• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أفضل طرق الاستذكار

أفضل طرق الاستذكار

◄كثيراً ما يقوم الطالب بالمذاكرة لعدة ساعات أو لعدة أيام ولكن هذا الجهد لا يثمر عن نتائج تذكر مما يؤدي بالطالب للسؤال عن الأسباب. وإذا كان كلّ هذا الجهد لا يؤدي إلى نتائج فما الجدوى إذن من المذاكرة؟!

وللإجابة عن مثل هذه التساؤلات يجب أن نرجع إلى المتخصصين في هذا المجال. وهم بالطبع علماء النفس لكي يوضحوا لنا هذه الأسباب. ولقد أوضح علماء النفس، في كتبهم السبب في ذلك بقول أحدهم:

"دلت الأبحاث والتجارب على أنّ سبب فشل كثير من الطلبة لا يرجع في الواقع إلى ضعف قدراتهم العقلية أو إلى نقص ذكائهم، وإنما يرجع إلى جهلهم بوسائل الاستذكار الصحيحة".

أي أنّ السبب يرجع إلى جهل الطلبة بوسائل الاستذكار الصحيحة بالدرجة الأولى، إذن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما هي أفضل طرق الاستذكار أو ما هي طرق الاستذكار الصحيحة؟

نستطيع أن نضع أساس للإجابة على هذا السؤال بأنّ أفضل طرق الاستذكار هي تلك التي يجب أن يقوم بها أي فرد قبل أن يقوم بعملية المذاكرة وقبل أن يضيع وقته مع العادات والطرق غير المجدية بالاستذكار والتي تعوق في غالب الأحيان الفهم المنظم.

ولمذاكرة الجيدة قواعد علمية تتلخص في الخطوات التالية:

أوّلاً: تقوية الرغبة والتصميم

ثانياً: تركيز الانتباه

ثالثاً: القراءة

رابعاً: فهم ما يقرأ

خامساً: الحفظ

سادساً: التسميع

سابعاً: المراجعة.

 

أوّلاً- الرغبة والتصميم:

إنّ الدوافع والتصميم التي تنشأ عن وجود حاجات غير مشبعة لدى الإنسان هي من الأمور التي لها شأن كبير في المساعدة على الدراسة المنتجة. فالإنسان لا يستطيع التعلم أو من غير المحتمل أن يتعلم من دون دوافع أو حاجة إلى التعلم. وكما قيل في المثل "الحاجة أم الاختراع" كذلك دلت التجارب على أنّ الحاجة والدوافع هي أساس التعلم. فالإنسان محاط بعدة دوافع تدفعه للعمل والانتاج. ومن هذه الدوافع هناك دوافع اجتماعية تؤثر على الإنسان وتدفعه للتعلم. ومنها الرغبة في المال، الترقي، النجاح، المناصب العليا، الشهرة، الطموح، الفخر، المنافسة. وكثيراً غيرها. والفرد تحت وطأة هذه الدوافع تنشأ لديه الرغبة والتصميم للتعلم.

فإنّ من أهم الخطوات التي يجب أن نركز عليها عندما نقوم بالتعلم هي أن نركز اهتمامنا على دوافعنا. ونقوم بتنشأتها لدينا أو نقوم بدفعها إلى الأمام. وتبعاً لذلك فإنّ هناك الكثير من الوسائل التي يستطيع أن يلجأ إليها الطالب كي يقوم بتقوية رغبته في التعلم وأن يزيد من تصميمه. ومنها على سبيل المثال:

·      أهمية الغايات:

تبرز أهمية الغايات أو المكافآت التي يسعى إليها طالب العلم من أنّها أحد المحفزات للعمل والمذاكرة. وقد ورد أنّ "التعلم لا يكون مثمراً إلّا إذا هدف إلى غرض معين" وكلّ شيء يعمل على إشباع دوافع الإنسان وإرضاء رغباته يعتبر مكافئة.

وقد تختلف المكافآت المرجوة من شخص إلى آخر فقد يكون مجرد النجاح في الدراسة هي المكافأة أو قد يكون بالحصول على تقدير معين. وأي كان نوع المكافأة فإنّ نيل المكافأة بحد ذاته يثبت التعلم ويشجع على تجدده واستمراره.

·      تذكير النفس:

تذكير النفس من وقت لآخر بأهمية المذاكرة والاستذكار حتى نستطيع تحقيق الآمال والطموح المرتقبة والأهداف المرجوة. وهي إلى جانب ذلك بادرة ربانية حيث يقول تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذاريات/ 55).

·      المنافسة:

ثبت علمياً من نتائج الأبحاث التي أجريت على أنّ المنافسة بين الطلاب تسببت في ارتفاع مستوى التقديرات التي يحصلون عليها.

وطرق المنافسة عديدة قد تكون المنافسة بين الطلاب بعضهم مع بعض، أو قد تكون بين الطالب ونفسه بأن يتحدى نفسه بأن ينجز استذكار بعض المواد في زمن معين أقل من الزمن الذي قضاه في استذكار مادة أخرى.

·      الدقة في التنفيذ:

الدقة في التنفيذ خصوصاً لأولئك الأشخاص المنظمين والدقيقين في أعمالهم وأوقاتهم. فالدقة في الدراسة في مواعيد أو أماكن معينة وعلى جدولة معينة تعين كثيراً في تقوية الرغبة والتصميم على الاستذكار. مصداقاً لقول الرسول (ص) "أنّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه".

·      الاستفادة:

وذلك عن طريق ملاحظة الطالب مدى الاستفادة فعلاً من دراسته، فهناك كثيراً من الموضوعات والمواد الدراسية تكون ذات اتصال كبير مع الواقع والحياة، فعندما يقارن الطالب بين ما يدرسه وما يستفيده في الحياة العملية سيجد أنّ الموضوعات والمواد الدراسية عامل أساسي ومهم في معرفة الواقع. مما يجدد الرغبة في الدراسة والاستذكار، كما أنّها إحدى الوسائل التي تعين الطالب على معرفة العيوب في طرق استذكاره مما يؤدي إلى تغير وتحسن طرق الاستذكار في المرات القادمة.

 

ثانياً- تركيز الانتباه:

كثيراً من الناس يشكون من عدم مقدرتهم على التركيز والانتباه. بل تعد هذه من أحد مشكلاتهم الأساسية التي تواجههم خلال المذاكرة، وهذه الشكوى كثيرة الشيوع بين الناس وخاصة الطلبة منهم. ولا شك أنّ المشاكل والأحداث اليومية سواء في حياتنا اليومية العائلية أو في المجتمع تساعد كثيراً على تشتت الذهن. ومع ذلك فإنّ التركيز والانتباه ما هي إلّا عادة يتعودها الإنسان (خصوصاً في مجال الاستذكار) تتساوى في ذلك مع العادات الإنسانية الأخرى. لذلك يحتاج الفرد منا إلى تدريب وتمرين مكثفين وممارسة على أسس علمية صحيحة لكي يستطيع أن يتقن عادة التركيز والانتباه وحصر الذهن.

ومنها على سبيل المثال:

·      تخصيص وقت معين للاستذكار:

يجب أن يحاول الطالب دائماً أن يخصص له وقت معين للاستذكار وأن يحرص على أن يعوِّد نفسه على ذلك باستمرار لأنّ وجود وقت معين يساعد كثيراً في تهيئة العقل والنفس كلما دخل ذلك الوقت مما يجعلك في استعداد تام للعمل والانتاج. كما لو أنّك تعوّدت الأكل في وقت معين أو النوم في وقت معين.

ولو قام الطالب بتحديد وقت معين للدراسة مثالاً على ذلك بعد صلاة الفجر فإنّه كلما دخل هذا الوقت شعر في نفسه برغبة في المذاكرة. وذلك من باب التعوّد والعادة ولذلك قيل: "أجمل الأوقات للحفظ: الأسحار، وللبحث: الابتكار، وللكتابة: النهار، وللمطالعة والمذاكرة: الليل".

إلّا أنّ هذا لا يمثل قاعدة عامة لجميع الناس بل هي تجارب شخصية مر بها من قبلنا، ولكلّ امرىء منا ظروفه وعاداته الخاصة.

·      تخصيص مكان معين للاستذكار:

ليحاول الطالب أن يخصص مكان معين للاستذكار، يكون مهيئاً بالعوامل المادية التي تساعد على تهيئة الجو الدراسي للاستذكار كلما دخلت ذلك المكان. وهذا شبيه بما يحدث من تعودك على الاسترخاء والنعاس كلما استلقيت على فراشك لذلك لا ينصح بأن يتم للاستذكار على السرير أو في غرفة النوم لأنّ ذلك يساعدك على الاسترخاء وهذا يتعارض مع عادة التركيز والانتباه.

وقد أورد الخطيب البغدادي شيئاً في هذا حين قال:

"أجود أماكن الحفظ الغرف وموضع بعيد عن الملهيات، وليس بمحمود الحفظ بحضرة النبات والخضرة والأنهار وقوارع الطريق..؟ وضجيج الأصوات لأنّها تمنع من خلوة القلب".

·      أبذل قليل من المجهود البدني:

أبذل قليل من المجهود البدني أو التوتر العضلي كالاعتدال في الجلسة أو انتصاب القامة، أو تشديد قبضة اليد سواء على قلم أو على الكتاب لأنّ ذلك يساعد كثيراً في حصر الذهن والتركيز. ومن الواجب ألا يكون المجهود أو التوتر العضلي المبذول كبيراً وإلّا ساعد على التشتت وعدم الانتباه.

·      تدرب على تركيز الانتباه في وسط الضجيج:

يجد كثيراً من الناس صعوبة في تركيز انتباههم في الأماكن التي تكون مزدحمة بالضجيج فهم بذلك لا يستطيعون التركيز والانتباه إلّا في الغرف المغلقة المنعزلة عن الضجيج. ومع أنّ الهدوء مفيد ويساعد كثيراً على التركيز. إلّا أنّ الفرد نادراً ما يستطيع أن يجد مكان مهيئاً وهادئاً وبعيد عن الضجيج. لذلك ينصح بالتدرب على تركيز الانتباه في وسط الضجيج حتى يستطيع الفرد التكيف مع جميع الظروف المحيطة به. وكذلك مما يساعد على أن تصرف انتباهك إلى ما يهمك وصرف حواسك عن ما لا يهمك.

·      التخلص من المشاكل النفسية:

يجد أناس صعوبة بالغة في التركيز بسبب ما يعتريهم من مشكلات نفسية تحد من قوة مجهوداتهم العقلية. والمشكلات النفسية تعتبر أكبر المعوقات التي تواجه الدارسين من الطلبة. لذلك ينصح أوّلاً بحل المشاكل النفسية قبل أن يقوم الطالب بالمذاكرة والاستذكار. فإذا لم يستطع الطالب أن يحل تلك المشكلات لوحده فعليه بالاستعانة بمن هو أكبر منك سناً كالوالدين أو أحد الأقارب، أو بالمتخصصين كالأطباء والنفسانيين إن كانت الحالة النفسية صعبة جدّاً.

 

ثالثاً- القراءة:

لقد حثّ الله تعالى في كتابه العزيز على القراءة. بل أنّ أوّل آية نزلت من القرآن الكريم هي (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق/ 1-5).

والقراءة في واقعنا الحالي هي الحد الفاصل في معرفة المتعلمين من الأميين. لذلك كانت القراءة مرتكز من المرتكزات في التعلم والتعليم.

فالقراءة تعتبر هي المرحلة الأولى التي يقوم بها الطالب إذا حاول الاستذكار بعد أن يكون قد جمع شتات عقله. وأحكم السيطرة والتركيز والانتباه والقراءة إحدى الوسائل التي تعطي الطالب فكرة عامة عن الموضوع المراد مذاكراته وهي الوسيلة الأساسية التي من خلالها يبدأ الطالب الدراسة.

إلّا أنّ القراءة وحدها لا تكفي وإن كانت على قدر من الأهمية، ولكن يجب أن يتبع هذه القراءة بفهم لما يقرأ. تكون من خلاله القراءة ذات أهمية أكبر للطالب.

 

رابعاً- فهم ما يقرأ:

إنّ للفهم أهمية كبرى في سرعة التعلم وسهولة الاستذكار. لذلك يجب أن يحاول الطالب فهم ما يريد قراءته أو حفظه. ومما لا شك فيه أنّ الإنسان يستطيع أن يتذكر المعلومات التي يفهمها أكثر مما يستطيع أن يتذكر المعلومات التي يحفظها دون أن يفهمها.

وقد يأخذ الحماس بعض الطلبة في بداية تنظيم دراستهم في محاولة الحفظ بدقة وذلك في بداية عملية التعلم كالحفظ نقطة فنقطة وبكل تركيز. لكن كثيراً ما يصاب هؤلاء الطلبة بخيبة أمل شديدة بسبب ما يجدوه من السرحان أو ما يجدوا من بطء في عملية الحفظ أو صعوبة في المواد.

لذلك فإنّ هناك بعض الوسائل التي تعين على فهم المواد بطريقة سهلة وبسيطة تتلخص في الآتي:

1-    استعراض المادة مجملة:

إنّ استعراض المادة مجملة يعطيك فكرة موسعة عما تحويه المادة من موضوعات لذلك ينصح باتباع الخطوات التالية كي تستطيع أن تستعرض المادة مجملة.

-         القراءة بدقة وإمعان وتفهم:

وتدوين المذكرات والنقاط الهامة. التي ستفيد كثيراً بتوفير الوقت وعدم إضاعته في الموضوعات والتفصيلات غير المهمة، في حالة الرجوع إليها مرة أخرى.

-         حفظ العناوين الكبيرة:

إنّ من شأن حفظ العناوين الكبيرة هي إثارة الرغبة للتعرف على ما يحتويه هذا العنوان من معلومات. وبذلك يسهّل الربط بين هذه المعلومات والعنوان.

-         وضع أسئلة على الهامش والتعرف على إجابتها من خلال نصوص الموضوعات. فهي إحدى الطرق التي يمكن من خلالها أن نقيس مدى الفهم والاستيعاب للموضوع.

-         الاهتمام بالرسوم التوضيحية. ومحاولة فهمها فهماً جيداً والتعرف على مدلولاتها لأنّ من شأن الرسوم التوضيحية أن تحوي أكثر من نقطة مهمة، كما من شأنها تبسيط الموضوعات المعقدة المتناثرة أو المطولة. وكما يقول المثل الصيني: "صورة تغني عن ألف كلمة".

-         أما إذا كلفت بدراسة كتاب ما. فمن المستحسن أن تبدأ بقراءة الفهرس لتكوين فكرة أولية عن الموضوعات والمعلومات التي يحتويها الكتاب. ثم تصفح الكتاب بصورة سريعة لمعرفة طريقة تسلسل وتنظيم الموضوعات داخل الكتاب، ثم قراءة المقدمة قراءة سريعة لما تحتوي عليه من أهمية وفائدة خصوصاً توضيح الغاية من كتابة هذا الكتاب والنتائج المستخلصة منه.

2-    البحث عن المبادئ والقوانين العامة:

إنّ المبادئ والقوانين العامة من شأنها أن تساعد كثيراً في سرعة الفهم والتذكر وفي بعض الحالات قد تغني كثيراً معرفة المبادئ والقوانين العامة عن حفظ صفحات كاملة أو أرقام متنوعة. فالمبادئ العامة هي الأسس والمرتكزات التي ترتكز عليها الأفكار التي تتضمنها المواد المقروءة. هي كذلك تساعد على فهم كثيراً من التفصيلات الأخرى.

3-    ربط القديم بالجديد:

حاول دائماً أن تربط المعلومات القديمة بالمعلومات الجديدة التي تعلمتها. وذلك من خلال معرفة أوجه العلاقة بينهما سواء التشابه أو الاختلاف. فقد تجد ارتباط أو تشابه بالمبادئ والأسس بين القديم والجديد مما يسهل عليك الفهم والحفظ أيضاً.

كما أنّ من شأن ربط المعلومات القديمة بالمعلومات الجديدة التذكير بتلك المعلومات المخزونة داخل الذاكرة.

4-    تعلم طريقة القراءة الصحيحة:

لا شكّ أنّ لطريقة قراءة الشخص أثر كبير في سرعة الإدراك والفهم. وكثيراً ما قد يتخلل القراءة بعض العادات السيئة التي تعيق الإدراك والفهم لذلك فمن لوازم القراءة الصحيحة. الرؤية الواضحة – الإبصار السليم – حركة العين. وهما من الأمور الهامة التي تساعد كثيراً في سرعة القراءة خصوصاً في بعض الظروف المهمة. فالقارئ البطيء في الغالب يقف عند كلّ كلمة من كلمات السطر وهو يقوم بقراءة كلّ كلمة باعتبارها وحدة منفصلة عن الجملة وهذا من شأنه أن يضيّع كثيراً من الوقت وأن يؤدي إلى قلة في الفهم.

ومن أهم حركات العين الصحيحة هي التحرك في اتجاه واحد وعدم الرجوع إلى الوراء بدون مبرر. وهناك عدة تمرينات تساعد على تنظيم حركة العين.

وأيضاً من العادات السيئة في القراءة، هي القراءة بصوت عال أو تحريك الشفتين واللسان أثناء القراءة. وهي تعتبر عامل تشويش للانتباه وسبب في إبطاء القراءة. لذلك ينصح بالتدريب على القراءة بالعينين فقط. أي مجرد رؤية الكلمة لكي تفهمها دون الحاجة إلى مساعدة اللسان والشفتين.

وبعض الناس يفضل أن يقرأ بصوت مرتفع ليحقق بذلك هدفان في آن واحد وهو رؤية ما يقرأ من ناحية ومن ناحية أخرى سماع ما يقرأ. وبذلك يكون قد استطاع أن يشغل حاستان من حواسه في موضوع واحد لكي يساعد ذلك في حصر الذهن والتركيز.

وإليك هذه التجربة التي أوردها ديل كارنيجي على الرئيس الأمريكي الأسبق إبراهام لنكولن يقول:

"أنشأ لنكولن عادة لازمته طيلة حياته كان يقرأ بصوت مرتفع دائماً ما يرغب في تذكره، وفي كلّ صباح، حالما يصل إلى مكتبه في سبر ينغفيلد، كان يجلس على كرسيه الضخم ويمدد قدميه على كرسي مجاور، ويقرأ الصحيفة بصوت مرتفع وقد قال شريكه في المكتب: "أزعجني فوق الحدود. فسألته لماذا تقرأ بهذا الشكل؟ فأجابني: عندما أقرأ بصوت مرتفع، فإنّ حاستين تلتقطان الفكرة: أوّلاً أرى ما أقرأ، وثانياً، اسمعه، لذلك يمكنني أن أتذكر ما أقرأه بشكل أفضل".

 

خامساً- الحفظ:

إنّ الخطوة السابقة كانت خطوة للفهم مع القراءة إلى جانب أنّها خطوة لأخذ فكرة شاملة، ومما لا شكّ فيه أنّ هناك بعض المواضيع وبعض النقاط تحتاج إلى حفظ عن ظهر قلب. كالقوانين والمعادلات والقصائد الشعرية. وتبرز هذه النقاط بشكل أوضح في المواد ذات الصبغة الأدبية.

والحفظ هو إحدى العقبات الرئيسية الهامة التي تقف أمام الطلبة خصوصاً أصحاب الطاقات والمهارات المتوسطة. أو أولئك الذين يكرهون مبدأ الحفظ.

لذلك كان لابدّ من توضيح بعض الخطوات التي تسهّل وتساعد على عملية الحفظ. وهي تتلخص فيما يلي:

1- التعرف على النقاط الأساسية في الدرس ووضع خط تحتها لكي يمكن تمييزها بسهولة عن باقي محتويات المادة. وتكرارها ما أمكن ذلك لأنّ التدريب على رسمها سيساعد على تثبيتها بصورة أسرع خصوصاً بعد فهمها.

2- حفظ الرسوم التوضيحية والتدرب على رسمها ما أمكن ذلك. لأنّ التدرب على رسمها سيساعد على تثبيتها بصورة أكبر خصوصاً إذا علمنا أنّ حفظ الرسم ممكن أن يغني عن حفظ صفحات كثيرة من المواد المدروسة.

3- إذا كانت الموضوعات المراد حفظها طويلة ومعقدة فينصح بتقسيم المادة إلى وحدات متماسكة ومترابطة ومبسطة. لكي يساعد ذلك على سهولة الحفظ. أما إذا كانت الموضوعات سهلة وقصيرة فيفضل عدم تجزئتها. وفي بعض الحالات يفضل الجمع بين الطريقتين فيتبع طريقة التجزئة في المرحلة الأولى بينما تتبع طريقة الكلّ في المرحلة التالية.

كما لو حدث في حفظ قصيدة شعرية من تجزيتها أوّلاً إلى بيتين بيتين يتم حفظهما على حدة. ثم تكون المرحلة التالية ألا وهي حفظ الأبيات جميعها. أو كما يحدث في حالة حفظ آيات من كتاب الله الكريم بأن يقوم الطالب في البداية بحفظ مجموعة من الآيات. ثم يقوم بعدها بحفظ مجموعة أخرى. وفي المرحلة التالية يقوم بحفظ المجموعتين مع بعضها البعض.

4- الحفظ السريع: وهذا يحتاج إلى تدريب ومران وعدم تردد. لأنّه سيلاحظ في عمليات الحفظ الأولى كثرة الأخطاء. والتي تتلاشى تدريجياً مع كثرة التدريب والتمرين. والطالب يحتاج إلى الحفظ السريع ليس في المذاكرة فقط بل في كثير من جوانب الحياة اليومية. كالمواعيد والمقابلات وما إلى ذلك من أمور أخرى.

5- لأكبر قدر من الاستفادة والسرعة في الحفظ ينصح باتباع طريقة "التوزيع" أي أن يوزع الشخص تدريبه على الحفظ في أوقات مختلفة بحيث تتخلل هذه الأوقات فترات للراحة. وهي أفضل من الطريقة المتواصلة أي دون أخذ فترات راحة. وهي أيضاً تساعد على سرعة التعلم والحفظ. بل كذلك مفيدة في تثبيت التعلم في الذاكرة وهذا يظهر واضحاً كلما طالت المدة التي تفصل بين الحفظ والتذكر.

6- كما ينصح بحفظ المواد بالطريقة التي سوف تستعمل بها. فلو أردنا مثلاً حفظ سورة من القرآن الكريم، فإنّنا لا نقوم بحفظها كما لو كنا نريد حفظ قصيدة شعرية بل على العكس، نقوم بحفظها بالترتيل مع التجويد. لأنّ الطريقة التي سوف نستخدمها لقراءة وتسميع السورة لابدّ أن تكون محتوية على الترتيل والتجويد.

7- حاول دائماً مراجعة حفظك قبل فترات الراحة والنوم. لأنّ الراحة والنوم تساعد بشكل أو بآخر على تثبيت المعلومات في الذاكرة تثبيتاً جيداً.

 

سادساً- التسميع:

التسميع هي المرحلة المرادفة واللاحقة للحفظ، حيث إنّ التسميع يعتبر الجزء المكمل للحفظ، ولكنا أوردناه في جزء مستقل لكي نعطيه بعض التفصيل على قدر أهميته.

والتسميع بصورة موجزة هو: "التأمين على المعلومات ضد النسيان".

·      وتبرز أهمية التسميع في الآتي:

1- الكشف عن مواطن الضعف والخطأ التي قد يقع فيها الطالب. فهي بذلك تؤدي دور المرآة على الذاكرة.

2- التسميع هو الوسيلة الأساسية في تثبيت المعلومات وزيادة القدرة على التذكر ولفترات أكبر.

3- كذلك تبرز أهمية التسميع في كونه الدواء لداء السرحان وأحلام اليقظة خصوصاً أوقات حفظ النقاط الهامة والأساسية في المواضيع.

·      طرق التسميع:

تختلف طرق التسميع تبعاً لاختلاف المواد. وكذلك تبعاً لطريقة الطالب في المذاكرة. ومع ذلك فهي في العموم تنقسم إلى ثلاث أقسام: (تسميع شفوي – تسميع تحريري – تسميع عملي).

إلّا أنّ أفضل طرق التسميع هي تلك الطريقة التي سوف تستخدم بها المادة فلو كانت المادة علمية فإنّ أفضل طريقة هي الطريقة العملية (أي اقامة التجارب). بينما لو كانت المادة أدبية فمن الأفضل أن تكون طريقة التسميع إما شفوية أو تحريرية.

لذلك سنوجز بعض التوضيحات على هذه الطرق:

1-    التسميع الشفوي:

أسهل الطرق وأسرعها وهي قد تكون على ثلاث أنواع، أما التسميع بين الطالب ونفسه، أو التسميع بين الطالب وزملائه، أو عن طريق المناقشة.

ومع كلّ هذه الطرق فلابدّ للطالب من الرجوع إلى كتاب أو مرجع بين الحين والآخر حينما يتعرّض لبعض الأجزاء غير المتأكد منها.

2-    التسميع التحريري:

هي الكتابة بشتى طرقها سواء كتابة الموضوع كاملاً أو كتابة النقاط المهمة والقوانين والنظريات، أو حتى الرسوم التوضيحية. وهذه الطريقة أكثر فائدة من سابقتها، لأنّها تكشف بصورة دقيقة عن الأجزاء التي لم يستطع الطالب حفظها جيداً والتي قد تحتاج إلى مزيد من العناية والتركيز.

 

سابعاً- المراجعة:

قليل من الطلبة الذي يدرك أهمية المراجعة، والقليل منهم من يقوم بمراجعة المواد الدراسية خلال العام، بل الغالبية منهم لا تقوم بالمراجعة إلّا في أوقات الامتحانات، وذلك بسبب الجهل بأهمية هذه المرحلة.

·      ويكفي للمراجعة أهمية أنّها:

1- تساعد على تثبيت المعلومات بأقل جهد ممكن وبأسرع وقت، إلى جانب سهولة استحضار المعلومات متى ما سأل عنها الطالب، خاصة في المواقف المفاجئة كالامتحانات القصيرة أو الشفوية.

2- كما تبرز أهمية المراجعة إذا كانت الموضوعات مترابطة مع بعضها البعض فإنّ المراجعة في هذه الحالة تسهّل فهم ما يستجد من موضوعات أثناء تلقيها.

3- كما تفيد المراجعة في أنّها تساعد على تنظيم الوقت بطريقة عملية وسهلة وتمنع تراكم المواد وتكدسها حتى فترات الامتحانات.

·      كيفية المراجعة:

لا شكّ أنّ طريقة المراجعة تختلف من شخص لآخر كما أنّها تختلف من مادة لأخرى ذلك لأنّ المراجعة عملية لا يوجد لها ضوابط محددة. بل إنّها متروكة حسب إمكانيات كلّ طالب.

ولكن للمراجعة بعض النقاط الهامة التي يجب ألا يغفل عنها أي طالب حين قيامه بالمراجعة. والتي تتلخص بالتالي:

- استرجاع وتسميع ما سبق حفظه مع التدقيق في النقاط الصعبة التي تصادف الطالب أثناء الذاكرة.

- مراجعة العناوين الكبيرة والنقاط الهامة، وخاصة القوانين والمعادلات والنظريات والرسوم التوضيحية من فترة لأخرى.

- محاولة الإجابة على بعض الأسئلة الشاملة والتي تكون موجودة غالباً في نهاية الموضوعات الدراسية. أو التي تكون ضمن أسئلة الامتحانات للسنوات السابقة. فهذه الأسئلة تفيد كثيراً في معرفة الأسس التي توضع عليها الامتحانات. وكذلك معرفة صياغة الأسئلة التي ستواجه الطالب في الامتحانات القادمة.

- ليحاول الطالب قدر الإمكان أن يجعل في طريقته للمراجعة نوع من التحدي والحماسة سواء مع نفسه أو مع الزملاء الآخرين كأن تكون على طريقة المناقشة والأسئلة.

- كما ينصح بمراجعة المواد الدراسية التي تم تلقيها في نفس اليوم. وذلك بعد الرجوع إلى المنزل. لأنّ تكرارها سيساعد كثيراً على تثبيتها. واكتشاف النقاط غير الواضحة.

- كذلك ينصح باستغلال أوقات الفراغ خلال أيام الأسبوع أو خلال عطلة نهاية الأسبوع وخصوصاً قبل فترة كافية من الامتحانات.►

 

المصدر: كتاب الأسلوب الأمثل (للدراسة.. والاستذكار.. والتفوُّق)

ارسال التعليق

Top