• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

المساجد بيوت الطاعة والعبادة

المساجد بيوت الطاعة والعبادة

◄لا أدلّ على عظيم مكانة المساجد عند الله تعالى من جعلها مكاناً لإقامة تلك العبادة "الصلاة" التي عندما أراد سبحانه فرضها لم يُرسل الأمر مع جبريل (عليه السلام) ككلّ الفرائض الأخرى، ولكنّه أسرى بنبيّه الأكرم ورسوله الأعظم (ص) من مسجد إلى مسجد، قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ (الإسراء/ 1)، ثم عرج به إلى السموات العلى وخاطبه سبحانه في ذاك المقام الشريف، وفرض عليه وعلى أمّته هذه الشعيرة العظيمة التي اختصّها الله من بين سائر شرائع الإسلام بذلك، ولمّا كان السجود أشرف أجزاء الصلاة، وموضع القرب، وبه يتجلّى التواضع والخضوع، والتذلّل لله جلَّ وعلا، اشتُقّ اسم المكان منه، فقيل: مسجد، ولم يقل مركع أو غير ذلك.

 

عُمّار المساجد صفوة خلق الله

وممّا يدلّ كذلك على مكانة المسجد عند الله أنّه جلّ شأنه جعل عمّاره مادّياً ومعنوياً هم صفوة خلقه من الأنبياء والمرسلين، وأتباعهم من عباده المؤمنين، قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (البقرة/ 127- 129).

وقد جعل الله سبحانه بنّاءها وعُمّارها يكتسبون عظيم ثنائه عليهم، ويوصف ـ من وجه آخر ـ خرّابها وهدّامها بأقبح الصفات وأشنعها.

 قال الله جلّ شأنه ممتدحاً بُنّاءها وعُمّارها: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ (التوبة/ 18).

 وقال سبحانه ذاماً خُرّابها وهُدّامها: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (البقرة/ 114).

 

على خطى النبيّ الأكرم (ص)

على خطى النبي الأكرم (ص) درج المسلمون الأوائل، ومن خَلفهم من أهل الخير باهتمامهم بالمسجد وكانوا إذا أرادوا الإقامة في بلد من البلدان أول ما يشتغلون به بناء المسجد، لِما سمعوه وبلغهم من قول النبيّ (ص): «ومن بنى لله مسجداً ولو -كمفحص قطاة- بنى الله له بيتاً في الجنّة».

 وقوله (ص) في هذا الحديث الذي أوردناه: "ولو كمفحص قطاة" أراد المبالغة في الصغر، حتى لا يحتقر أحد ما بناه من المساجد ولو في غاية الصغر، وقد يدخل في ذلك من ساهم في بنائه ولو باللبن أو الطين، أو عمل فيه بيده، أو دفع أجرة العاملين ونحو ذلك من العمل الذي يُنسب إلى صاحبه أنّه ساعد في بناء المسجد بنفسه أو ماله، احتساباً عند الله تعالى، وطلبَاً للأجر المترتّب على هذه الأعمال.

 روى الإمام الكاظم موسى بن جعفر عن آبائه الكرام (عليهم السلام) عن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) قال: «إنّ الله إذا أراد أن يُصيب أهل الأرض بعذاب، قال: لولا الّذين يتحابّون بجلالي، ويعمرون مساجدي، ويستغفرون بالأسحار، لأنزلتُ عذابي».►

     

المصدر: كتاب طلائع القلوب

ارسال التعليق

Top