تفهم وتعي الخطأ من الصواب؛ لأنّه بخلاف ذلك سيبقى السلوك الطفولي ملازماً له يستخدمه ما بقي في حياته؛ لأنّه المنجي له من كل عقاب، وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً.

وهذا لا يعني أن تكون خالية من الهموم بل الطفل عليه فيها أن يتحمل مسؤوليات عديدة في البيت والمدرسة والنجاح في كلّ هذا هو الذي يحقق له السعادة؛ لأنّه يرضى بذلك كلّ من يمثل له أهمية كبرى في حياته: (الآباء – المدرسون)، من البديهي أنّ الفشل في تحقيق هذا الأمر سيجعله يشعر بالتعاسة.

 

أوّلاً: دور الأهل في تحقيق ذلك:

1-  الاهتمام بصحة الطفل: علاج المرض فور حدوثه والذي قد يسبب له ضعف لمدة طويلة إذا أهمل علاجه.

-         علاج التشوهات التي يتعرض لها.

-         معالجة حب الشباب الذي يظهر في نهاية هذه المرحلة والذي يسبب له الكثير من الضيق.

-         تكييف الطفل مع الحالات المرضية المزمنة وتعريفه بقدراته التي يجب عليه ألا يتخطاها.

2-  مساعدته على تخطي حالات الضعف لديه (الضعف في مستوى التعليم):

-         الضعف الجسمي.

-         الضعف الفكري.

-         وعدم مطالبته بشيء يفوق مستوى إمكانياته.

3-  توفير الدفء والحنان الأسري:

-         حل المشاكل في جو من التفاهم مع التقليل منها ما أمكن حتى يشعر الطفل بالطمأنينة.

-         عدم التفريق بينه وبين أخوته ويعامل الجميع معاملة واحدة وأنّه لا يوجد مزايا يحصل عليها أحد دون الآخرين.

 

ثانياً: مشاكل وحلول تطبيقيّة:

1-  الأشياء التي تسبب الجوع العاطفي:

ذلك النقص الذي يحاول الشخص أن يسده بأي طريقة كانت حتى يحصل على الرضا الداخلي والسكينة بصورة واعية أو غير واعية.

2-  السلوكيات الغريبة التي يصدرها الطفل:

لا تروق للآباء، ويسيئون التعامل مع هذه السلوكيات، وهذا ما ينزل من قدر الوالدين، ويستشعر الأبناء هذا، فتقوى في نفوسهم ملكة العناد والتمرد، فينسحب الوالدان وتنكمش سلطتهما، فيبادر الأبناء بمحاولة كسب المعركة، وتنشأ روح التمرد.

3-  أسباب ضعف القدرة على التفهم.. أو كيف نعالج أخطاءنا التربوية؟؟

أوّلاً: أسباب والدية:

أي أسباب تعود إلى خلل في علاقة الوالدين بعضهما البعض.

1-  الخلاف بين الوالدين أمام الأبناء:

حيث ينشأ الأبناء في بيئة يتصارع فيها الوالدان؛ ولذلك يجب أن نحاول أن نسيطر على أعصابنا أمام أبنائنا، ونجعل النقاشات الحامية خلف الأبواب.

2-  الازدواجية التربوية:

تضارب قرارات الوالدين والكبار عموماً أمام الصغار؛ فالأُم تعطي قراراً، والأب يعطي قراراً، والابن لا يعرف أي قرار سينفذ؛ فهذه التضاربات قد تجعل للابن قوة وعدم الطاعة لكليهما.

ثانياً: أسباب والدية أبنائية:

أي أسباب تعود إلى خلل في علاقة الوالدين بالأبناء.

1-  كثرة الجدال:

فيكون الحوار مع الأبناء؛ بأسلوب المهاترات بين الأخذ والرد، وكثرت ترديد: أنا قلت لك كذا! ولماذا لم تفعل كذا؟ ولماذا تقول كذا؟ فهذه جميعها مهاترات لا تؤدي إلى نتيجة سليمة بتعاملنا مع أبنائنا؛ فلابدّ أن نكون حازمين، مع المرونة في السماح بالخطأ المقبول.

2-  الصوت المرتفع:

حيث يكون الحوار بنبرة الصوت المرتفعة، أو الصراخ بلا ضوابط، فإنّ أسلوب الصراخ بوجه الابن ومواجهته بكلّ شدة سيعطيه قوة وسنصبح نداً له كلما استعملنا معه هذه الطريقة وهذا الأسلوب الخاطئ.

3-  الغضب:

فيكون الموجه لرد أفعالنا؛ هو الغضب والانفعال، والتصرف بموجبه لا بموجب العدالة، ونكثر من ترديد: سأضربك! سأحرمك! سأقتلك!، وننساق وراء انفعالاتنا النفسية في لحظات الغضب لا بموجب التفكير السليم؛ ولذلك لابدّ أن نكون عادلين في عقابنا لأبنائنا ولا نجعل لحظة الغضب تؤدي بنا لإطلاق أحكام وعقوبات قاسية، غير منصفة بحقّ الأبناء.

4-  الاستعقاق التربوي:

بأن نستهدف ابناً محدداً بالنقد والتجريح، أو أن نستأثر أحدهم بكرمنا وعطفنا دون الآخرين.

فعلينا أن نعدل بين أبنائنا ونساوي بينهم، فلا نتخذ ابناً محدداً لننتقده.

5-  تساقط الزلات:

لا تحاسبوا أبناءكم على كلّ الأخطاء، سواء كانت كبيرة أم تافهة.

عدم قول: لا تفعل كذا.. قد يربك نضج شخصيته، دعوا أبناءكم يكتسبون خبراتهم الشخصية من الحياة؛ فيتعلموا من أخطائهم، وكونوا أصدقاء لهم.

ثالثاً: ما علاقة الطفولة المتأخرة بمستقبل الأبناء؟

هذه المرحلة فيها مميزات واستعدادات بالغة الأهمية لمستقبل الطفل:

1-  الحساسية الزائدة من الانتقادات الموجهة إليه حيث يكون لبعضها التأثير السلبي على نوعية نفسيته في المستقبل فالنقد السلبي العنيف قد يؤدي إلى انكماشه وانطوائه على نفسه.

2-  وضوح الإدراك والتفكير عند الطفل في هذه المرحلة أكثر من المرحلة السابقة حيث يحاول أن يتقمص شخصية المربي له ويتأثر بها وكذلك يتأثر بمن يحيطون به.

3-  نمو حس الذوق في نفسيته في اختيار الملبس المناسب للمكان الذي يذهب إليه أو يشير للمناظر الجميلة التي تعجبه أو يفصح عن الأكله التي تعجبه.

4-  حب التعلم حيث يميل إلى تقليد ما يراه أمام عينيه فيقلد الأب أو الأُم أو إخوانه وأخواته وهذه غريزة إيجابية للطفل مما ينبغي للأبوين استغلالها في زرع التعاليم السليمة لطفلهما وينبغي أخذ الحذر من ممارسة أي سلوك سلبي قد يكتسبه الطفل بالتقليد.

5-  بروز الاهتمام بالأعمال الفنية بجميع ألوانها ورسومها وكذلك يميل إلى حب سماع الأناشيد وترديدها وحفظها والأكثر من هذه هو ميله إلى الأشغال اليدوية المتنوعة والرياضة بأنواعها وحب السفر والخروج لمدن الألعاب والمنتزهات الترفيهية.

6-  الاهتمام باللعب اهتماماً كبيراً جدّاً إلى درجة قد ينعكس على الاهتمامات الأخرى حتى على الأكل والشرب ويبرز عليه حب الاهتمام بأصدقائه وأقاربه ويكثر في السؤال عنهم ويميز بين من يحبهم ومن يبغضهم، وكيفية الاهتمام بهذه المرحلة هي إعطاء الطفل الاهتمام والالتفات إليه ومتابعته متابعة دقيقة حتى تنمو عنده هذه المميزات ويستفيد منها في الكبر والدور في هذه المرحلة هو للأب والأُمّ والمدرسة والمعلِّم.

ارسال التعليق

Top