• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

هل أرحل أم أبقى؟

هل أرحل أم أبقى؟
◄ترجل من السيارة لسحب مبلغ من المال عندما رن جرس هاتف نقال كان يخفيه سراً في جيب سيارته.

كان الألم الذي شب مثل حريق مستعر في قلبها يحرق وجدانها ويعذبها بشراسة، لكنها لم تجرؤ على مصارحته بحقيقة اكتشافها بعد عودته، فلطالما سمعت عن نتائج المصارحة في مثل هذه المواقف، وسيناريو غضب الرجل واتهام المرأة بالشك فيه، ثمّ اضطرارها للقبول بخيانته قسراً بعد تحرره من السر بسهولة. لم يتمكن هو من معرفة سبب تبدلها المفاجئ بعد عودته إلى السيارة فعزا ذلك إلى إرهاق أو حالة نسائية تصيب كلّ امرأة، لكنه لم يتجاهل صمتها ونفورها منه في الأيام التالية، ولم يدرك بأنها كانت مشغولة بترصد علامات خيانته، إلى درجة نسيانها للكثير من مواعيدها بل واحراقها الطعام.

كانت مشغولة بمراقبته عن بعد، لا تكف عن التفكير بالسبب الذي دعاه إلى خيانتها، وعينها لا تغفل عن متابعة تحركاته واتصالاته، وأنشطته المتزايدة في وسائل التواصل الاجتماعي وتحليل كلّ كلمة وتفنيد كلّ عبارة منه.

كانت تفكر أحياناً في مواجهته ثمّ تركن إلى صمتها، فالخيار الأصعب بالنسبة لها من بين بقية الخيارات المتاحة، كانت تساؤلاتها التي لم تجد لأي منها حلاً أو إجابة شافية، هل أبقى أم أرحل؟ هل أعترف أم أصمت؟ هل أتركه أم أصبر عليه؟

تحولت فكرة الوحدة وما ستجره عليها من آلام نفسية إن تركها وتخلى عنها إلى أكبر مخاوفها وحاجز أمام مصارحتها له، بل ووصل بها الأمر ذات لحظة إلى ترجيح كفة الرضوخ لخيانته، وتعليق حياتها المتأججة مثل الجحيم على مسمار الوجع المغروس في قلبها بدلاً من الرحيل وفقدانه للأبد!

لم تفكر بأنها لا تستحق العذاب، وهو لا يستحق عناء تفكيرها وقلقها، لكنها لم تجرؤ على المبادرة بمصارحته، ولم تعد بالمقابل قادرة على منحه حبها الصادق أو إسعاده بدفء أو التعبير عن مشاعرها كما كانت تفعل في السابق.

وفاجأها ذات مساء بطلب الانفصال، فهو لم يعد يحبها ويستشعر بروداً في علاقتهما ما جعله يلوذ بأحضان امرأة أخرى سرقت قلبه وشغلت الفراغ الذي تسبب به جفاؤها، فتزوجها سراً ولم يعد يرغب بإخفاء السر أكثر!

كانت تتوقع أن يؤلمها طلب الانفصال، لكنها فوجئت بهبوب لطيف غير متوقع في روحها، فكأنما أطلقت سراح قلبها من براثن الخوف، وحررته من كلّ ما قيدها في رحى المعاناة والتفكير القاتل. نظرت إليه مبتسمة، تزفر تعبها وهي توافق على طلبه وتهنئه على زواجه الجديد.

الصدمة الكبرى أنّ ردها الهادئ وموافقتها السريعة على انفصال كان يتخيل وقعه مثل سكين تجز روحها قد ألجم لسانه، ورسم له سيناريو موافقتها السريعة بسبب رغبتها في الارتباط بزوج آخر سواه، فاستثارت الفكرة كبرياءه، ولم يكن أمامه سوى المطالبة بفرصة قد تعيد لهما حبهما، بدلاً من تدميره!

لكنها لم تعد تخاف، وها هي تمسك بفرصتها الوحيدة التي لطالما تمنتها!►

ارسال التعليق

Top