المتعارف عليه أنّ لكلِّ منزل أسلوبه وقواعده ونظامه الخاص في التربية والتعامل مع الآخرين، وحتى في كيفية تحصيل العلم وساعات الاستذكار بالمنزل، واليوم ومع فيروس الكورونا الذي ألزم الأطفال بالجلوس بالبيت، والمشاركة فيما يفعلون بعضهم مع بعض، كان علينا التعرُّف على مزيد من القواعد التي تساعد الأُمّ وأطفالها على قضاء اليوم في متعة واسترخاء وفائدة. في ضوء ذلك تحدَّثت خبيرة المناهج والتربية عن القواعد المنزلية المستجدة للأُسرة في ضوء ما يحدث الآن.
ماذا يحدث للطفل الآن؟
الحجر أو الحبس المنزلي طوال 24 ساعة يومياً يخنق تطوّر الطفل النفسي والعاطفي الطبيعي، بغض النظر عن عمره أو عدد الأطفال بالبيت، لذلك لابدّ من وضع قواعد منزلية واضحة جديدة تشعر الطفل بالأمان والسلامة الجسدية والعاطفية، مع تعزيز لصحّته النفسية، ويتم ذلك بكسر عادات الطفل الروتينية وتغيير أُخرى أكثر إيجابية بها.
والتغيير يشمل الأٌمّ أيضاً؛ فبعد أن كانت تكتفي بتوصيل الابن إلى الحضانة أو المدرسة، أصبحت تتابع مع طفلها الدروس المنزلية عبر الجهاز الإلكتروني، إضافة إلى مهامها الأساسية بالبيت من تنظيم وتنظيف وإعداد طعام، ومراعاة أنّ الطفل أو الأطفال بالمنزل في حال غير الحال، ممّا يعرّضهم للملل والزهق وانفلات الأعصاب إن لم يكن هناك ما يشغلهم.
قواعد المنزل
أُولى القواعد، تتمثَّل في خلق جوّ من التعايش المتسم بالهدوء والانسجام الأُسري، مع الحرص على تقديم تفسير هادئ للوضع وسبب ملازمة الأُسرة للمنزل أمام تدفق المعلومات والمعطيات عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، ولابدّ من شرح أنّنا نواجه فيروس يمثِّل خطراً على الصحّة، ومن ثمّ تقديم شرح مطول لما يتطلبه الأمر من عناية وحرص على النظافة والبُعد عن الازدحام.
ثانية القواعد، تتمثَّل في توفير الأمان والصحّة الجسدية بالجلوس على الأثاث، وليس فوقه أو القفز عليه، عدم فتح الباب لأي طارق قبل التأكد من هويته، مع الإكثار من استخدام الكلمات اللطيفة: من فضلك، شكراً، أحبك... فإن شعر الطفل بالأمان انطلق إلى اكتشاف مواهبه وما يحيط ببيئته.
ثالثة القواعد، تتمثَّل في التأكيد على غرس القيم والأخلاق داخل الطفل، كقول الحقيقة، الاعتذار عندما يكون حول أمر خاطئ ارتكبه أو قام به من دون قصد، على أن تكوني قدوة لكلِّ قاعدة تنطقين بها ليتعلَّم ويقتنع طفلك أكثر، الأطفال يراقبون أفعالك من دون أن تلاحظي.
رابعة القواعد، أن تتأكدي أنّ القواعد المنزلية الثابتة وأي تطوّر في العادات الصحّية لا تتغير تحت أي ضغط، ممّا يقلّل من الجدال والعقوبات الذي تسبّبه هذه المشاكل الصغيرة، هيا أضيفي عادات إيجابية جديدة ومفيدة؛ قومي بتنظيف أسنانك بعد الإفطار مثلاً، اطلبي من طفلك أن يضع الثياب المتسخة في سلة الغسيل
احرصي على وضع قواعد تعلِّم أطفالك
المهارات الاجتماعية مثل المشاركة في اللعب مع بقية الإخوة والأخوات دون شجار أو تسلط، أن يتناوب الطفل اللعبة مع أخيه دون غضب أو رغبة في تملكها وحده وإن كانت تخصه فعلياً، هيا: الحجر المنزلي فرصتك لوضع قواعد جديدة تحد من استخدام الموبايل، أو استخدام الأجهزة الإلكترونية.
وضع قاعدة تقول: لا للجوال على مائدة السفرة؛ حيث تتجمعون لتناول وجبة ما، لا للنوم بغرفتك ومعك الجوال أو أمام جهاز التلفزيون. قواعد يستطيعون بها مواجهة وتحمُّل المسؤولية عندما يشبون ويصبحون بالغين، وتعدّهم للتصرُّف بشكل أفضل بمجرّد مغادرتهم البيت، والانتقال لبيئة الدراسة أو العمل.
احرصي على قاعدة إعداد الوقت للأبناء بكلِّ السُّبُل لمتابعة دروسهم التعليمية عبر قنوات التلفاز، وتوفير قواعد ترفيهية جديدة لإبعاد شبح الملل؛ حدّدي الفضاءات داخل المنزل ليضم ركناً لمتابعة الدروس، وآخر للأنشطة التربوية لمحاكاة القاعة المدرسية، إضافة لتوفير ركن لأدوات الرسم والتلوين والقص واللصق.
مهام جديدة على طفلك
نعم اجعلي من فترة الحجر المنزلي حجة أو سبباً لوضع قاعدة جديدة مضمونها؛ تكليف ابنك ببعض المهام المنزلية والمشاركة في صنع الأطباق.
حفزي طفلك على المساعدة في جميع أنحاء المنزل؛ مسح الأرضيات، تنظيف الغبار، طي الغسيل، المساعدة في إعداد الطعام.
دور الأُسرة محوري في هذه الفترة لإعادة توزيع المهام داخل فضاء العيش معاً شجعيه على الحديث عما يشعر به، وتفادي تركه فريسة لتأويلاته الشخصية، للتخفيف من حدة الشعور بالخوف والخطر، وحفزيه على مطالعة القصص والموسوعات المصوّرة، ونمّي لديه روح الابتكار بالحرف اليدوية - الرسم، الصباغة، عجينة الصلصال.
مهام جديدة على الأُمّ
اليوم أصبحت المرأة أُمّاً ومعلِّمة ومديرة منزل وطاهية وعاملة تنظيف. والأهم أنّها مسؤولة الترفيه عن الأطفال ممّا ضاعف من التوترات، لهذا ينصحك الخبراء بأن تكوني مرنة، أن تتركي أولادك وحدهم لبعض الأوقات. ولا تترددي في تليين بعض القواعد، إذ لا يمكن اللجوء إلى الجدات أو الذهاب إلى المطعم لتخفيف الضغط، لكن احذري الاستسلام التام لطلباتهم الملحة بشأن الحصول على الأجهزة الإلكترونية التي تساعدهم على قضاء الوقت بشكل أسرع ممّا يخلق لديهم إدماناً.
ضعي قاعدة للخروج من البيت كلّ أسبوع وإن أمكن ساعة يومياً؛ في مكان مفتوح وليس مزدحماً، اتركيهم يركبون الدراجة أو يجرون في مسابقات، أو التزلج أو الرسم بالطباشير؛ لمجرد الحصول على بعض الهواء النقي، وصرف بعض الطاقة الزائدة، وللقراءة أيضاً قاعدة؛ اشتري لهم القصص بالنت، واقرئيها معهم، ويمكنهم سماعها بالصوت.
شاركيهم اللعب باللوجو والمكعبات والمتاهات والمغارات، وحل الألغاز وألعاب الطاولة، وأحجيات الصور المقطوعة. وهي لعبة رائعة لجميع الأعمار، اطلبي منهم إعداد ألبومات الصور، واخرجي صور العائلة الخاصّة مع شرح بسيط لبعض الطرائف والأحداث. ولا مانع من الرياضة ولو بوسائل بسيطة داخل المنزل.
اجعليها قاعدة
خصصي وقتاً في اليوم لمشاهدة الفيديوهات المسلية مع أطفالك، أو ابحثي معهم عن وصفة للطعام جديدة في كُتُب الطبخ أو النت، ابدعي معهم أنشطة بالورق والمواد وشاهدي معهم الرسوم المتحركة والبرامج الوثائقية، وكوني أنت المترجمة والدليل لهم، ولا مانع من التعرُّف على موسيقى بعض المقطوعات العربية أو العالمية المميزة.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق